صار مستقبل الاستثمارات الصينية في إثيوبيا «غير يقيني» مع تصاعد وتيرة الحرب الأهلية في إثيوبيا، والتي أدت إلى نزوح عشرات الآلآف وتهدد بزعزعة الاستقرار في منطقة تستثمر فيها بكين بقوة.
وقال التقرير الذي نشره موقع إذاعة «وورلد»، إن الصراعات العرقية والسياسية عميقة في إثيوبيا، لم تنته بمجرد أن الصين قامت بالاستثمار بكثافة هناك على مدار العقدين الماضيين، أو لأن آبي أحمد فاز بجائزة نوبل عام 2019 لإنهاء الحرب مع إريتريا المجاورة.
وأشار تقرير الموقع، الذي ساهمت بي بي سي مع الراديو العام الدولي الأمريكي في تأسيسيه، إلى أن منطقة القرن الإفريقي، والتي تضم الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا، ظلت طويلا بؤرة استراتيجية تركز عليها القوى العظمى العالمية، والتي تقع عند ملتقى خليج عدن بالبحر الأحمر بمضيق باب المندب، وهو طريق مائي استراتيجي للنفط.
ولفت إلى أن الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة خاضا خلال الحرب الباردة حروبا بالوكالة في إثيوبيا والصومال، ولدى كل من الولايات المتحدة والصين قواعد عسكرية في دولة جيبوتي الصغيرة الساحلية، عند جزء ضيق من المضيق.
وأكد أن كثيرا من مبادرة الحزام والطريق الصينية يشمل بناء حزام من الطرق البرية وطريق الحرير البحري حول العالم، وذلك لأغراض اقتصادية واستراتيجية، مشيرا إلى أن استثمارات الصين الكثيرة في جيبوتي وإثيوبيا تشمل بناء سكة حديد تربطهما وهو ما يعني ربط مدينة ميكيللي عاصمة إقليم تيجراي بجيبوتي.
وأشار التقرير إلى أنه وقبل بدء الاستثمارات الصينية بوقت طويل في مطلع القرن الجديد، خاضت الحكومة المركزية الإثيوبية حروبا طويلة مع إقليم تيجراي وإريتريا، حيث استمرت الحرب مع الثانية ثلاثين عاما و17 عاما مع الأول، حيث انتهت الحرب مع كليهما عام 1991، عندما أعلنت إريتريا الاستقلال واستولت بهة تحرير شعب التيجراي على الحكومة المركزية، وظل التجرانيون في السلطة حتى رفعت الاحتجاجات السياسية أبي أحمد إلى منصب رئيس الوزراء في 2018.
ومن ثم رفض زعماء جبهة تحرير شعب التيجراي الإطاحة بهم عندما بدأ آبي أحمد استبدالهم في الحكومة، وهكذا تركت الجبهة حزب الوحدة، وتراجعت إلى إقليم التيجراي، وأجرت انتخابات لها في سبتمبر الماضي في تحد لقرار الحكومة لتأجيل الانتخابات بسبب كوفيد-19.
ونبه التقرير إلى أن المليشيات الإقليمية بتيجراي ذات حجم كبير ومدربة جيدا، حيث تضم نحو 250 ألف مقاتل مسلح، وأدى هجومها مؤخرا على إحدى القواعد العسكرية الوطنية إلى الصراع الجاري، والذي يشمل قصفا جويا تشنه الحكومة المركزية في المناطق التي قضت فيها الشركات الصينية سنوات في بناء البنية الأساسية.
وقال إن رؤساء الوزراء التيجراي عندما كانوا في السلطة ويحكمون إثيوبيا، كانوا يدعون المستثمرين الصينين إلى بناء الطرق التي تلح عليها الحاجة والسدود والمنتزهات الصناعية وغيرها في معظم المناطق الإثيوبية، وذلك في وقت كان يعتبر فيه كثير من المستثمرون في الغرب الاسثتمار في إثيوبيا ينطوي على مجازفة شديدة.
وقال جيتشايو أليمو، الاقتصادي الإثيوبي، إن الصين كانت جريئة بما يكفي كي تنخرط في السوق فقد ساعدتنا في الحقيقة، واعتدنا أن يكون لدينا طلبات ضخمة متراكمة لمشروعات بنية أساسية، ولكن لم يكن لدينا تمويلا لها، لذا جاء رأس المال الصيني منقذا لنا.
يذكر أن الصين تعتبر مليارات الدولارات المستثمرة في إثيوبيا أو التي أقرضتها إياها جزءأ من مبادرة الحزام والطريق.
وتشمل المشروعات الاقتصادية والتنموية التي قامت بها الصين في إفريقيا إنشاء 3750 ميلا من السكك الحديدة والطرق ونحو 20 ميناء وأكثر من 80 منشأة كبرى للطاقة وأكثر من 130 مستشفى ومركزا طبيا وما يزيد على 170 مدرسة.