فى الحكم على «مبارك»

أيمن الجندي الأحد 03-06-2012 21:57

يبدو أننى الوحيد الذى يرى فى حكم الأمس حكماً حازماً مشدداً. خمسة وعشرون عاماً لرئيس الدولة السابق ووزير داخليته ليس شيئاً هيناً. من كان يتصور أن ينقل مبارك إلى طرة؟! أما براءة مساعديه لعدم وجود أدلة فشىء متوقع طبعاً بعد أن تم طمسها.

حكموا عقولكم: لو كانت هناك مجاملة، أو إذعان لضغوط، لكانت تصب فى مصلحة مبارك، كلكم تذكرون بالطبع ذلك المثل الشعبى الذى يتحدث عن وفاة كلب العمدة، وكيف خرجت القرية بأسرها لعزائه، لكن حين مات العمدة لم يخرج فى جنازته أحد، لانتفاء المصلحة.

والذى فهمته، أن إدانة مبارك والعادلى جاءت بسبب قدرتهما على منع حدوث القتل بحكم وظيفتهما، لكن لم تثبت تهمة الاشتراك فى القتل على أحد. أما ما يتصوره البعض براءة جمال وعلاء من تهمة استغلال نفوذ أبيهم، فالقاضى حكم بانقضاء أجل الدعوة، كونها حدثت منذ أكثر من عشرة أعوام حسب نصوص القانون، فعلام تلومون القاضى؟.

أما القول بأن الحكم بالبراءة لم يكن استجابة لنصوص القانون بقدر ما هو تحسباً لمستقبلٍ، يخشون فيه تقاعس الشرطة عن تنفيذ الأوامر خوفاً من احتمالية الحكم عليهم، فهذا تفتيش فى السرائر لا دليل عليه.

■ ■ ■

الله الله فى القضاء المصرى! لو هدمنا القضاء بالرَيَب سنكون كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا! لطالما لعنّا الشرطة ونسينا الشرفاء منهم الذين يغمسون خبزهم بالتعب! وبعدها لعنّا الجيش، ونسينا أن كل جندى هو مشروع شهيد مقبل! واليوم نلعن القضاء! فما ذنب القاضى إذا كانت جهة الادعاء اختارت أتفه الاتهامات التى يسهل نفيها ويصعب إثباتها!.

هل تريدون أن تقولوا إننا فوجئنا؟ حينما يُحاكم مبارك من أجل (فيلا) ويُحاكم زكريا عزمى من أجل عقارات أخفاها؟ لو كان هذا مبلغ فسادهم فهم قديسون وأولياء! كلنا نعرف من البداية أن جهات الادعاء غير جادة.

فليسأل كل منا نفسه: لو كان مكان القاضى، ثم لم تثبت الأوراق التى أمامه ارتكابهم الجريمة بشكل مؤكد، هل كنت ستحكم عليه بالظن والشبهة؟.

المسؤول الحقيقى هو من أدار البلاد طيلة الفترة السابقة، هو الذى ترك أعمدة النظام السابق يتلفون أوراق إدانتهم فى الفترة الحرجة بعد خلع مبارك. هو الذى ترك الفوضى تضرب أطنابها. هو الذى لم يُغيّر النائب العام. هو الذى حاكمهم بنصف روح ودفع بأدلة إثبات مهلهلة؟. وفى كل الأحوال فإنها أيام ويذهب! فلا تعطوه مبرر البقاء بأحداث العنف. لا تهيّجوا أرجوكم. ولا تحرقوا مصر، من أجل مصالح انتخابية مؤقتة.

■ ■ ■

ويبقى جلال الحساب وهيبة الموقف! من كان يظن أن حسنى مبارك يقف مثل هذا الموقف!؟ أنا لن أتشفى فيه، لأننى اقترفت ذنوبا كثيرة، ومن سترنى قادر -لو شاء- أن يرفع الستر عنى! أنا لن أتشفى فيه لأننى لا أدرى هل كنت سأنجح فى الاختبار لو كنت مكانه!.

اللهم إنا نعوذ بك من موقف السؤال وهول الحساب. اللهم أنت أعلم بما اقترفنا فلا تفضحنا أمام خلقك. اللهم لو كانت لمعاصينا روائح، لما أطقنا الاقتراب من بعضنا البعض.

aymanguindy@yahoo.com