يستعد الأمريكيون والبريطانيون والكنديون للقضاء على وباء كورونا، مشمرين عن سواعدهم لتلقي اللقاحات، ومن ثم يبدو أن المخرج من هذه الجائحة بات واضحًا للكثيرين في الغرب، حتى لو استمر توزيع اللقاحات شهورًا، لكن الدول الأكثر فقرًا تواجه طريقًا أطول وأكثر مشقة.
يقول تقرير نشرته وكالة أسوشيتيد برس الثلاثاء، إن المبادرة الطموح المعروفة باسم «كوفاكس» والتي جرى تدشينها لضمان حصول العالم كله على لقاحات كوفيد عملت على تأمين نسبة صغيرة فقط من 2 مليار جرعة التي تأمل في شرائها بحلول العام المقبل، وأنها لم تؤكد مع ذلك عقد أية صفقات حقيقية لتوزيع اللقاحات، فضلا عن أنها تعوزها المبالغ المالية اللازمة.
وأضاف التقرير أن الفيروس الذي قتل ما يزيد على 1. 6 مليون شخص حول العالم، كشف عن وجود تفاوتات هائلة بين الدول، وأنظمة صحية هشة، واقتصاديات أصغر كانت غالبا ما تواجه ضربات أكثر قوة.
واشتركت منظمة الصحة العالمية وتحالف اللقاحات جافي وسيبي (ائتلاف عالمي لمكافحة الأوبئة)، في تدشين مبادرة كوفاكس، لتجنب تكالب الدول اللقاحات، مثلما حدث عند تفشي أوبئة في الماضي.
واستدرك التقرير بأن بعض الخبراء يؤكدون في الوقت الراهن أن فرص المشاركة على نحو عادل في الجرعات المضادة لفيروس كورونا، بين الدول الغنية والدول الأخرى تتلاشى سريعًا، موضحًا أنه الدول المتقدمة، التي ساعد بعضها في تمويل الأبحاث من أموال دافعي الضرائب، تخضع لضغط رهيب لحماية سكانها وتقوم بشراء الجرعات.
وأكد التقرير أن مسؤولين بارزين بمنظمة الصحة العالمية اعترفوا سرا بأن محاولات توزيع اللقاحات على نحو عادل عبر المبادرة (كوفاكس)، هي محاولات مشوبة بالفشل، على الرغم من إشادتهم بنجاحها علانيةً.
وتبحث بعض الدول الأكثر فقرا، والتي وقعت على المبادرة، عن بدائل بسبب مخاوف بألا تتسلم جرعات من المبادرة.
ونقل التقرير عن رئيس الصحة العالمية بمنتدى الاقتصاد العالمي أرناؤد بيرنايرت، قوله: «إنها حسبة رياضية بسيطة»، موضحا أن الدول الغنية قامت بحجز 9 مليار جرعة من اللقاحات من 12 مليار جرعة تقريبًا، والتي من المتوقع أن تنتجها صناعة الروائيات العام المقبل، في حين أن «كوفاكس» لم تقم بتأمين جرعات كافية، ومن ثم فالموقف الذي قد يتكشف يتمثل في أنهم سوف يحصلون على هذه الجرعات في وقت متأخر جدا، على الأرجح.
وأشار التقرير إلى قول المتحدث باسم «جافي» للقاحات جيمس فولكير، أن مبادرة كوفاكس قامت حتى تاريخه، استنادا لاتفاقية ملزمة قانونا، بتأكيد ما يصل إلى 200 مليون جرعة، كما أن لديها اتفاقات على 500 مليون جرعة لقاح أخرى، ولكنها ليست «ملزمة قانونًا».
ومن المقرر أن تأتي المائتي مليون جرعة من معهد سيروم الهندي، وهي المؤسسة التي سوف تقوم على الأرجح بإنتاج نسبة كبيرة من الجرعات التي يتم تخصيصها للعالم النامي، بينما أكد المرئي التنفيذي للشركة أدار بوناوالا، أنها أكدت الطلبية على 100 مليون جرعة من اللقاحات التي طورتها جامعة أكسفورد وشركة أسترازينكا ونوفوفاكس.
لكنه قال لـ«أسوشيتد برس» إن عدم الالتزام من كوفاكس يعني انتظار سكان الدول النامية لفترة أطول بكثير، منوها إلى أن الأولوية الأولى لمؤسسته سوف تنحصر في إنتاج لقاحات لصالح الهند، والتي اقترحت نتاج ما لايقل عن 300 مليون جرعة من اللقاحات.
ونبّه التقرير إلى أنه حتى إذا كانت اللقاحات في متناول الأيدي، فإن توزيعها سوف يستغرق شهورا في الدول الغنية، وكثير من الدول النامية والتي تواجه تحديات لوجيستية سوف تضاف إلى التأخيرات، على حد قول الدكتور جاجانديب كانج، خبير الأمراض المعدية بالكلية الطبية المسيحية في فالور، جنوب الهند.
وأكد التقرير أن مسؤولين بارزين بمنظمة الصحة العالمية اعترفوا سرا بأن محاولات توزيع اللقاحات على نحو عادل عبر المبادرة (كوفاكس)، هي محاولات مشوبة بالفشل، على الرغم من إشادتهم بنجاحها علانية.
وفي هذا السياق، قالت الدكتور كاثرين أوبرين، رئيس قسم اللقاحات بمنظمة الصحة العالمية إن الدعوة الكاملة لتضامن عالمي ضاعت تقريبًا، حيث أدلت بهذه الكلمات أثناء مناقشة داخلية مؤخرا، والتي تم تسجيلها وحصلت عليها «أسوشيتيد برس».
وعندما استوضحتها الوكالة، ردت أوبريين في رسالة عبر البريد الإلكتروني بأن كل دولة ينبغي أن تحصل على لقاحات كوفيد في أسرع وقت ممكن.
ولفت التقرير إلى انتقادات مدير المراكز الإفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها جون نكينجاسونج، للدول الغربية لقيامها بشراء إمدادات اللقاح العالمي بما يزيد على حاجتها.
وبغض النظر عن الأخلاقيات المتعلقة بتوزيع اللقاحات، نقل التقرير عن الخبراء قولهم إن الفشل في حماية سكان الدول النامية سوف يترك «خزانا من فيروسات كورونا» قد يتسبب في تفشي جديد للوباء في أي وقت.