«تشيبا كيرا».. قرية هندية تودّع «كابوس الظلام» بعد 65 عامًا

كتب: معتز نادي السبت 01-06-2013 10:46

دخلت الطاقة الكهربائية إلى قرية «تشيبا كيرا» الهندية التابعة لولاية «أتر براديش» المكتظة بالسكان لأول مرة منذ 65 عامًا من استقلال الهند.

وتشير «BBC» على موقعها الإلكتروني، الجمعة، إلى أن 100 من العائلات في القرية الهندية بدت أمارات الارتياح تظهر لديهم، وكان من بينهم شخص يدعى رام آجال، يبلغ من العمر 51 عامًا، كان يسافر إلى إحدى القرى المجاورة يوميًا لشحن هاتفه المحمول، حيث لم تكن توجد طاقة كهربائية لديه في المنزل.

وقال «آجال» لـ«BBC»: «كنا ننتظر لعقود أن تكون لدينا في منازلنا مصابيح ومراوح كهربائية، فعلى الرغم من قربنا الشديد من المجمعات التجارية الكبيرة والمحال المتنوعة التي تتزين بها مدينة لكناو إلا أن حياتنا كانت لا تعتمد على أكثر من مصابيح الكيروسين والشموع».

وتقع قرية «تشيبا كيرا»، الهادئة التي يعمل أهلها في الزراعة، على مسافة تبلغ بالكاد 15 كيلومترًا من مطار مدينة «لكناو» المزدحمة المضيئة، التي تعتبر عاصمة الولاية، كما أنها تبعد مسيرة نصف ساعة بالسيارة عن مقر إقامة رئيس الوزراء الهندي.

قرية «الكابوس»

وأضاف «آجال»: «كان العيش في هذه القرية أشبه بالكابوس، فلم يكن بإمكان الرجال من قريتنا الزواج من خارجها، حيث كان الآباء يقلقون من إرسال بناتهم أو أخواتهم إلى ذلك المكان المظلم»، أما الآن، فوضع محول كهربائي حديث تبلغ طاقته 100 كيلو وات من شأنه أن يغير حياة القرويين هناك، فبعد أيام من تركيبه، هرعت العديد من العائلات إلى شراء المصابيح الكهربائية والمراوح والثلاجات لمنازلهم.

وعلى الرغم من أن التيار لا يزال غير مستقر إلا أن الأهالي يعبرون عن فرحتهم ولو بـ8 ساعات فقط من وصول التيار في اليوم.

وتعتبر ولاية «أتار براديش» واحدة من بين أقل الولايات تقدمًا في الهند، ولا تزال 10 آلاف قرية من بين قراها التي يبلغ عددها 97.122 تعيش دون كهرباء.

من جانبه، قال إم كي فيرما، أحد كبار مسؤولي الطاقة الكهربائية، إن الولاية تعاني من عجز في الطاقة تبلغ نسبته 14%، إذ يعتبر ذلك أعلى من المعدل القومي الذي تبلغ نسبته 8.8%، كما أن انقطاع التيار يعتبر أمرًا اعتياديًا في الولاية.

سبب حرمان القرية من الكهرباء

يأتي تساؤل حول سبب تأخر هذه القرية في الحصول على الطاقة الكهربائية، على الرغم من قربها من عاصمة الولاية؟

يقول السكان إنه لم يجر وضع القرية على خارطة توصيل التيار، لأن تعداد سكانها كان قليلا، وإنه تم إمداد القرى المجاورة التي كان تعداد سكانها أكبر بالكهرباء في وقت أسرع من ذلك بكثير.

كما أنه وعلى الرغم من مجاورتها لمدينة «لكناو» إلا أنه من الصعب الوصول إلى تلك القرية، إذ يتعين على من يقصد تلك القرية عبور إحدى القنوات الجافة والسير في طريق غارقة في الأوحال الطينية.

ويعزو القرويون أيضًا هذا التأخر إلى «عدم اكتراث الحكومة» إلا أن مسؤول الطاقة، إم كي فيرما، يختلف معهم في ذلك.

وقال «فيرما»: «تعتمد سرعة توصيل الكهرباء على حالة العرض والطلب، ففكرة إعطاء الأولوية لقرية دون الأخرى ليست صحيحة، فتوصيل الكهرباء يعتبر عملية مستمرة».

القرية من حزن الظلام إلى سعادة النور

لم يعد أهالي قرية «تشيبا كيرا» يشتكون، فالأطفال والنساء أصبحوا متعلقين بالبرامج التليفزيونية التي يشاهدونها على شاشات التليفزيون التي دخلت بيوتهم مؤخرًا، كما تنعم بعض البيوت بنوع من البرودة بعد تركيب المراوح فيها.

كما أصبح البعض منهم يقومون بتخزين الأطعمة في ثلاجاتهم الجديدة لأول مرة في حياتهم.

فتجد «مالتي»، ذات الثلاثة والعشرين عامًا، أصبحت تمتلك مروحتين وثلاجة في منزلها، وبينما يبحث والداها عن عريس مناسب لها، تحاول هي استدراك ما فاتها في الماضي.

وقالت «مالتي»: «أحب الخياطة، إلا أنني لم أكن أستطيع الاستمرار في العمل فيها لما بعد غروب الشمس، أما هذه الأيام، فإنني أستمر في عملي ذلك إلى ما بعد غروب الشمس، كما أنني متأكدة من أنني سأنام جيدًا في فصل الصيف مع مروحتي الجديدة».

وأضافت: «كما أنني أتابع الآن المسلسلات التليفزيونية المفضلة لدي في المنزل، ففي السابق لم يكن بإمكاننا مشاهدة التليفزيون إلا أثناء زيارتنا لبعض الأقارب خارج القرية».

وعلى الضفة الأخرى للقرية، كان شراء الماء ونقله لري الحقول يعتبر أمرًا شاقًا ومكلفًا على المزارعين من أبناء القرية.

ويقول «مونالال»، وهو أحد سكان القرية: «كانت أكثر المشكلات صعوبة تتمثل في استئجار المولدات ومعدات ضخ المياه لري حقولنا، أما الآن فكلنا نفكر في شراء تلك المعدات».