يقول الخبر: إنشاء نقاط مراقبة مشتركة داخل مدينة عين عيسى بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش السورى وروسيا. فى الحقيقة يعبر هذا الخبر عن الحالة السريالية التى تعيشها سوريا فى الوقت الحالى، إذ إن قوات قسد هذه هى قوات يغلب عليها المكون الكردى، وهى خارجة على سلطة دمشق وتسعى لإقامة كيان مستقل فى الشمال السورى بعيدًا عن قبضة بشار الأسد. ولعلنا نذكر معركة مدينة كوبانى أوعين العرب التى خاضتها هذه القوات ضد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2015 ونجحت بمساعدة أمريكية فى دحر الدواعش والسيطرة على المدينة.
مشكلة هذه القوات والحزب الذى تقاتل تحت رايته (حزب الاتحاد الديمقراطى) أنها فى سعيها لإقامة كيان كردى مستقل تصطدم بقوى عديدة منها ما هو داخلى وما هو خارجى. القوى الداخلية تتشكل من المواطنين السوريين موزعين ما بين جيش بشار الأسد والجيش السورى الحر، وتنظيم الدولة وجبهة النصرة. أما القوى الخارجية التى تعارض إقامة أى كيان كردى مستقل على الأرض السورية فهى تركيا التى لا تريد على حدودها إقليمًا كرديًا تحكمه قوات تراها امتدادًا لحزب العمال الكردستانى الذى يأمل بدوره فى كيان كردى على الأرض التركية.. يضاف إلى تركيا، إيران التى تقاتل إلى جانب بشار الأسد ضد أعدائه على اختلاف تكوينهم، وكذلك روسيا التى أقامت لها قواعد عسكرية بدعوة من حكومة دمشق. نعود للخبر الذى يقول بموافقة «قسد» على نقاط عسكرية مشتركة مع الجيش السورى وقوات من روسيا فى مدينة عين عيسى عاصمة الكيان الكردى فى الشمال السورى. من الواضح أن هذا التنازل لم تقم به قسد إلا تحت الضرورة القصوى المتمثلة فى التهديد التركى باجتياح المدينة، أى أن الأكراد المدعومين من أمريكا يجدون أنفسهم أحيانًا دون غطاء عندما يتم التفاهم بين واشنطن وأنقرة، فيضطرون إلى اللجوء للدولة السورية التى هم فى حالة خروج عليها من الأساس!.. البعض يرى فى هذا قدرا من الحصافة السياسية التى تميز بين الأعداء وتضعهم على مقياس يبدأ بالأخطر فالأقل خطورة.
!.