تقرير حقوقي: حكومات ما بعد الثورة تسير في سياساتها الاقتصادية على خطى «مبارك»

كتب: صفاء سرور الثلاثاء 04-06-2013 14:44

انتقدت «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» سياسات الحكومات المتعاقبة بعد ثورة 25 يناير، لـ«إخفاقها في خلق واقع اقتصادي جديد، وتُسبب سياساتها المتخبطة في مزيد من التردي الاقتصادي»، محذرة من أن الاستمرار في هذا النهج قد يجعل الاقتصاد هو «المسمار الأخير» الذي يُدق في نعش النظام الحالي.

وأصدرت «المبادرة»، الثلاثاء، تقريرا بعنوان «تبديد الأساطير.. الأزمة الاقتصادية في مصر.. الأسباب، البدائل، الحلول»، يهدف إلى تقديم رؤية تحليلية للسياسات الاقتصادية في المرحلة الأخيرة، في إطار تقييم عام للأداء الاقتصادي للحكومات المتتابعة بعد مرور ما يقرب من عامين ونصف على اندلاع ثورة 25 يناير.

وأوضح التقرير أن «مجمل السياسات الاقتصادية فيما بعد الثورة تسير على خطى الرؤية قصيرة النظر التي حكمت السياسات الاقتصادية لنظام مبارك، والتي تؤمن بأن مفتاح حل الأزمة الاقتصادية يكمن في سد العجز المتنامي في الموازنة وتحقيق الاستقرار لقيمة الجنيه المصري في مواجهة عجز متفاقم في ميزان المدفوعات اعتمادا على الاقتراض، بدلا من التركيز على مواجهة أسباب التراجع الاقتصادي مثل عدم عدالة نظام دعم الطاقة، وتدهور القطاعات الإنتاجية، وتراجع فرص العمل».

كما أشار إلى «تجنُّب صناع السياسة الحاليين اتخاذ الإجراءات الضرورية التي كان يتعين على النظام السابق اتخاذها كإعادة هيكلة الميزانية، وزيادة العوائد الضريبية من خلال نظام ضريبي عادل، مما يؤدي إلى زيادة الاستثمارات العامة في الموارد البشرية عبر مجالات التعليم والتدريب المهني والخدمات الصحية».

وأضاف أنه «على عكس الحال مع نظام مبارك الذي تمتع بالاستقرار السياسي النسبي لفترة طويلة، ومن ثم تمكّن من التكيف مع أزمة مالية مزمنة عن طريق الحصول على معونات ضخمة واعفاءات من الديون، فالنظام الحالي لا يمتلك رفاهية الحصول على مثل تلك المعونات، نظرا لافتقاره إلى الاستقرار النسبي الذي تمتع به نظام مبارك».

كما أوضح أنه «بحلول نهاية عام 2012 وبداية عام 2013، برزت سلسلة تطورات كانت بمثابة أجراس إنذار لابد من الانتباه إليها، منها تجاوز عجز الميزانية حاجز الـ176 مليار جنيه مصري خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي 2012/2013، وتراجع الجنيه المصري إلى أدنى مستوى له منذ عام 2004، واستمرار هروب رؤوس الأموال حتى وصلت إلى ما يقدر بخمسة مليارات دولار أمريكي خلال عام 2012 وحده».

وانتقد تقرير «المبادرة» تركيز الحكومة في مواجهتها للأزمة الاقتصادية على جولة من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، هي الرابعة في حقبة ما بعد الثورة، حيث كانت «غاية الحكومة أن تنجح في الحصول على القرض الموعود»، موضحا أن «إذعان البنك المركزي، نوفمبر الماضي، لضغوط الصندوق وقيامه بتخفيض قيمة العملة، أدّى إلى فقدان الجنيه ما يزيد على الـ10% من قيمته منذ بداية يناير 2013، مما انعكس على أسعار السلع الأساسية التي شهدت ارتفاعات متوالية».

وأكد أنه «بدلاً من التعامل مع التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المصري، فإن كل حكومة تولت إدارة البلاد بعد اندلاع ثورة 25 يناير، سواء كانت انتقالية أو منتخبة، ركزت اهتمامها على كسب نقاط سياسية، ولم تعبأ باستغلال المساحة المحدودة التي توفرها السياسات المالية والنقدية لإحداث إصلاحات هيكلية مطلوبة بشدة، وبدلاً من صياغة خطة اقتصادية متكاملة أو سياسة صناعية طويلة الأمد استمر النظام الحالي في اتباع إجراءات اقتصادية جزئية وقصيرة الأجل في محاولة لإرضاء صندوق النقد الدولي».

وخلص التقرير إلى ضرورة اتباع حزمة سياسات تقوم على الشفافية وفتح النقاش المجتمعي لإعادة هيكلة الموازنة وإعادة تخصيص الموارد، وذلك في إطار استراتيجية طويلة الأجل لتنمية القطاعات الإنتاجية وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن ثم تنشيط الاقتصاد بشكل مستدام.