موقف أدونيس وسعدى من الربيع العربى

سمير فريد الثلاثاء 24-04-2012 21:00

أختلف مع الرأى الذى يذهب إلى أن الشاعرين السورى أدونيس والعراقى سعدى يوسف بموقفهما السلبى من الربيع العربى يخدمان الطغيان بشكل غير مباشر، فهما من كبار شعراء العربية فى عصرنا، ومن المدافعين عن الحرية طوال حياتهما فى شعرهما ونثرهما ومواقفهما السياسية، وهم فى ذلك مثل كل المبدعين الكبار فى التاريخ وفى كل الدنيا، والاستثناء يؤكد القاعدة.


قال أدونيس بشجاعة ووضوح وإيجاز مبين كما هو دائماً «لن أؤيد ثورة تخرج من المساجد»، وهو نفس أساس موقف سعدى يوسف، والتيار الديمقراطى السياسى الذى يؤيد ثورات الربيع العربى، الذى ينتمى إليه كاتب هذه السطور، لا يؤيدها لأنها «خرجت من المساجد»، وإنما لأنها تفتح باب الحرية، والحرية لا تكون إلا للجميع، وبما فى ذلك تيار الإسلام السياسى الذى لا يؤمن بالديمقراطية التى تعنى بالضرورة دولة مدنية، وإنما يؤمن بالدولة الدينية حسب تفسيره للدين، التى تعنى بالضرورة عدم تداول السلطة عبر الانتخابات، وهو جوهر الديمقراطية.


التيار الديمقراطى يجعل الشعب يختار ويدفع ثمن اختياره، وقد دعمت الديكتاتوريات العربية الإسلام السياسى وجعلته فزاعة للديمقراطيين حتى يقول الديكتاتور «أنا أو الحكم الدينى»، ولكن جاءت ثورات الربيع العربى لتقول باسم الشعوب «لتكن الحرية حتى لو جاءت بأعداء الحرية، وسوف تتكفل الحرية بهم».


وإذا كان السياسى الديمقراطى يتخذ هذا الموقف لأن السياسة هى فن الممكن، فإن موقف الشاعر يختلف جذرياً، بل على النقيض، ويكاد الشعر أن يكون فن المستحيل، وكذلك المبدع فى كل الفنون، والناس فى حاجة إلى الشعراء لمواجهة السياسيين حتى يعبروا عن أحلامهم، وليس عن واقعهم، فالمقصود بالمستحيل هنا ليس التحليق فى الفراغ، وإنما عدم الاكتفاء بالممكن، ولا حدود لتطلعات الإنسان إلى حياة أفضل، ولا حدود لشوقه إلى الحرية وإلى العدل.


ويحضرنى هنا موقف الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش عندما اعتذر عن عدم تولى منصب وزير الثقافة فى السلطة الوطنية الفلسطينية، فقد كتب خطاب عرفات فى الأمم المتحدة، وساند عرفات السياسى فى سعيه إلى تحقيق الممكن من حقوق الشعب الفلسطينى، ولكنه كان فى اعتذاره يريد أن يحرر شعره من الاكتفاء بالممكن حتى لو كان نيل كل الحقوق يبدو مستحيلاً، لا تحاسبوا الشعراء كما تحاسبوا السياسيين، السياسى يصالح ولا يكون خائناً بالضرورة، والشاعر لا يصالح ولا يكون مجنوناً بالضرورة.


samirmfarid@hotmail.com