فى كل مرة أكتب فيها عن «الأهلى»، أحتار من أين أبدأ؟ وما هى الكلمات التى أنتقيها لفريق عشقته منذ طفولتى، وهتفت باسمه قبل أن أعرف ماهية مباريات كرة القدم، وكان سببا فى فرحتى سنوات طويلة، وتشكيل جزء كبير من وجدانى، وتأثيره الإيجابى على حياتى بشكل قد لا يتخيله البعض؟ فهو ذلك الفريق الذى لا يعرف معنى المستحيل، فكيف أستسلم أنا فى أى موقف يواجهنى وأنا «الأهلاوية العاشقة»، كل ما أتذكره عن بداية ارتباطى بالأهلى واللون الأحمر المبهج الذى يميزه، هى صورة كبيرة فى «برواز ذهبى» تعلو حائط غرفة الصالون فى بيتنا القديم، تجمع مجموعة من الرجال مصطفين وقوفا وجلوسا بتيشيرتات حمراء موحدة، وأمامهم قطعة دائرية ذهبية، يطلق عليها إخوتى ووالدتى عاشقة الأهلى الأولى فى حياتى، «الدورى»، إذن ذلك هو الفريق الذى يجتمعون أمام التليفزيون لمشاهدته والصراخ مع كل كرة تهز الشباك، ويعلو صوتهم بفرحة عارمة «جوووون»، وأنطلق معهم فى فرح وبهجة، والدتى تلك المرأة التى خالفت القواعد المتعارف عليها لنساء الصعيد، وقررت تشجيع كرة القدم واختارت «الأهلى» وقت عصره الذهبى فى السبعينيات من القرن الماضى، ليكون فريقها المفضل، كانت دموع أمى- ولازالت- تنزل أمامنا حال لا قدر الله هزيمة الأهلى، مرت السنوات وحب الفريق يزداد فى قلبى، يسيطر على روحى وحالتى النفسية، يرفرف قلبى مع أعلامه الحمراء التى تحمل «نسره»، أراه ذلك «الكيان» الذى يقوده رجال لا يعرفون المستحيل، لا يقبلون بالهزيمة، أو يستسلمون لها، وأصبح هناك جيل جديد فى العائلة من أبنائى وأبناء أخوتى يعشقونه، ربطت بين الأهلى والزعيم عبدالناصر، كلاهما لا يستسلمان، وكلاهما مستهدفان بـ«أقلام سوداء» تريد إسقاطهما وتصدير صورة مغايرة لهما والتشكيك فى إنجازات كل منهما، بجملتين «عبدالناصر المهزوم» و«الأهلى بيكسب بالحكام»، عايشت «الأهلى» طوال 35 عاما، وقرأت تاريخ ناصر من شهادات متوازنة، وكان قرارى: «أيقونات حياتى» أزداد حبا لهما يوما بعد يوم.
كيف إذن يساهم الحكام فى فوز فريق يلعب بحماس ولا يعرف اليأس، حتى آخر دقيقة، ويدعم صفوفه باستمرار بأفضل اللاعبين، لمدة 70 عاما على الأقل، وإن توقفت نغمة الحكام تبدأ «سيمفونية الحظ»، ولا يعلمون أن كلمة السر فى الأهلى هى «الروح»، مع الأسف آفة حارتنا التشكيك فى المؤسسات الناجحة، «الأهلى» الذى دعمه الاقتصادى العظيم طلعت حرب، وقاده الفريق مرتجى والمايسترو صالح سليم، بالأمس سطر تاريخا جديدا يضاف لسجلاته، بعدما استطاع وسط وقت عصيب و«حرب خفية»، الجمع بين 3 بطولات للمرة الثانية فى تاريخه، تعرض الأهلى لهجوم غريب ووقفنا كجماهير «فى ضهره»، فهذا حقه علينا كمصدر رئيسى لفرحتنا وإزالة هموم الدنيا عنا، ليجدد تتويجه ملكا على الكرة المصرية والإفريقية، وعلى الجميع أن يعلم أنه لا يوجد «كيان» فى هذا العالم يؤسس لمحاربة احتلال فى بلده، يمكن أن يتم إسقاطه أو النيل من تاريخه، وسيظل «الأهلى ملكا متوجا على قلوبنا»، وستظل «الكورة بتحب الأهلى» وأنا كمان.