لا تعرف منظمة الصحة العالمية، ولا مديرها العام «تيدروس أدهانوم جيبر بسوس»، طريق التفاؤل أبدًا، عبوس، وقنوط، وبيانات تحض على الانتحار يأسًا.
يا ساتر يا رب، فى قلب الوباء والموتى الأحياء، يخرج علينا السيد «تيدروس» بنُبُوءة عراف: «يخبرنا التاريخ أن الوباء الحالى لن يكون الأخير وأن الأوبئة حقيقة»، فيما معناه، «رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجىء»!
يا دكتور تيدروس ارحمنا قليلا، أرجوك كفاية، حرام، لما نخلص من (كوفيد ١٩) نفكر فى الوباء الجديد الذى تستشرف ظهوره.
تيدروس، بعد هذا التصريح التاريخى يستحق لقب الْعَرَّاف الإثيوبى (بالجنسية)، سيما أن نبوءته ظهرت نهاية العام، تضم إلى مثيلاتها من نبوءات العرافين حول العالم، أحيانا تصدق، وفى الغالب يطويها النسيان.
«انفجروا أو موتوا.. لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالى جبل الصمت... أو ببطون الغابات..»
لا أعرف مدى ثقافة تيدروس العربية ليفقه شعر طيب الذكر صلاح عبد الصبور، فى رائعته الخالدة «يوميات نبى مهزوم يحمل قلمًا».. سيفقه يقينًا المعنى الكامن فى بطن الشاعر:
يأتى من بعدى مَن يعطى الألفاظَ معانيها
يأتى من بعدى من لا يتحدث بالأمثال
إذ تتأبَّى أجنحة الأقوال
أن تسكن فى تابوت الرمز الميت.
فقط فلتفرد المنظمة الكونية وجهها الكئيب، فليبتسم «تيدروس» وهو يقذف جوائحه فى وجوهنا.
المنظمة فى حاجة ماسة إلى وجه مريح، متفائل، تحس بأنها منظمة المحبطين، وجوه منتقاة من كوكب زحل، لا يكفون عن إحباط البشر، متسلطين علينا، مجرد أن ظهر اللقاح، وتفتحت مسام البشرية استشرافا للأمل، يداهمنا «تيدروس» بنُبُوءته السوداء: انتظروا وباء آخر..
لسان حاله يُغنى عن بيانه الكئيب، يمشى على الطريقة الحليمية فى قارئة الفنجان: «مقدورك أن تمضى أبــدًا فـى بـحر الحب بغيـر قلــوع/ وتكـــون حـــياتك طـــول العمـــر كتاب دمـــــوع..»، وترجمتها الشعبية فى أغنية حسن الأسمر «كتاب حياتى ياعين، ما شفت زيه، كتاب/ الفرح فيه، سطرين/ والباقى كله عذاااب»!
«تيدروس» يعانى كابوسًا سد عليه منافذ الأمل، كل ما ينام هنيهة يصحو ملتاعًا وعرقه مرقه، قلبه واجف، وعطشان، ويهذى: الوباء، الوباء، الوباء..
أخشى روحًا شريرة تلبّست المنظمة، لا يصدر عنها بارقة أمل، تحتاج إلى نقلة معنوية، من مرحلة الإحباط والتحبيط إلى مرحلة إشاعة الأمل..