الظاهر.. أم الباطن!

عباس الطرابيلي الإثنين 04-01-2021 02:31

كثير من الساسة نهاياتهم غير بداياتهم، خصوصاً دول العالم الثالث، إذ كم من الثورات تمسحت بالديمقراطية.. ثم أصبحت ديكتاتورية.. بل إن كثيراً من الدول الشيوعية ادعت أنها ديمقراطية.. بل أصبحت كلمة ديمقراطية فى صلب اسمها الرسمى، بالذات الدول التى أخذت بالشكل الديمقراطى ولكنها كانت تحكم بالحديد والنار، وسرعان ما ظهر ذلك بالذات فى الدول التى وقعت تحت الحكم الشيوعى، ومنها مثلاً ألمانيا الشرقية التى كان اسمها الرسمى: ألمانيا الديمقراطية، ورغم ذلك عانى شعبها من التسلط، بل كانت ألمانيا الشرقية هذه عبارة عن سجن كبير.. وهل ننسى السور الرهيب الذى كان يحيط بكل ألمانيا الشرقية هذه.. وكان الموت ينتظر كل من يحاول الاقتراب من هذا السور، وقد عشت فترة هناك لدراسة علوم إدارة الصحف فى معهد الصحافة فى برلين.. إذ كان أى فرد قبل أن ينتقل من مدينة إلى أخرى عليه أن يخطر السلطة المحلية قبل أن يتحرك.. وكذلك كانت كل الدول الشيوعية فى أوروبا مثل المجر ورومانيا وألبانيا ويوغوسلافيا وبلغاريا، حتى وإن كانت الدولة تدبر وتحرص على توفير أساسيات الحياة.. وأتذكر أن المواطن الألمانى الشرقى كان عليه أن ينتظر ربما ١٠ سنوات حتى يجىء عليه الدور.. ليحصل على شقة من ٦٠ متراً!! ولهذا لم تعمر هذه الدول كثيراً وسقطت هذه الديمقراطية الزائفة قبل أن ينتهى القرن العشرون.

ونجد أيضاً ثورات قامت فى دول عانت من الاستعمار ولكنها عانت أكثر عندما انطلقت الثورة بها، وأمامنا نجد معظم ثورات العراق، وسوريا، والسودان، وليبيا، وكل الدول الإفريقية، وهذه الدول عانت من نهب ثرواتها وهى تحت الحكم الاستعمارى.. ثم عانت أكثر - بعد أن تحررت - وتولى من رجالها إدارتها وأفضل مثال: صدام حسين فى العراق وعمر البشير فى السودان، والكونغو، ومعظم دول إفريقيا تحت خط الاستواء.. وربما ما تم نهبه من ثرواتها بأيدى حكامها الثوريين أبشع من النهب الذى عانت منه تحت الاستعمار، ومن هؤلاء موبوتو، مثلاً، وإمبراطور إفريقيا الوسطى!.

■ ■ أى أن ظاهر هذه الدول كان ديمقراطياً.. ولكنها كانت تحكم ديكتاتورياً فى الحقيقة.. ولذلك تعددت الثورات فى هذه الدول.. وكان رجل كل ثورة يقدم نفسه على أنه الثائر المخلص والأمين، وأيضاً كان عمر البشير مثلاً صارخاً.. ولذلك لم يهنأ السودانيون وتعددت ثوراتهم.. وتم نهب ثرواتهم!! وحتى الثائر الأعظم فى أمريكا الوسطى والجنوبية، بوليفار نفسه انتهى بالسجن واستغلال النفوذ.. وتمت محاكمته.

حقاً: الباطن شىء.. والظاهر شىء آخر.