«صورة الذات» عند «الإخوان المسلمين»

أيمن الجندي الإثنين 28-05-2012 21:37

بالتأكيد، أنا لستُ معاديا للإخوان المسلمين، وإذا كنت أنتقدهم أحيانا أو أعاتبهم أحيانا، فإننى أفعل ذلك بمنطق المحب الذى يتمنى أن يرى محبوبه أفضل وأكمل وأجمل. الإخوان المسلمون نبتٌ من زرع هذا الوطن. بصلاحهم ينعقد خير كثير.

لا شك أنه يوجد تراجع فى نسبة المؤيدين للإخوان المسلمين فى الانتخابات الأخيرة، وبرغم أنهم استنفروا جميع طاقاتهم، فى معركة حياة أو موت، أبسط ما يُقال عنها إنها «قاطعة للرقاب»، على حد قول الإنجليز، فإنهم، رغم الحشد الهائل، لم يحصدوا سوى الربع من أصوات الناخبين.

هذا التراجع يوجد له تفسيران: أولهما سهل ومريح، وهو الشعور بالمظلومية بعد هجمة الإعلام الظالمة عليهم. للأسف، «الإخوان» شأنهم شأن معظم الإسلاميين، يستحسنون «نظرية المؤامرة»! وهى النظرية التى تقضى بأن هناك «نقابة» لها «كارنيه»، يذهب إليها بعد الظهر المتآمرون على الإسلام، للتخطيط مع أبو جهل وشارون وابن أبى سلول!.

غير وارد طبعاً أن من ينتقدهم إنما يفعل ذلك لأنه يحب الإسلام حقا! ويراه أكرم وأعلى وأجل من تصرفات الإسلاميين.

لاحظ أن «نظرية المؤامرة» بمثابة حل سحرى لمن يريد أن يكون فى نظر ذاته مضطهدا!. وتفسير سهل للعداء والإخفاق.

أما التفسير الثانى، فمؤلم بقدر ما هو حقيقى، وهو أن هناك أخطاء جسيمة اقترفتها قياداتهم، استعلاءً وإقصاءً وعدم اكتراث بالمخالفين.

تفسيرى الشخصى أن المشكلة الحقيقية عند «الإخوان المسلمين» هى «صورة الذات» لديهم. و«صورة الذات» هى فكرة الإنسان عن نفسه! الصورة الإيجابية أو السلبية التى يكوّنها عن ذاته، وتحكم تصرفاته بعد ذلك دون أن يدرى.

و«صورة الذات» التى رسمها القرآن الكريم للنفس المؤمنة أنها تكون دائما شاعرة بالذنب، لوّامة، غير فخورة على الإطلاق، تستقل عملها، وتخشى ربها، ولا تدرى ماذا يفعل الله بها، وتشفق من يوم الحساب. إذا كان النبى -صلى الله عليه وسلم- لن يدخل الجنة بعمله، و«الصدّيق» يخشى مكر الله ولو كانت إحدى قدميه فى الجنة، و«الفاروق» يقول: «كل الناس أفقه منك يا عمر»، ولو سمع أن كل الناس فى الجنة إلا واحدا لظن أنه ذلك الواحد!.

وكان من شأن الصالحين قولهم: «إذا رأيت من هو أكبر منك، قل: سبقنى فى الطاعة. وإذا رأيت من هو أصغر منك، فقل: سبقته فى الذنوب».

«صورة ذاتٍ» بهذا الشكل من الطبيعى أن تورّث رهافة ولطافة ورقة وتحببا، فماذا عن «صورة الذات» فى خطب الإخوان المسلمين؟! هناك دائما الحديث عن الجماعة الربانية (!) وأن من يخالفونهم إنما يلومون عليهم طهرهم واستقامتهم، والاستشهاد بالآية الكريمة: «...أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ».

من الطبيعى، إذن، أن يكون الإقصاء والاستعلاء وعدم المبالاة بغيرهم هى الثمار المتوقعة لهذا النمط من «صورة الذات».

هذه نصيحة محب لا يتمنى شيئا مثل أن يفخر بالإخوان المسلمين. فتكون صورة الذات لديهم إذا خالفهم مخالف أو سبهم سفيه- أن يقولوا فى أنفسهم وقلوبهم خاشعة ورؤوسهم خفيضة: «من يدرى؟! لعل الله يكتب له خاتمة الحسنى، ويكون أفضل منا بكثير».

اللهم أصلح لنا «الإخوان المسلمين».

aymanguindy@yahoo.com