فى نفس الوقت الذی صدر فيه بيان وقعه نحو عشرة من المخرجين والسينمائيين فى سوريا يعلنون فيه مقاطعة مهرجان دمشق السينمائى الدولى السابع عشر، صدر فى اليونان بيان آخر وقعه أكثر من مائتى مخرج وسينمائى يعلنون فيه مقاطعة مهرجان سالونيك السينمائى الدولى الـ«50» الذى ينعقد فى المدينة اليونانية التاريخية أو عاصمة اليونان الثقافية.
ولست من الذين يثمنون قيمة البيانات بعدد من يوقعون عليها، وقد وقع على البيان السورى ثلاثة من المخرجين، الذين صنعوا السينما السورية منذ سبعينيات القرن الميلادى الماضى، وكتبوا أسماءهم بحروف من نور فى تاريخ هذه السينما، وهم نبيل المالح وعمر أميرالى ومحمد ملص، ولكن المشكلة فى الدوافع والأهداف بين كلا البيانين السورى واليونانى.
دوافع البيان السورى مع الأسف تبدو بوضوح شخصية ضد شخص مدير المهرجان، وهو مدير مؤسسة السينما فى نفس الوقت الناقد السينمائى محمد الأحمد، ولأسباب شخصية تتعلق بمشاكل مالية بين المؤسسة ونبيل المالح، وبسبب رفض إنتاج مشروع فيلم لمحمد ملص يتطرق فيه إلى حياته الخاصة مع زوجته السابقة، التى هددت المؤسسة برفع دعوى قضائية إذا وافقت على إنتاج السيناريو بالصيغة التى قدمها بها المخرج المؤلف، أما عمر أميرالى، فموقفه معروف ضد العمل مع المؤسسات الثقافية الحكومية، وإن كان هذا الموقف لا يبرر مهاجمة ومقاطعة كل عمل تقوم به أى من هذه المؤسسات.
محمد الأحمد رجل فى مكانه، فهو من القلة فى سوريا التى تعرف ما هى السينما، وقد استطاع أن يجعل من مهرجان دمشق مهرجاناً دولياً وسنوياً، وأصبح تحت إدارته نقطة ضوء وسط ظروف بالغة الصعوبة على شتى المستويات، وليس معنى هذا بالطبع أن المهرجان من دون سلبيات، ويمكن أن يكون أفضل مما هو عليه، ولكن ذلك لن يتحقق باستبعاد محمد الأحمد، وإنما بالنقد الموضوعى البناء.
أما دوافع وأهداف البيان اليونانى فهى إصدار قانون جديد شامل للسينما، وفصل المهرجان القومى فى سالونيك عن المهرجان الدولى، حيث يقام الأول أثناء انعقاد الثانى، وقد أدت المقاطعة إلى عدم إقامة المهرجان القومى أثناء المهرجان الدولى بالفعل، وإلى مناقشة القانون الجديد فى البرلمان خلال الشهور القليلة المقبلة، ونتيجة لهذا الموقف قرر رئيس المهرجان جورج كورافاسى تقديم استقالته، وكذلك ديسبينا موزاكى، مديرة المهرجان، رغم نجاحها فى إدارة المهرجان خلال السنوات الخمس الماضية.
ومع تولى الحزب الاشتراكى السلطة بعد الانتخابات التى جرت فى أكتوبر، تبدأ السينما فى اليونان، وكذلك مهرجانها الكبير مرحلة جديدة.
samirmfarid@hotmail.com