ادخلى برجلك اليمين!

محمد أمين السبت 02-01-2021 06:59

دقت ساعة «بيج بن» فى تمام الساعة الـ١٢ مساء الخميس، وأعلنت بريطانيا انفصالها رسميًّا عن الاتحاد الأوروبى، وودعت نهائيًّا، عقودًا من علاقات التكامل الاقتصادى والسياسى، خيمت عليها علاقة عاصفة استمرت ٤٨ عامًا مع المشروع الأوروبى، وبذلك يعيش الإنجليز رعبين.. الأول رعب غموض المستقبل بدون الاتحاد الأوروبى.. والثانى رعب العام الجديد فى ظل الكوورنا.. بينما العالم يعيش حالة رعب من العام الجديد، وهناك من يقول ساخرًا «ادخلى برجلك اليمين يا شابة»!

أعتقد أن حالة الرعب تتعلق بشخصية بوريس جونسون أيضًا، حيث إن البعض لا يدرى كيف يفكر جونسون فى الأمر وكيف يعبر بهم إلى بر الأمان؟.. فقد عبر عن هذه الحالة الصحفى الإنجليزى قائلًا «أمى بتسألك ليه مبتسرَّحش شعرك».. فرد رئيس الوزراء فى الموضوع وقال «بالعكس أنا بسرّحه وعندى مشط فى المكتب، بس هو طبيعته كده، وعلى كل حال سلملى على ماما»!.. وكأنه يريد أن يقول لها اطمئنى.. فقد كان السؤال يعكس حالة عدم الاطمئنان أكثر منه السؤال عن شعر رئيس الوزراء المنعكش!

الغريب فى الأمر أن رئيس الوزراء جونسون لم يسخر من الصحفى ولم يوبخه ولم يقل له إيه الكلام الفارغ ده.. ولكنه رد مباشرة على السؤال، أما السيدة الإنجليزية فكانت تشير إلى أن رئيس الوزراء غير مرتب وربما ليس لديه خطة يمكن الاعتماد عليها لمواجهة مخاطر الانفصال!

المهم فى الموضوع أن كل الشعوب تعيش حالة رعب مع تباشير السنة الجديدة وتتخوف منها، ولا تعرف كيفية التعامل معها.. هناك حالة غموض تكتنف الجميع.. خاصة أن المرض ينتشر بشكل كبير ويفتك بالناس وربما يهدد بإغلاق جديد يعرض اقتصاد الدول للتراجع، وفى مصر زادت لهجة الدعاء فى كل الرسائل القادمة من هنا وهناك، ولكنها تكشف عن خوف كبير من المستقبل، خصوصًا بعد وقف الفعاليات وجميع الاحتفالات بأعياد رأس السنة والكريسماس، وكأن الناس ذاهبة إلى الجحيم- لا قدر الله!

نام الناس ليلة رأس السنة فى البيوت دون لقاءات أو احتفالات، واطمأن الناس على بعضهم فى التليفون عبر الرسائل أو الاتصالات.. وتعلقت عيونهم بالله.. وفى اليوم الثانى كانت صلاة الجمعة خالية من المصلين، خشية العدوى وأصبحت المساجد شبه خالية، رغم اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية، والتشديد عليها من جانب وزارة الأوقاف، فامتنع الناس بإرادتهم عن الذهاب للمسجد، تتعلق بهم عيون زوجاتهم وأمهاتهم كأنهم يذهبون للحرب!

لا أريد هنا أن أسجل أبدًا مشاعر سلبية أصابت الناس فى بلادنا.. ولكنها حالة عامة تجاوزت الأمصار والأقطار والقارات.. فقد أصبحنا نعيش العالم لحظة بلحظة.. صحيح أن هناك بعض البلدان أجرت احتفالات بمجموعات محدودة وتكنولوجيا عصرية لتلعب بالأنوار وتجدد مشاعر شعبها، إلا أنها ليست احتفالات شعبية على غرار سنوات ما قبل الكورونا، وليس فيها فرحة ولا بهجة، لأن الشعوب هى التى تعطى المذاق للاحتفالات!

استعدوا للسنة الجديدة بروح جديدة، ليس فيها خوف.. وتمنوا من الله أن تكون سنة خير وبركة، وتفاءلوا بالخير تجدوه خيرًا!