«الأكراد»: كارت فى اللعبة السياسية دون حل القضية

كتب: اخبار الثلاثاء 04-06-2013 23:01

بدت الدولة التركية خلال العقد الماضى بمظهر «الدولة الراعية لحقوق الإنسان»، على الصعيدين الإقليمى والدولى، فكثيراً ما حذرت رؤساء وملوك دول من انتهاك حقوق مواطنيهم، بل واتخذت مواقف حاسمة فى بعض الأحيان تجاههم، وأغفلت أن لديها أزمة داخلية، يرجع تاريخها إلى ما قبل القضية الفلسطينية، لا تقل جسامة عن مشكلات شعوب تلك الدول.

«القضية الكردية»... أحد الملفات الشائكة التى تحاول حكومة حزب «العدالة والتنمية» التعامل معها منذ تولى الحكم عام 2002. ورغم توصل الحكومة لاتفاق سلام مع زعيم حزب العمال الكردستانى السجين عبدالله أوجلان فى مارس الماضى، بدأ على خلفيته المسلحون الأكراد الانسحاب من الأراضى التركية نحو العراق الشهر الماضى، فى خطوة تاريخية فاصلة نحو إنهاء 30 عاماً من تمرد راح ضحيته عشرات الآلاف من الأرواح، رأى البعض أن هذا الاتفاق الذى يكتنفه الغموض ما هو سوى تصدير المشكلة للأجيال المقبلة، خاصة فى ظل تحذير المتمردين أنهم سيوقفون انسحابهم فوراً فى حال تعرضهم لأى هجوم أثناء مغادرتهم الأراضى التركية. فيما رأى آخرون أنها «كارت سياسى» يلعب به «العدالة والتنمية» لتمرير التعديلات الدستورية.

وشهدت الحدود التركية، أمس الأول، تبادل إطلاق نار بين الجيش التركى والمتمردين، وهو ما اعتبره البعض محاولة من «أردوجان» لتنفيس الحراك الداخلى عبر حشد الشعب التركى ضد الأكراد. وتعتبر تركيا وحلفاؤها الغربيون حزب العمال الكردستانى، الذى شنّ هجمات عديدة على تركيا انطلاقا من قواعد فى شمال العراق، «منظمة إرهابية»، فيما تقدر الحكومة التركية أن ما بين 1500 و2000 مسلح يعملون من داخل تركيا، معظمهم ينطلقون من كهوف ومخابئ أخرى تقع فى مناطق وعرة جنوب شرق البلاد.

ويعتقد المحللون أن الأزمة تكمن فى عدم اعتراف حكومة أردوجان بـ«البعد السياسى القومى» للقضية، حيث اعتادت الحكومات المتعاقبة، من أتاتورك إلى أردوجان، اختزال القضية الكردية فى كونها «مشكلة ثقافية»، لكن هناك كثيراً من المشكلات تواجه الأكراد، بدءاً من تسوية مسألة الهوية ومنحهم حكما ذاتيا أو إداريا، والإفراج عن المعتقلين الأكراد فى السجون التركية، وصولا إلى الارتقاء بالمستويين الاجتماعى والاقتصادى للمدن الكردية، فعلى سبيل المثال ثمة فرق شاسع بين الأوضاع المعيشية فى اسطنبول وديار بكر.

واقتصرت جهود الحكومة على السماح باستخدام اللغة الكردية فى المدارس والمساجد، وبث قنوات فضائية باللغة الكردية، أو حتى منحهم حق المشاركة السياسية فى البرلمان التركى، مع الأخذ فى الاعتبار أن أى حزب يتعين عليه الحصول على 10% من أصوات الناخبين حتى يستطيع دخول البرلمان. بينما لم تتلمس الحكومة جوهر المشكلة وهو «الاعتراف بالهوية الكردية كقومية ثانية فى البلاد»، الأمر الذى تأبى الحكومة الاعتراف به.

ولعل التعنت التركى فى الاعتراف بهوية الأكراد هو السبب وراء لجوء حزب العمال الكردستانى، الذى تأسس عام 1979، للعمل المسلح دفاعاً عن حقوقهم. وتفرق حكومة حزب العدالة والتنمية بين الأكراد كمواطنين، وحزب العمال الجناح العسكرى للأكراد. ويشبّه المحللون الموقف الرسمى للحكومة التركية من الحزب بموقف إسرائيل من حركة «حماس» الفلسطينية باعتبارها منظمة إرهابية لا يمكن التفاوض معها.

وتعد الهجمات التى شنتها قوات الحزب العام الماضى، عشية مناقشة الدستور الجديد، والتى أسفرت عن مقتل 24 وجرح 18 من أفراد الجيش التركى هى الأبرز، والتى لم تتوان القوات التركية فى الرد عليها بعمليات عسكرية واسعة استخدمت فيها طائراتها الحربية لملاحقة الأكراد.