يعد الإنجاز سمة مهمة من سمات هذا العصر الذى تتسارع أزمانه وتتلاحق أحداثه، مما يحتم على من يريد العيش فى عصره فردا كان أو مؤسسة، أن يواكب هذه المستجدات بالمنجزات التى تناسبها وتفى بواجب الوقت الذى كلفها الله به، وفقه الإنجاز فى دار الإفتاء المصرية لا يَخْرُج عن هذا المعنى، لأن العمل الإفتائى ليس عملا فقهيا مجردا عن إدراك الواقع وملاحقة النوازل، بل إن إدراك الواقع ركن أساسى من العمل الإفتائى، فهناك ارتباط وثيق وتلازم واضح بينهما
إن العمل المؤسسى الدؤوب الذى قاده فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية وأسّسه بناء على فلسفة ورؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية التى اعتمدت مبدأ الشمولية المعنية بتغطية جميع المجالات، فخطورة التحديات التى تواجهنا لا تُفسح مجالا للتسويف أو التأجيل أو التجاهل، وهذه الفلسفة أيضا تعتمد مبدأ الدقة واتباع أفضل وأحدث الأسس والأساليب العلمية، حتى لا يكون الإنجاز قائما على الوهم.
فلسفة الرئيس السيسى تعتمد مبدأ ملاحقة الزمن، فلا مجال للتأخير فى عالم يموج بالأحداث والتحديات والصراعات على مدار اللحظة، إيمانًا من الرئيس السيسى بأن مصر لها مكانة لائقة بها يجب أن تتبوأها فى سباق الإنجاز العالمى، رغم قسوة التحديات الاقتصادية والأمنية والعسكرية، وكان من فلسفة الرئيس السيسى بناء هذا الإنجاز الشامل للبشر والحجر على أسس من المبادئ والقيم، باعتبارهما ضمانة البقاء والخلود، فالزبد يذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
فعندما نذكر مثلا أن دار الإفتاء قد استوعبت أكثر من مليون وثلاثمائة ألف فتوى على مدار عام 2020 فلابد ومن خلال التحليل الدقيق المُنصف أن ندرك ما وراء هذا الرقم من جُهد واجتهاد جماعى وبحث فقهى مُعمَّق لكل قضية تتعلق بهذه الفتاوى حتى قبل أن ترد إلى دار الإفتاء، وبخاصة أن مجال العمل الإفتائى لم يَعد قاصرًا على قضايا الأحوال الشخصية، بل إن ما يرد إلى دار الإفتاء المصرية من أسئلة واستفسارات أصبح شاملا لكافة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، هذا فى مجال الإفتاء فقط، فإذا أضفنا إلى هذا جهود دار الإفتاء فى مواكبة القضايا العامة مثل جائحة كورونا والإجابة عن كافة الأحكام والفتاوى الخاصة بالتدابير والإجراءات الاحترازية التى ساهمت فى توعية الشعب المصرى بما يجب أن يفعل أو يجتنب شرعا جراء هذه الجائحة لعلمنا حجم ودقة ومواكبة الإنجاز.
وليس هذا فحسب، بل هناك جهود الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم فى جَمع علماء الأمة ومؤسساتها الإفتائية تحت مظلة واحدة لتوحيد الفكر الإفتائى وتبصير العالم بحقيقة ما يجرى، ومواجهة ما تبثه جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها من الجماعات الإرهابية من أفكار فاسدة من شأنها تقويض أمن وسلامة المجتمعات وتشجيع العدوان التركى الغاشم على البلاد العربية، ونهب ثروات ومقدرات شعوبها والتدخل السافر فى شؤون الدول دون وجه حق.
لقد استتبع ذلك أن تقوم الأمانة بعقد المؤتمرات العالمية والندوات والدورات التدريبية التى استهدفت تدريب وإعداد الكوادر القادرة على مجابهة الفكر التكفيرى ورد شبهات هذه الجماعات الضالة، ونشر الفكر الوسطى المعتدل وإشاعة قيم المحبة والتعايش بين الشعوب على اختلاف أطيافها، وكان لمرصد الفتاوى التكفيرية والمتطرفة فضل كبير فى رصد وحصر ما يصدر من فتاوى أو أسئلة أو قضايا أو بحوث فيما يخص مجال التطرف والإرهاب، وهناك الكثير والكثير من النشاطات التى شملت القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والتعليمية التى قامت دار الإفتاء المصرية بمواكبتها بناء على استيعابها وفهمها لفلسفة الإنجاز التى يتبناها القائد الرئيس عبد الفتاح السيسى، والذى تلخص فى الشمول والدقة والزمن، وانعكس على حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية بما لم يكن يتوقع حدوثه أحد المحللين فى تلك السنوات القليلة التى قاد فيها الرئيس السيسى قاطرة التنمية والتحديث للدولة المصرية الحديثة.
لم يعد مستغربًا لدى الشعب المصرى أن يفاجأ صبيحة كل يوم بافتتاح الرئيس لمشروع تنموى عملاق، وربما يفتتح فى اليوم الواحد العديد من المشروعات، وقد تمكنت هذه الفسلفة الحكيمة من التأثير الإيجابى الكبير على وضع مصر فى مكانتها اللائقة بها بين دول العالم وأصبح لها كلمة وصوت مسموع لا يجرؤ أحد على تجاهله، ومن ثم فإن دار الإفتاء المصرية تفخر وتعتز بكونها ركنًا من أركان هذه القاطرة المباركة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتتشرف دار الإفتاء المصرية بأنها شاركت وبكل قوة وفى أصعب الظروف فى تصحيح المفاهيم المغلوطة ومجابهة أعداء لوطن، ولم تهتز ولم تتذبذب ولم تخضع لابتزاز الجماعات الضالة، ولم تخش حملات التشويه، ولم تقف على الحياد، لاعتقادها الراسخ أن الوقوف على الحياد خيانة كبيرة وهو فى الحقيقة انحياز صريح غير مُقنَّع لأعداء الوطن، ومعاونة لهم على هدم الوطن، وكل وطنى شريف حر عاقل يدرك أن الحياد فى وقت التحديات الوطنية المصيرية هو عين الخيانة والسقوط فى بئر عداوة الوطن، مهما قيل فيه أو اتخذ مظاهر زائفة باهتة فهو خيانة، وكل هذه التمويهات لن تغير من هذه الحقيقة شيئًا، وسوف تظل دار الإفتاء المصرية على هذا المنهج القويم والفلسفة الحكيمة التى أرساها الرئيس السيسى من أجل أمن واستقرار الوطن وتحقيق الأمن والرخاء للشعب المصرى العزيز.
* أمين عام دور وهيئات الإفتاء