كنت أستعد اليوم لكتابة هذا المقال «موجة الكريمة»، أقصد أن الموجة الثانية من كورونا جاءت بكشف بأسماء نخبة المجتمع.. وكنت أستعرض الأسماء أمام عينىَّ.. من أول الكاتب الكبير وحيد حامد إلى الإعلامى الصديق وائل الإبراشى إلى الفنانة الجميلة يسرا، وانتهاء بالسياسى الكبير عمرو موسى، حفظهم الله جميعًا.
وأستغرب أن الأسماء التى تُصاب يوميًا من النخبة، مع أنهم يتخذون كل الإجراءات الاحترازية ويحافظون على أنفسهم وينتقون ضيوفهم.. ولكن يبدو أن الأمر لا علاقة له بكل هذا الالتزام.. حتى فاجأنى الخبر بوفاة المبدع الكبير وحيد حامد، فأُسقط فى يدى.. فقد انفردت «المصرى اليوم» بنشر الخبر قبل جميع الصحف والمواقع بساعة على الأقل.. ولصدمتى الشديدة، رحت أتابع الخبر وأتحقق منه، وبعد ساعة بدأت الأخبار تنهال من كافة المواقع!
وأحسست بحزن شديد مرتين.. مرة كأى مواطن مصرى مهموم بالشأن العام، ومرة أخرى لأنه كان أحد كبار الكُتاب فى هذه الصحيفة، وفقدنا كاتبًا كبيرًا ومقاتلًا شرسًا لم يستسلم أبدًا، وخاض جميع المعارك من أجل مصر، ومن أجل ما اعتقد أنه الحق.. وترك لنا أعمالًا خالدة فى السينما والتليفزيون والصحافة أيضًا.. ناقش فيها كل قضايا الوطن، خاصة قضية الحريات والإرهاب والجماعات المارقة، وطارد طيور الظلام، وكان واحدًا من رواد القوة الناعمة المصرية، ورغم علاقته بالدولة لم يكن من هذا النوع من الكُتاب، الذى ينافق أو ينحاز بالحق والباطل!
وكان كاتبًا حرًا وناصحًا أمينًا للدولة.. يحلم للوطن ويتمنى أن تكون مصر دولة ديمقراطية حديثة، تفتح الباب أمام حرية الإبداع والتعبير.. سواء فى الفن أو الصحافة، كأنه كان يسجل مواقفه للتاريخ، ودخل فى حروب لا تنتهى ضد الإرهاب والجماعات الإرهابية، ولم يذكر أحد أنه كان يعمل لحساب جهة هنا أو هناك!
رحم الله وحيد حامد، بقدر ما أرسى مبادئ الكتابة الدرامية بإخلاص، وبقدر ما خاض من معارك ضارية وعينه على الوطن قبل أى شىء.. نسأل الله له الرحمة والمغفرة.. وعزاؤنا لأسرته الصغيرة، زوجته الإعلامية الكبيرة زينب سويدان، التى وصفها بأنها «الوتد»، وابنه المخرج الرائع مروان حامد، ولأسرة «المصرى اليوم»، التى أهداها عصارة خبرته وثمرة إبداعه، ولكل مكان عمل فيه بكل التفانى والإخلاص!
لقد تُوّج كل ذلك بجائزة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الأخير، وفاز بالهرم الذهبى وجائزة الإنجاز، وكأنه كان يختم حياته بين زملائه ومُحِبِّيه، وأهم ما قاله وحيد حامد أنه كان يميل للاستفادة من العمل مع الشباب حتى لا يُصاب بالجمود، وكان يشجع شباب المخرجين والفنانين.. وقال إنه استفاد من كل الذين عمل معهم، وهى كلمة كاشفة لشخصية الرجل، الذى قال إنه تعلم من الشباب، كما تعلموا منه، وهى تعكس روح التواضع الذى يتميز به الكبار دائمًا!
رحم الله وحيد حامد بقدر ما أمتعنا وأسعدنا بأعماله الخالدة. وكان اسمه على أى عمل فنى علامة الجودة.