الشرطة فى خدمة «مارينا»

محمد البرغوثي الأربعاء 14-07-2010 08:00

لا يوجد تفسير منطقى على الإطلاق لإصرار وزارة الداخلية على منع مرور سيارات النقل بكل أحجامها، على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوى أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع.

فكر فى هذا القرار العجيب ما شاء لك التفكير، واجتهد ما شاء لك الاجتهاد، لكى تعثر على سبب يخص الصالح العام للوطن والمواطنين، فلن تعثر على شىء يرتاح له ضميرك. ضع نفسك مكان المتحدث الرسمى لوزارة الداخلية، الذى لم يحدث لو لمرة واحدة فى حياته الوظيفية الطويلة أن اعترف بمجرد هفوة ارتكبتها وزارته.. حاول أن تتقمص هذا الدور الوظيفى وتبحث لوزير الداخلية أو لمدير الإدارة العامة للمرور، عن سبب منطقى يعطيه الحق فى منع آلاف المزارعين من نقل محاصيلهم إلى الأسواق لمدة 3 أيام من كل أسبوع خلال شهور الصيف.. وما هى المصلحة العامة التى دفعت الداخلية إلى إصدار هذا القرار العجيب للعام الثانى على التوالى.

لقد فكرت كثيرا فى الأمر، وتحدثت مع مسؤولين كبار فى البلد بشأن هذا القرار، فلم أعثر لديهم على مبرر واحد باستثناء ترديد الكلام العبثى الذى قالته وزارة الداخلية عن أن القرار يهدف إلى حماية أرواح «المصطافين» الذين يستخدمون هذا الطريق بكثافة خلال شهور الصيف.. وأن السماح بمرور سيارات النقل خلال أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع يرفع معدلات الحوادث على هذا الطريق.

نعم.. هذا كلام عبثى، بل هو تمييز واضح يضع قائله تحت طائلة القانون، ولو كنا فى بلد آخر غير مصر لقامت الدنيا ولم تقعد قبل أن يذهب الذين أصدروا هذا القرار إلى جحيم الإدانة والإقصاء من الوظيفة.

إذ كيف يجرؤ مسؤول على اتخاذ قرار بحرمان المنتجين من نقل محاصيلهم وتعريضهم لخسائر فادحة، حماية لأرواح الصبية العابثين الذين يقضون الصيف كله فى «مارينا»، وكيف يجرؤ مسؤول على اتخاذ قرار يؤدى إلى تخفيض الكثافة المرورية على طريق يستخدمه أثرياء هذا الزمان، وينقلها كاملة إلى طريق مصر - الإسكندرية الزراعى الذى تحول فى أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع إلى جحيم لا يطاق، وكأن الذين يستخدمون هذا الطريق الأخير ليسوا بشرا من الأساس حتى يهتم السيد وزير الداخلية بحمايتهم من حوادث الطرق، فى الوقت الذى يحرص فيه على رعاية أبناء الأثرياء فقط، حتى لو اقتضى الأمر تدمير محاصيل آلاف المزارعين على جانبى طريق مصر- الإسكندرية الصحراوى.

هل يعرف وزير الداخلية أن نسبة حوادث الطرق فى مصر كلها، وصلت إلى 25 ضعف المعدلات العالمية؟. وهل يعرف أن النقط السوداء على طرق مصر تضم 120 نقطة لا يوجد منها غير نقطة واحدة على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوى؟. لماذا كل هذا الاهتمام بطريق الأثرياء إلى مارينا؟.. وما حكم الشرع والقانون والأعراف فى مسؤول يهتم كل هذا الاهتمام براحة المسافرين إلى مارينا.. ويهمل كل هذا الإهمال فى حق المنتجين والمسافرين من القاهرة إلى الدلتا عبر الطريق الزراعى؟

يا معالى الوزير.. نحن الأبقى.. و«مارينا» زائلة، فافعل ما يحلو لك.

elbrghoty@yahoo.com