ما تأثير التغيرات المناخية على البيئة والزراعة والموارد المائية في مصر؟ خبراء يجيبون

كتب: ريهام العراقي الخميس 10-12-2020 11:46

تعد التغيرات المناخية قضية عالمية، وتعتبر مصر واحدة من أكثر الدول تأثراً بالآثار السلبية بها، خاصة من ناحية القطاع الزراعىي والنظام البيئي والفقر المائي وارتفاع مستوى السطح، وأيضا أمنها الغذائي، في ظل عدم وجود اهتمام كافٍ بهذه القضية القومية.

قال الدكتور محمد داوود، أستاذ الموارد المائية بهيئة البيئة بأبوظبي، لـ«المصرى اليوم»، إن التحدي الأكبر الذي يواجه المنطقة العربية شُح الموارد المائية المتجددة في ظل الزيادة المستمرة لعدد السكان وضرورة الوفاء بمتطلبات التنمية في القطاعات المختلفة وتوفير الأمن الغذائي، مشيرًا إلى أنه في الآونة الأخيرة أثبت الدراسات العلمية الترابط الكبير بين المياه والغذاء والطاقة وأهميته استدامة هذه الموارد للأجيال القادمة، وكذلك أهميته في مواجهة التغيرات المناخية .

وأكد «داوود»، أن المنطقة العربية تعاني من ندرة الموارد المائية المتجددة وتلوثها، وتشير الدراسات العالمية إلى أن موارد المياه الجوفية أيضا تنضب بوتيرة سريعة في المنطقة العربية، وإذا استمرت الأمور على حالها في استغلال هذه الموارد الشحيحة والضغط على الموارد المحدودة فمن المتوقع أن تنضب خلال ما يقرب من 30 عاماً، وسيكون لذلك تأثير كبير على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تعتمد على هذه الموارد المائية، حيث سينخفض الإنتاج الزراعي في بعض البلدان بنسبة قد تصل إلى 60% ويؤدي ذلك إلى وجود البطالة في القوى العاملة الزراعية التي قد تصل إلى 30% من إجمالي القوى العاملة في بعض البلدان الزراعية في المنطقة.

فيما أوضح الدكتور محمد فتحى أستاذ المناخ بالمركز القومى للبحوث، أن أسباب التغير المناخى يرجع إلى زيادة معدلات النشاط البشري الصناعي الذي أدى إلى زيادة تركيز غازات معينة في الغلاف الجوي، وحدوث ما يسمى بـ«الاحتباس الحراري» وتتأثر به الدول المتقدمة والنامية، إلا أن النامية هي الأكثر تأُثرا لضعف البنية التحتية مثل مصر، فالدول الأوروبية مثلًا تتعرض أحيانًا لتغيرات مناخية حادة، لكن عندهم بنية تحتية لمواجهة التغيرات المناخية فتجنُّبهم حدوث خسائر كبيرة .

ومن ناحية القطاع الزراعي أشار «فتحي» إلى أن المناخ هو العامل الأكبر في التأثير على القطاع الزراعي مما له أثر على النبات والتربة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إنما هناك مشكلة أخرى ناتجة عن التغيرات المناخية، وهي جودة المنتج، فمن الممكن أن يحدث عدم انخفاض في الإنتاجية، لكن تحدث مشكلة في المنتج ذاته، بحيث يكون أقل جودة، ولا يتحمل التخزين أو التداول، أو يصاب بضعف في التلوين أو النضج، وأحيانًا تحدث زيادة في التحديات التي تواجه المحاصيل، مثل زيادة انتشار الآفات والأمراض أو ظهور آفات جديدة.

خلص منتدى القاهرة الـ 69 للتغير المناخي إلى معاناة الكثير من المصريين من سوء التغذية بسبب سوء نوعية المدخول الغذائي ووعدم تنوعه، وأكد الحضور من الخبراء المصريين والألمان أن تغير المناخ الناجم عن التغيرات التي تحدث من صنع الإنسان في بيئتنا بشكل كبير يؤثر على إنتاج الغذاء من خلال الآثار الناجمة عن التغير المناخي مثل التصحر أو ملوحة التربة أو ندرة المياه أو الظواهر الجوية الشديدة.

