لأن مصر من أقدم دول الأرض، وشعبها من أشهر الشعوب.. ولسبب كثرة ما بها من خيرات، كانت حلم أى راغب فى الثروة أو طيب العيش، بل - لكل ذلك - كانت كل شعوب العالم تجىء إليها طلبًا لكل هذه الخيرات، ونجد ذلك واضحًا فى أسماء العائلات التى باتت تنتمى إليها رغم أصولها الأجنبية، من ذلك مثلًا نجد من الشعوب العربية والإسلامية التركى، العراقى، الشامى، التونسى، الغزاوى، القدسى، النجدى، الحجازى، المكى، أو مكى.. تمامًا كما نجد من ينتسب إلى مدن جاءوا منها، مثل: الحلبى، النابلسى، الفاسى، الدمشقى، الأصفهانى «الإيرانية»، البغدادى، العسقلانى، اللاذقانى، ومن مناطق أبعد نجد فى مصر عائلات تعود أصولها إلى جنوب وشرق تركيا، مثل الأزميرلى - نسبة إلى إزمير- أو الإسلامبولى - نسبة إلى إستانبول وأصلها «إسلام بول»!!- أو الكردى، وكان عباس العقاد وأحمد شوقى من الأكراد، وأيضًا صلاح الدين الأيوبى!!.
ومن جزر البحر المتوسط، نجد عائلات أصبحت مصرية، مثل: القبرصلى، الكريتالى «أى كريت»، أو الكريتلى، أو أحيانًا تكتب الجريتلى.. وأيضًا المالطى - من جزيرة مالطة - أو الصقلى الذى فتح مصر باسم الفاطميين من جزيرة صقلية.. وكانت هذه الجزر إما تحت الحكم المصرى من بدايات العصور الإسلامية، أو تولى حكمها حاكم مصر حتى ولو كان تركى الأصل، مثل محمد على الذى حكم أيضًا جزيرة كريت.
أى أن مصر كانت أكبر منطقة جذب سكانى فى العالم القديم.. بل جاءها من وسط آسيا من سكن فيها وعاش وأقام، ولا ننسى هنا الزعيم الثورى جمال الدين الأفغانى.. أو الغزناوى الذى أقمنا له مسجدًا على شط النيل وسط مدينة دمياط!!، أو الفاتح الأسمر المشهور باسم أبوالمعاطى، وله جامع هو الأشهر أيضًا فى دمياط أمام جامع عمرو بن العاص بدمياط.
ونشهد أيضًا أن مصر كانت معبرًا للحجاج المسلمين القادمين من شمال إفريقيا.. وإذا طابت لأحدهم الحياة فيها بعد عودته من أداء فريضة الحج كان يستقر ويعيش فيها، ومنهم العوّام صاحب أشهر مساجد مرسى مطروح، وأبوالمرسى أبوالعباس ابن مدينة مرسية فى جنوب الأندلس، أى إسبانيا.. بل إن معظم أصحاب الطرق الصوفية جاءوا مصر من المغرب العربى.. وأقاموا فيها لطيب جوها وسهولة الحياة وسط شعبها.. وانتشروا فى كل مدن مصر.. فى بحرى، وأيضًا فى صعيد مصر.
** لكل ذلك نقول إن مصر هى «صرة العالم»، أى تتوسط العالم القديم.. وبسبب خيرها العميم، استقر بها كل هؤلاء وطابت حياتهم فيها.. لذلك فإن مصر تستحق فعلًا أن تحمل لقب «أم الدنيا»، أى قاعدة للعالم الإسلامى.. وأيضًا عاصمة العالم القديم.. ولهذا كانت قِبلة كل أبناء شعوب العالم.. مصر - إذن - هى أقدم الأمم المتحدة.
إيه رأيكم؟!!.