بعيدا عن وجع دماغ السياسة، فإن الشىء الوحيد الذى أحسد عليه رئيس الجمهورية القادم أن بوسعه أن يحصل على كل مطبوعات مجلة «ميكى» منذ نشأتها عام 1962.
هذه الكنوز القديمة من مغامرات بطوط العبقرى، الذى أعتبره من أصدق وأكثر الشخصيات ثراء وعمقاً. يقول أصدقائى إن شخصيته تشبه شخصيتى جدا. فأنا مثله أتقلب من الحماس الشديد إلى الإحباط الشديد، وأحاول فى مجالات كثيرة، أفشل فى معظمها.
بطوط الفاتن. الشخصية الرمادية التى لا يوجد فيها ملمح واحد مفتعل. ليس قويا ولا حكيما ولا ذكيا ولا بارعا، لكنه مجرد بطة تحب الحياة بشدة «مثلى أنا». لا عمل محدداً له، فقد مارس كل المهن تقريبا وفشل فى معظمها. مرة فنان أوبرالى ذائع الصيت ينتهى به الأمر إلى كارثة، أو قبطان بحرى يسير متبخترا على سطح السفينة، وينتهى به الحال إلى مسح بلاطها، أو طبيب بارع للنباتات يتوسل إليه عمدة مدينة البط لإنقاذ الشجرة التاريخية التى زرعها مؤسس المدينة، وينتهى الأمر بسقوطها.
لا يمكن إحصاء عدد مرات هروب بطوط من المدينة إلى القطب الشمالى فراراً من مطاردة المتضررين من رعونته وسوء تصرفه. ودائما ما يورّط معه أبناء أخيه المساكين الذين بح صوتهم، محاولين الحد من انفعاله دون جدوى. فى مدينة البط الأطفال دائما على حق. يحملون كتاب الكشافة الذى يفسر كل ألغاز الطبيعة، بدءاً من لغة الطيور وانتهاء بالكنز المدفون فى الهرم الأكبر. ودوما ينقذون عمهم الأحمق الجميل من نفسه.
بطوط يحب زيزى البطة الحسناء بجنون رغم استغلالها له فى تحقيق نزواتها، كما تفعل النساء غالبا مع عشاقهن فى العالم الحقيقى. فى عالم ديزنى لن تجد علاقة زواج أبدا، ولذلك فهى خطبة أبدية بين بطوط وخطيبته الحسناء التى تجمع بين سحر وقسوة النساء. مطلوب منه دهان بيتها وغسل سيارتها والذهاب للحفلات الموسيقية معها لتقابل نجمها المفضل رغم غيرته التى تصبغ وجهه بالأحمر الغضوب. لكنه لا يملك غير الإذعان بلا عتاب.. وكيف يعاتبها وهو يحبها؟!
«وأعاتبك ليه وأنا بحبك؟».. هكذا غناها محمد قنديل بصوته الحنون الذائب فى رائعته «3 سلامات»، وهكذا أيضا كان قدر بطوط المسكين فى هذا المكان الجميل الرائع. مدينة البط.
بطوط لا يكره أحدا أبدا رغم سرعة انفعاله، فسرعان ما يثوب لطبيعته الطيبة المتسامحة، لكنه يغار بجنون من محظوظ منافسه فى نيل الحظوة لدى زيزى، لأنه - بفضل حظه العجيب - يحصل على كل شىء بلا تعب. تحمل الرياح تذاكر اليانصيب الفائزة ويفوز فى كل المسابقات. لذلك يمكن فهم مشاعر بطوط الذى يفشل دائما رغم أنه يبذل كل جهده.
وهناك عم دهب - أغنى بطة فى العالم - البخيل الذى يعشق النقود بشكل رومانسى! ويريد أن يجبر بطوط على العمل بلا مقابل.
فى الحقيقة تصعب كتابة كل تفاصيل عالم بطوط فى مقال واحد لأن بطوط شخصية واقعية من صميم الحياة، هو أنت وأنا، بأحلامنا وضعفنا.
أنا ذاهب إلى مدينة البط! هل تحب أن تأتى معى؟