«الصحة العالمية» عن كورونا: لهذه الأسباب ظهر الضوء في نهاية النفق

كتب: محمد كامل الإثنين 28-12-2020 22:32

قال الدكتور أحمد بن سالم المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أنه مع اقتراب نهاية عام 2020، أوَد أن أتوجَّه بالشكر إلى جميع بلدان منظمة الصحة العالمية وشركائها والزملاء في إقليم شرق المتوسط على ما أظهروه من التزام وشجاعة خلال العام الماضي.

وأضاف المنظري في بيان، الإثنين: «لقد كانت فترة صعبة للغاية علينا جميعاً. وأسفرت فيها جائحة كوفيد-19 عن خسائر فادحة. فهناك أكثر من 117 ألف شخص حتى الآن قضوا نحبهم بسبب مرض كوفيد-19 في إقليمنا وحده، ومنهم كثير من العاملين الصحيين الشجعان الذين لن ننسى أبداً تضحياتهم». وتابع: «عصفت الجائحة بالنظم الصحية والاقتصادات والمجتمعات المحلية. وسوف تمتد آثار الاضطراب الشديد للخدمات الصحية الأساسية مثل التمنيع لسنوات قادمة، ويظهر الآن بعض الضوء في نهاية النفق. فبفضل تضافر جهود العلماء والمُموِّلين وراسمي السياسات في شتى أنحاء العالم، يجري حالياً إعداد لقاحات بسرعة لم يسبق لها مثيل».


وأكد المنظري، أن الأمر سيتطلب مزيداً من الوقت والجهد لتوزيع اللقاحات خلال عام 2021، ولا يسعنا أن نتراخى في غضون ذلك. بل علينا أن نواصل سعينا للوقاية من كوفيد-19 ومكافحته، من خلال الالتزام بجميع التدابير الوقائية اللازمة –الكمامات، والنظافة الشخصية، والتباعد الاجتماعي، وتجنُّب التجمعات الحاشدة خاصةً خلال العطلات– وعلينا أيضاً مواصلة تقديم الخدمات الصحية الأساسية.


وأشار إلى أنه لا بد أن نذهب إلى أبعد من ذلك. فقد كشفت الجائحة عن عيوب خطيرة في نظمنا وخدماتنا الصحية. ولا بد أن نستثمر في تعزيز هذه النظم والخدمات لكي نكون أفضل استعداداً في المرة القادمة. وأضاف: «أصبحت الشراكة من أجل الصحة ورؤيتنا: الصحة للجميع وبالجميع أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى. وقد كانت الجائحة وقتاً يتطلب التضامن والعمل، وعلى الرغم من التحديات، عملنا دون كلل مع بلداننا وشركائنا على مدار العام لإحراز تقدم في أولوياتنا الاستراتيجية الأربع، وتوسيع نطاق التغطية الصحية الشاملة تُعدّ التغطية الصحية الشاملة أحد المبادئ المُوجِّهة لجميع أعمالنا التقنية».


وأوضح المنظري: «تسببت الجائحة في عرقلة الحصول على الرعاية الصحية، لكنها حفزت على الابتكار الذي ساعد على استمرار الخدمات الصحية الأساسية أو استعادتها، وبالتعاون مع العديد من الشركاء، وضعنا دورة تدريبية إلكترونية رائدة لتسليح العاملين في الرعاية الصحية الأولية بالمهارات والمعارف التي يحتاجون إليها في عصر كوفيد-19. وتابع: «أعددنا موارد أخرى على الإنترنت مثل منصة الدعم الصحي النفسي، وسعدنا بتشجيع وتوثيق أمثلة أخرى على الابتكار الرقمي من أجل الصحة في كثير من بلداننا، كما عملنا مع البلدان على أرض الواقع لتحسين تقديم خدمات الأمراض السارية وغير السارية من خلال اتباع نُهُج جديدة مثل الزيارات المنزلية، والمشاركة المجتمعية، وحملات التمنيع المتكامل المتعدد المستضدات،وستكون جهودنا الرامية إلى تعزيز نُظُم التمنيع في البلدان ضروريةً عند تقديم لقاحات كوفيد-19. ونتطلع إلى الاستفادة من هذه التجارب في المستقبل، وتحويل الجائحة إلى فرصة لإحداث تحسين طويل الأمد.

تابع: «يواجه إقليم شرق المتوسط طوارئ صحية على نطاق غير مسبوق، ولذلك تسببت جائحة كوفيد-19 في تهديد مروع لعشرات الملايين من النازحين الأشد عرضة للخطر في الإقليم. إنني فخور بالطريقة التي واجهت بها منظمة الصحة العالمية وبلداننا وشركاؤنا هذا التحدي. فسرعان ما وضعنا خطة استراتيجية وهياكل لتوجيه جهود التأهب والاستجابة في الإقليم. وضمَّ الفريق الإقليمي المعني بأزمة كوفيد-19 35 شريكاً تقنياً وتنفيذياً، وتتلقى الاستجابة دعماً من 28 جهة مانحة رئيسية. وفي دورتنا الإلكترونية للّجنة الإقليمية التي عُقِدت في شهر تشرين الأول/أكتوبر، تمكَّنا من تسليط الضوء على الإجراءات المُوفَّقة على المستويين القُطري والإقليمي. وفي الوقت نفسه، استمر العمل على الوقاية من حالات الطوارئ الأخرى والتخفيف من حدتها وإدارتها. ويأتي استئصال شلل الأطفال على رأس الأولويات، لا سيّما أن إقليم شرق المتوسط هو الآن الإقليم الوحيد الذي لا يزال يتوطن فيه المرض من بين أقاليم المنظمة. واعتمدت اللجنة الإقليمية قراراً لتحفيز مكافحة شلل الأطفال، وذلك بوسائل منها إنشاء لجنة فرعية إقليمية رفيعة المستوى لتنسيق معركتنا ضد هذا المرض، ونتطلع إلى تكثيف جهودنا في عام 2021».


