بروفيل «فتحي رضوان».. الأدب والسياسة وجهان لحرية واحدة

كتب: إسلام عبد الوهاب الأربعاء 19-06-2013 17:50

«ليس من الجائز فى رأيى تصور كيانين منفصلين، أحدهما يسمى أدباً والآخر سياسة، فالأدب والسياسة فى نظرى شىء واحد، لأن موضوعهما واحد، وهو الناس.. فمجالى النشاط السياسى والعمل الأدبى، بعد تجريد كل منهما من الظروف الخاصة به، هو فى حقيقة الأمر مجال واحد، وهو حرية الإنسان».

«فتحى رضوان» والذى ولد فى 14 مايو 1911 بمحافظة المنيا، جمع بين الأدب والسياسة، بين عمله كمحامى ـ التحق بكلية الحقوق عام 1929ـ والكتابة الأدبية من قصة إلى سير شخصية إلى مسرح، «لست متعصباً للكلمة، أو للفكر على حساب العمل، ولكننى مؤمن مع ذلك أن كل شىء يزول ما عدا الكلمة».

ثلاث مجموعات من الكتب وجدهم فى البيت حين ولد، كتب دينية وتراث عربى قديم، وروايات جورجى زيدان، وأعداد جريدة «اللواء» التى كان يصدرها «مصطفى كامل»، وكانت هذه المجموعات ملك لوالدته، وكانت هذه الكتب كفيلة لأن يحب الطفل القراءة والكتابة، والسياسة أيضاً.

«السيدة زينب» الحى الذى نشأ فيه هو الذى نما لديه الحس الوطنى والسياسى، «ما أكثر الخطب الدينية التى سمعتها داخل المسجد وخارجه، فقد كان مسجد السيدة زينب هو المنبر الثانى لثورة 1919».

وهو صغير كان يعتقد أن «مصطفى كامل» أحد أقاربه نظراً لوجود صورة فوتوغرافية كبيرة له فى بهو البيت، وكان إذا زاره زملاؤه أخبرهم بأنه قريبه من الباشوات، لذلك، التحق بحزب «مصر الفتاة» من 1933 وحتى 1937، ثم انضم إلى «الحزب الوطنى» الذى أسسه «مصطفى كامل» وأراد أن يعيد الحزب إلى أفكار مؤسسه، وحين فشل، عمل كسياسى مستقل ودشن مع زملائه «اللجنة العليا للحزب الوطنى» وأصدروا جريدة «اللواء الجديد».

«إلى الشباب: الذى طهرته المحن وصقلته الآلام، وهيأته نفسه لجهاد طويل لا يضعف فيه ولا يلين» هذا هو الإهداء الذى كتبه «رضوان» فى كتابه الأول «غاندى» والذى صدر عام 1934، وكان الكتاب ربط بين منهج «غاندى» فى الكفاح السياسى والأوضاع فى مصر، بعدها كتب عن النبى كتابان هما «محمد» و«محمد الثائر الأعظم» وكانا الهدف منهما تعريف الشباب بالجوانب الإنسانية للنبى، بعدها توالت كتبه عن «موسوليني» و«ديفاليرا» و«مصطفى كامل».

تأثر «رضوان» بالكاتب الروسى «تولستوى»، وكان يلخص فلسفة «تولستوى» السياسية فى «أن العنف هو أصل البلاء فيما يصيب البشر»، ولكن هذه الفلسفة أوقعته فى أزمة حين كان يمارس السياسة، فإما أن يتبنى فكرة «المقاومة السلمية» لـ«غاندى» أو يتبنى فكرة رد العنف بعنف مماثل كحركة «الشين فين» فى أيرلندا، لكن «رضوان» استطاع أن يجد فلسفته الخاصة فى هذا الشأن إذ يقول «لكى أضع حداً لهذا الحرج اعتبرت أن مقاومة الضعفاء للأقوياء بالقوة لا تتأتى إلا إذا كان هؤلاء الضعفاء قد أعدوا أنفسهم للمقاومة السلمية بصرف النظر عما قد يصيبهم من خسائر».

بين أربعة جدران اعتقل «رضوان» فى 1933 وعاد للاعتقال عقب حريق القاهرة بسبب كتاباته وهجومه على الملك والإنجليز، لكن الاعتقال الأخير لم يدم طويلاً فقط بضعة أشهر وقامت ثورة يوليو وتحرره وجميع الوطنيين.

ما بين وزيراً للدولة فى وزارة «محمد نجيب» الأولى ووزيراً للإرشاد القومى ثم وزيراً للأشغال العمومية ثم العودة لوزارة الإرشاد القومى فى عهد «جمال عبدالناصر» وأخيراً عضواً بمجلس إدارة البنك المركزى المصرى فى عهد «أنور السادات»، ظل «رضوان» محامياً يدافع عن حقوق المهضومين، ويكتب عنهم فى الصحف وفى مؤلفاته الأدبية.

«دموع إبليس» و«شقة للإيجار» و«إله رغم أنفه» و«أخلاق للبيع» أبرز أسماء مسرحيات «رضوان» الذى رحل فى عام 1988، فى هدوء سياسى وأدبى، «لم يعل قدر الأديب، إلا وكان له موقف من الدولة التى يعيش فيها.. وكان لهذه الدولة موقف منه مهما حاول أن ينأى بنفسه عن عالم السياسة والحكم والحكام».