كم إخوانياً أو سلفياً فى بيتكم؟

ضياء رشوان السبت 19-11-2011 08:00

من ضمن الكوارث والسلبيات الكبرى التى خلقها وخلفها لنا نظام مبارك المخلوع غياب المعلومات عن كل شىء فى البلاد، سواء الإحصائيات الحقيقية المتعلقة بأحوال المصريين الاقتصادية والاجتماعية أو تلك المتعلقة بأوضاعهم السياسية. وغياب المعلومات والحقائق أو تغييبها أو تزويرها كان - ولا يزال - عائقاً كبيراً أمام كل من يريد أن يحدد سياسة دقيقة لمعالجة ظاهرة أو أزمة اقتصادية أو اجتماعية، وهو كذلك بالنسبة لمن يريد أن يتعرف بدقة على الأوضاع السياسية فى البلاد واحتمالات تطورها.

وفى هذا السياق لغياب المعلومات الأساسية التى هى قاعدة اتخاذ أى قرار أو موقف صحيح تأتى الانتخابات البرلمانية التى هى المرحلة الأخطر فى تطور الثورة المصرية، لكى تتضارب التوقعات والتوجهات فيما يخص أطرافها ونتائجها.

وفى قلب هذه الانتخابات وقبلها منذ خلع مبارك وبداية الظهور الكثيف للقوى والأحزاب الإسلامية وصولاً إلى حملاتها الانتخابية الواسعة، هناك انطباعات لدى قطاعات عديدة من النخبة والجمهور بأنها تضم أغلبية كبيرة من المصريين فى عضويتها ودوائر المتعاطفين معها تصل إلى عشرات الملايين. ولا شك أن ولادة مثل هذه الانطباعات وترسخها بعد ذلك يمكن لهما أن يؤثرا بصور عديدة على توجهات الناخبين فى الانتخابات القادمة بما يدفعهم للتصويت لمن يعتقدون أنه «الأقوى» والأقرب للنجاح، وهم هنا القوى والأحزاب الإسلامية.

والحقيقة أن محاولة التعرف الدقيق على الحجم الواقعى لهذه القوى والأحزاب يعوقها غياب المعلومات عنها سواء منها أو من خارجها. ومن هنا فليس هناك من سبيل سوى الاستنتاج وبعض الوسائل والسبل غير المباشرة التى قد لا تكون دقيقة أيضاً. وفى هذا السياق فإن الجماعة الأكبر فى التيار الإسلامى وهى الإخوان المسلمون تراوحت التقديرات لعدد أعضائها العاملين من أقل من 100 ألف كما أعلن بعض قيادييها السابقين إلى بضعة ملايين كما يعتقد بعض أعضائها الحاليين، مروراً بتقدير لنا نشرناه قبل عامين بناء على مؤشرات مركبة بأنهم نحو نصف مليون عضو عامل.

ويزداد الأمر تعقيداً فى حالة التيارات السلفية التى تعطى الانطباع بأنها تضم ملايين عديدة بدون أن يكون هناك أى مؤشر مؤكد ودقيق على صحة هذا التقدير. ويتحول الوضع إلى أكثر سهولة فيما يخص التيارات الجهادية السابقة، حيث إن اعتقالات النظام السابق لأعضائها تعطى مؤشرات أقرب للدقة حول عضويتها التى لا تتجاوز عشرات الآلاف.

فى ظل غياب المعلومات والقدرة الدقيقة على التعرف على الحجم الحقيقى للتيارات الإسلامية فى مصر، يمكن لنا أن نقترح منهاجية بسيطة، هى بلا شك غير دقيقة ولا كافية، ولكنها قد تعطى بعض المؤشرات الأولية لهذا الحجم. وتختصر هذه المنهاجية فى محاولة كل منا الإجابة عن سؤال: كم إخوانياً أو سلفيا أو جهاديا سابقا نعرفه سواء فى محل سكننا أو عملنا أو عائلتنا وأقاربنا أو أصدقائنا؟ وقد جربنا هذه المنهاجية فيما يخصنا واكتشفنا عبرها أن حجم التيارات الإسلامية فى تلك الدوائر المحيطة بنا أقل بكثير من الانطباعات السائدة فى مصر. وأتت إجابات عديد من الأصدقاء والزملاء من شرائح اجتماعية ومناطق جغرافية مختلفة عن نفس السؤال الذى طرحناه عليهم لتؤكد نفس النتيجة الأولية.

إن تجربة طرح مثل هذا السؤال البسيط سوف توصل كلا منا إلى تصور، ولو ذاتى، حول حجم التيارات الإسلامية الأقرب للحقيقى، وهو ما يجب أن نضعه دوماً فى مقارنة مع عدد الناخبين المصريين الذى سينتخبون البرلمان وهو خمسون مليون مصرى، حتى يمكن لنا توقع أقرب للدقة لنتائج الانتخابات البرلمانية القادمة.

diaarashwan@gmail.com