وأكد المنتدى إلى أن ضمان الأمن الغذائي والاكتفاء الغذائي للدول يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتغير المناخ، ولابد من إعادة التفكير في أنماط استهلاكها، خاصة أن إنتاج الغذاء من قطاعات الثروة الحيوانية ومصايد الأسماك والزراعة المسؤولية يتحمل ما يقرب من ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم .

وبشأن تأثير التغير المناخي على القطاع البيئي، توقع محمود القيسوني الخبير البيئي ازدياد ابيضاض الشعب المرجانية إلى 80% بحلول 2060 وجفاف شجيرات المانجروف التي تنتشرأمام سواحل البحر الأحمر في ظاهرة طبيعية نادرة، وارتفاع منسوب سطح البحر سوف يؤدي إلى غرق الأراضي الرطبة بالمحميات الطبيعية الواقعة في السواحل الشمالية لمصر والتي تعتبر ملاذا للطيور المهاجرة خلال رحلتها الشاقة من الشمال إلى الجنوب، مما سيؤدي إلى انخفاض في أعداد الطيور.

وتحدث «القيسوني» عن حدوث ظواهر مناخية شاذة بسبب التغير المناخي تضرب مصر منها السيول الصحراوية الجارفه والتي دمرت قرى بأكملها ومنها تساقط البرد ليدمر المحاصيل الزراعية في قطاعات كامله ثم ظاهره الصيف الكاذب، والذي تسبب في الارتباك الكامل لمواسم المحاصيل الزراعية، وأخيراً الأمطار الغزيرة وتوابعها على مجتمع بنيتة الأساسية غير مجهزة بالمرة لمواجهة هذا المناخ.

وأشاد «القيسوني» بخطوات القطاع الخاص للسياحة والجمعيات الأهلية وجمعيات الغوص، أمام سواحل البحر الأحمر والمتوسط حيث تم زراعه أكثر من ألف وخمسمائة شمندوره لحماية الشعاب المرجانية وتكوين شبكة مراقبة بيئية نشطة تمكنت من وقف مخالفات جسيمة في حق البيئة الساحلية والبحرية والصحراوية .

ومن جانبها أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، أن مصر مرت برحلة طويلة من العمل في قضية تغير المناخ، وهي من الدول التي لعبت دورا محوريا في الإعداد لاتفاق باريس للمناخ وإعلانه على مستوى التفاوض وقيادة المجموعة الأفريقية واطلاق المبادرتين الأفريقيتين للتكيف والطاقة المتجددة، ولا تزال مصر تمارس دورها في الدفع بمسار التفاوض والدفاع عن أولويات الدول الأفريقية والنامية، وبناء القدرات الوطنية، وتأسيس المجلس الوطني للتغيرات المناخية برئاسة وزارة البيئة وعضوية الوزارات المعنية.

وأوضحت وزيرة البيئة، أن العمل على مواجهة آثار تغير المناخ بدأ في القطاعات المعنية بالتخفيف من تلك الآثار كقطاع الطاقة، حيث أصبح لدى مصر خطة طموحة في مجال الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى قطاعي الصناعة والنقل ويمثلان أكثر القطاعات المنتجة لانبعاثات الاحتباس الحراري، موضحة أن التكيف مع آثار التغيرات المناخية هو هدف محوري لمصر، لذا يتم العمل مع القطاعات المعنية بالتكيف كقطاعات الموارد المائية والري والزراعة.

وأشارت«فؤاد»، أن مشروعات التخفيف من آثار التغيرات المناخية أصبحت متاحة وجاذبة للقطاع الخاص، لكننا تهدف أيضا إلى خلق حوافز جاذبة له للعمل في مشروعات التكيف، فمن خلال إعلان مصر مؤخرا الطرح الأول للسندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار لتمويل مشروعات خضراء، تضم القائمة الأولى لها مشروعات للتخفيف والتكيف مع آثار التغيرات المناخية.

- صورة أرشيفية

مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية - صورة أرشيفية

- صورة أرشيفية