«الربيع السودانى» ينتظر «ولادة قيصرية» للإطاحة بـ«البشير»

كتب: أيمن حسونة الجمعة 14-06-2013 19:54

فى نوفمبر الماضي، فشلت محاولة ولادة قيصرية لـ«الربيع السوداني»، بعد نجاح نظام الرئيس عمر البشير، في إحباط محاولة انقلابية، قادها ذراعه اليمني، فى المخابرات صلاح قوش، فيما عرف بـ«ساعة الصفر»، بعد أن تحركت الدبابات، لمحاصرة النظام فى قصره.

ويشهد السودان منذ أكثر من عام، مظاهرات متفرقة مناهضة لـ«البشير»، لكنها لم تستقطب الحشود التى شهدها الشارع العربى مع انطلاق موجة الربيع العربى فى نهاية عام 2010، رغم التصريحات النارية التى يطلقها زعماء المعارضة البارزين، أمثال الصادق المهدى، وحسن الترابى «عراب» نظام البشير سابقاً، قبل انشقاقهما عن بعضهما البعض، بما يشير إلى أن قبضة البشير دخلت مرحلة الانهيار.

وخلال الاحتجاجات الأخيرة التى اكتسبت زخما جديدا، مع إعلان تحالف المعارضة، الذى يضم 20 حزبا، وضعت خطة للإطاحة بنظام البشير فى غضون 100 يوم. وتوقع التحالف سقوط البشير قبل مرور تلك الفترة. وتبدأ المرحلة الأولى لهذه الخطة بتنظيم اجتماعات عامة وتظاهرات حاشدة طوال الفترة المقبلة بالتزامن مع تنفيذ إضرابات تحاول أن تستغل تدهور الوضع الاقتصادى فى السودان فى ظل تضخم تجاوز 40%.

وشدد الترابي على أن «قوى المعارضة وضعت دستوراً انتقالياً يجمع القوى السياسية كلها حتى لا نغضب أحداً»، على أن يتم إنشاء أجهزة حكم خلال الفترة الانتقالية بعد إسقاط النظام تحكم لمدة محددة، لتعالج المشكلات الملحّة وتبسط الحريات للأحزاب، ثم يتبع ذلك إجراء انتخابات تأسيسية، والشعب هو الذى يسمح بالخيارات الدستورية، وأن يولّى من يوفر له خياراته.

فى المقابل، ترتكز استراتيجية نظام البشير في البقاء على «شرعية الحرب»، فهو يلوح بالحرب مع جارته الجنوبية، وضد المتمردين فى دارفور وفى جنوب كردفان، ويصعد الخطاب الإعلامى ضد الغرب وأمريكا وإسرائيل، ويأتى فى هذا السياق تلويح البشير الأسبوع الماضى بـ«الجهاد» ضد جوبا بعد إلغاء كل الاتفاقيات المبرمة معها وإلغاء مرور نفط جنوب السودان عبر أراضى الشمال، كما أعلن البشير الحرب على حركات التمرد فى الولايات الجنوبية وفى الغرب مع الحركات المسلحة فى دارفور، قبل تتحد أغلب الحركات فى المنطقتين تحت لواء «الجبهة الثورية» التى أعلنت بدورها الحرب حتى سقوط النظام.

وفى مقابل إعلان الحروب العلنية، يعيش النظام حروبا خفية داخل أركانه، ربما تكون هى المحرك لحشد الجماهير وراء تحركات المعارضة، فالبيعة داخل النظام انقضت، وأصبح رئيس جهاز المخابرات صلاح قوش الذى كان مقربا من البشير فى خانة الأعداء، بعد محاولته الانقلابية الفاشلة، فيما تتحدث الأوساط السودانية عن 3 مجموعات متصارعة داخل حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، الأولى بزعامة مسشار البشير، نافع على نافع، وتضم الدوائر الأمنية، والثانية تضم مجموعة على عثمان طه، التى تضم الدوائر الإسلامية فى الحزب الحاكم، ومجموعة ثالثة بقيادة إبراهيم ود، الزعيم العسكرى البارز والذى يوصف بأنه أقوى جبهة معارضة داخل النظام.

والعام الماضي، تناولت وسائل الإعلام السودانية وثيقة إصلاحية عرفت باسم «مذكرة الألف أخ»، كتبها إسلاميون فى النظام، وبينهم قيادات من الجيش وأرسلوها للبشير تطالب بالإصلاح الشامل فى الرؤية الحاكمة لجميع مجالات الحياة فى البلاد التى تعيش أجواء حروب كبيرة تنذر بمواجهات شاملة بين الشمال والجنوب، وتصاعد التوتر مع الحركات المتمردة فى المحافظات المتاخمة للحدود بين البلدين، فضلا عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعانى منها السودان.

ورصدت مذكرة «الألف أخ» فى جوانبها المساوئ والأزمات التى وقع فيها النظام الحاكم، واعتبرت أن الانشقاق بين حسن الترابى وعمر البشير عام ١٩٩٩ كان وصمة عار فى جبين المشروع الإسلامى فى السودان. واعترفت بأن الكثير من قيادات الحركة الإسلامية سقط فى امتحان السلطة والمال، الأمر الذي أدّى لتفشى الفساد والفقر.

وطرحت المذكرة حلولاً بدأت بوحدة الصف الإسلامى، وتطبيق الشريعة دون تردد وتشكيل آلية عبر القضاء للنظر فى قضايا الفساد، وإنجاح التحول السياسى عبر صندوق الاقتراع بصدق وشفافية، وفك الارتباط العضوى بين أجهزة المؤتمر الوطنى وأجهزة الدولة ماليًا وإداريًا.

ويتفق المراقبون على أن نظام البشير استنفد كل محاولاته التجميلية وبات أمام مرحلة فاصلة، إما الإصلاح الحقيقى الذى يبدأ بعدم ترشح البشير للانتخابات الرئاسية المقبلة كما سبق أن أعلن، أو مواجهة صيف من الحروب والأزمات الساخنة وليس مجرد نسمات الربيع التى هبت على العالم العربى.