بين موسى.. وأبوالغيط!

سليمان جودة الإثنين 04-01-2021 02:31

لم يشأ أحمد أبو الغيط، أمين عام الجامعة العربية، أن يخدع مستمعيه فى مقر معهد البحوث والدراسات العربية، فأشار وهو يتحدث إليهم قبل أيام إلى أن ما سوف يقوله على مسمع منهم، ليس هو كل ما يريد أن يقول فى قضايا مختلفة، لا لشىء، إلا لأن منصبه يفرض عليه قيوداً مفهومة!

كان الأمين العام يتكلم فى لقاء أداره الدكتور محمد كمال، وكان يتطلع إلى القضايا التى راح يتنقل بينها، كما يتطلع الطائر إلى الأرض من الفضاء!

وكان من الطبيعى أن ينظر إلى الصين وروسيا من حيث وزنهما على الخريطة فى عامنا الجديد.. ثم كان من الطبيعى أن يتوقف قبلهما أمام النفوذ الأمريكى الذى يتوقع له استمراراً فى العالم يمتد إلى نهاية هذا القرن، وأن يستوقفه ما يسمى هذه الأيام بالأمن السيبرانى ومعاركه بين شتى الدول، وأن يخيفه أن تأتى لحظة على عالمنا يتصرف فيها الذكاء الاصطناعى من تلقاء ذاته، دون انتظار تعليمات تأتيه من الذين يتحكمون فيه من البشر!.. هذه لحظة مخيفة يمكن أن تكتب نهاية للحياة على ظهر الكوكب!

ثم كان من الطبيعى كذلك أن تستوقفه هذه الحركة السلبية النشطة لدول الجوار فى عالمنا العربى.. وحين ناقشنى قبل أسبوع فيما دعا إليه عمرو موسى قبل عشرة أعوام فى هذه المسألة، كان تقدير الأمين العام أن التعامل الآن مع دعوة موسى القديمة يجب أن يكون فى هدوء وفى حذر.. أما تفاصيل الدعوة فموجودة فى كتاب عمرو موسى الجديد (سنوات الجامعة العربية) وتتحدث عن رابطة تضم دول الجوار مع الدول العربية ويحكمها الحوار.. وأما لماذا علينا أن نأخذها فى هدوء وفى حذر، فلأن العالم العربى اليوم، ليس هو العالم الذى جرى فيه طرح المبادرة من جانب صاحبها قبل هبوب رياح ما يسمى بالربيع العربى بشهور!

فيما يخصّنا كان حديث أبو الغيط فى المعهد عن قضيتين اثنتين، إحداهما قضية الدولة الوطنية التى علينا تثبيت أركانها فى مواجهة سياسات حول المنطقة تضع الجماعات فيها فوق الدول.. والثانية هى الفكر المتطرف الذى علينا فى مواجهته أن نقدم لأنفسنا وللعالم مبادئ الدين الوسطية بما يؤدى إلى تجريد كل تطرف من ثيابه!.. أما القضية فى فلسطين فعلينا أن ننقذها من نفسها، قبل أن ننقذها من أى شئ آخر!

وإذا كان لى أن أدعو السيد الأمين العام إلى شىء، فهذا الشىء هو أن يكون للجامعة موقف معلن فى قضية التطبيع، التى بدأت وتمددت على نحو مفاجئ فى العام المنقضى، وسوف تصاحبنا فى هذا العام فيما يبدو.. إنها أحوج ما تكون إلى مبادئ حاكمة!