واصل: «تسببت جائحة كوفيد-19 حتماً في تعطيل عملنا الجاري لتعزيز الصحة، ولكنها أظهرت أيضاً قيمة ذلك العمل. ويتطلب التصدّي لجائحة كوفيد-19 مشاركة مجتمعية قوية واتباع نهج يشمل الحكومة بأسرها عند رسم السياسات الصحية – وهو بالضبط ما ظلت المنظمة تدعو إليه لسنوات من أجل تعزيز الصحة. وتمكّنا من رؤية ثمار حقيقية لتلك النُّهُج في عام 2020. على سبيل المثال، وجدنا استجابة أكثر تنسيقاً للجائحة‎ في الأماكن التي نفَّذنا فيها برنامج المدن الصحية. كما قدّمت الجائحةُ دَفعةً طيبةً لمكافحة التبغ، إذ فُرض حظر واسع النطاق على تدخين الشيشة في الأماكن العامة، وأحدثت انخفاضاً كبيراً في تلوث الهواء. وسنحافظ على هذا الزخم في العام المقبل. ومن المقرر أن يصبح التقرير النهائي للجنة الإقليمية المعنية بالمحددات الاجتماعية للصحة، الذي سيُنشر في مارس 2021، مرجعاً بارزاً في الجهود الرامية إلى معالجة أوجه التفاوت الأساسية التي تكمن وراء الاعتلال الشديد للصحة في الإقليم».

قال: «قمنا في العامين الماضيين بإعادة هيكلة المكاتب القُطرية للمنظمة والمكتب الإقليمي لمواءمة الموارد المتاحة على نحو أوثق مع أولويات كل بلد، ولزيادة تأثيرنا إلى أقصى حد ممكن. وقد آتى ذلك العمل ثماره في عام 2020. فعمل موظفون من مختلف الفرق والمكاتب داخل المنظمة بسلاسة في ظل مفهوم «المنظمة الواحدة» لمكافحة الجائحة. وفي إطار برنامج عمل التحوُّل، أنشأنا إدارة جديدة للاتصالات وحشد الموارد والشراكات في المكتب الإقليمي لتنسيق هذه المهام الأساسية الثلاث.
ولذلك تمكنّا من مكافحة انتشار معلومات مغلوطة عن كوفيد-19 من خلال الاتصالات والمشاركة المجتمعية الفعالة، وجمعنا أموالاً على نطاق واسع لدعم الاستجابة للجائحة في الإقليم – رغم أنه لا تزال توجد حاجة إلى المزيد. وسنعمل جاهدين في الأشهر المقبلة على الاستفادة من تلك التجربة وتطوير حركة تعاونية أقوى تحت شعار «الاستثمار من أجل الصحة»، وبرنامج شراكة إقليمي جديد. وكان إطلاق التحالف الصحي الإقليمي قبل بضعة أسابيع فقط بمثابة تقدم كبير في هذه الاستراتيجية. وتستضيف المنظمة هذا التحالف الذي يضم 12 وكالة متعددة الأطراف من الوكالات المعنية بالصحة والتنمية والعمل الإنساني من أجل تسريع وتيرة التقدم المُحرز صوب تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة في الإقليم. ويُعدّ ذلك التعاون الأكبر والأعمق المأمول لفتة إيجابية طيبة نودِّع بها هذا العام. فحينما نتعاون جميعاً نستطيع تحقيق الكثير».


اختتم: «أوَد أن أشيد مرة أخرى بالعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يبذلون جهوداً وتضحيات بطولية ستظل محفورة في ذكرياتنا الخاصة بالاستجابة لجائحة كوفيد-19. وأبرزت الجائحة التحديات والمخاطر الهائلة التي تواجه العاملين الصحيين، ومنها العدوى والعنف والوصم والضغط النفسي والمرض، بل والوفاة. وتقديراً لتفاني ملايين العاملين الصحيين في الصفوف الأمامية وتضحياتهم، جعلت جمعية الصحة العالمية عام 2021 السنة الدولية للعاملين في مجالي الصحة والرعاية. وسيكون ذلك وقتاً مناسباً للاستثمار في أبطالنا من أجل الصحة. وأتمنى لكم جميعاً موسم أعياد آمناً وسعيداً. وأتمنى أن تسنح لكم فرصة الاسترخاء بصحبة أحبائكم، والبقاء في أمان، واستقبال عام 2021 بكامل النشاط والحيوية. فأمامنا عام حافل آخر سنعمل فيه معاً من أجل تحقيق هدفنا: «الصحة للجميع وبالجميع».