زاهى حواس.. أقوى دليل

سليمان جودة السبت 04-09-2010 08:03

يتردد الكاتب، أى كاتب، هذه الأيام، فى الكتابة عن أى شىء إيجابى يراه، أياً كان حجمه، وأياً كان مكانه، لأنه يعرف أن القارئ فى إجماله سوف يرفضه، وربما يتهم كاتبه دون بيّنة!

وقد جربت هذه الحكاية مرات، وفى كل مرة كنت أشعر، كما أن غيرى من الذين يكتبون يشعرون بالضرورة، بأن الحالة المزاجية للقارئ فى البلد فى أغلبه حالة غير طبيعية بالمرة، وتحتاج إلى دراسة حقيقية، ثم بعد الدراسة إلى تفسير، لعلنا نفهم أول الموضوع وآخره!

والمشكلة هنا أن القارئ من هذا النوع، قد لا يدرك، أن الإشارة من جانب أى كاتب - أو من جانبى أنا على الأقل - إلى أى شىء يدعو إلى ابتسامة رضا فى بلدنا، حتى ولو كان هذا الشىء محدوداً، لا تهدف إلى مجرد الاعتراف بأن فى البلد ما يستحق أن يشار إليه إيجابياً، لأنه حقيقة، وإنما القصد هو حياتنا نحن كمصريين.. القصد أن تكون حياتنا ممكنة، وأن يدعونا ذلك إلى أن نواصل العيش فيها!

إننى حين أقول، على سبيل المثال، إن فاروق حسنى، وزير الثقافة، هو الذى اختار رئيساً لقطاع الفنون التشكيلية، أدى إهماله فى واجبات عمله، إلى سرقة لوحة عالمية من نوعية «زهرة الخشخاش»، فإن الوزير نفسه هو أيضاً الذى اختار فى الوقت ذاته، وفى المقابل، قيمة وقامة عالمية اسمها زاهى حواس.. وهذا بالطبع مجرد مثال، كما أنه ليس دعوة إلى أن نرى الوجه المشرق فقط من الصورة، ولكنه دعوة إلى أن نرى الوجهين معاً، وأن ندرك أن الوجه المظلم، سوف يدعو طبعاً إلى اليأس والتشاؤم، بينما يدعونا الوجه الآخر، إلى التفاؤل، فتتوازن الحياة عندئذ، وتصبح محتملة، ونصبح نحن بالتالى قادرين على أن نواصلها بكل مراحلها!

وإذا كنت قد ضربت مثلاً بوزير الثقافة، أو وزارة الثقافة فى عمومها، فهى فى حد ذاتها ليست الهدف، وليست البداية والنهاية فى هذا الاتجاه، وإنما هى الأقرب إلى الذهن، لأن دماء اللوحة المختفية لاتزال ساخنة، كما أن هذه الوزارة، على وجه التحديد، ربما تكون أكثر الوزارات فى مصر، التى تمتلئ بكل ما هو دليل على أن الحياة دائماً وجهان، وبمثل ما يجب ألا نغفل أبداً الوجه الكئيب، وبمثل ما يجب أن نتوقف عنده، بما يستحقه، دون تهويل، أو تهوين، بمثل ما يتعين علينا، أن نضع الوجه الآخر إلى جانبه دائماً، ليستطيع الواحد منا أن يكمِّل يومه، وأن يخرج من بيته، وأن يجد للحياة نفسها فى هذا الوطن جدوى!

اختصاراً.. هناك أشياء تضيف إلى حياتنا العامة يومياً، وهناك أشياء تُخصم منها، ومنتهى أملنا أن نحتفى بالإضافة، أياً كانت مساحتها، فى أى موقع بمثل ما نرفض الخصم من قوتنا أيضاً فى أى ميدان وإلا، فإن البديل هو أن نموت!

هذا هو منتهى أملى، وأتمنى أن يكون أيضاً منتهى أملك!