لا رحمة بالمتحرشين

أيمن الجندي الأربعاء 18-11-2020 02:16

تلقيت رسائل ثائرة من فتيات غاضبات على مقال (طبيب الميكروباص). أريد أولا أن أبرئ ساحتى فأؤكد أننى لم أقم بلوم الفتاة التى قامت بفضحه وتصويره مطلقا. كل ما قلته إنه كان هناك سيناريو أكثر رحمة، يمنع الجريمة قبل وقوعها، بمجرد كلمة تحذير بنبرة حاسمة.

وفى كل الأحوال أعتذر لكل فتاة تأذت مما كتبته! أو تصورت أننى أهوّن من حجم الأذى الذى تتعرض له! من الوارد جدا ألا أكون قد وفقت فى التعبير عن وجهة نظرى! أو يكون رأيى من الأصل خاطئا.

■ ■ ■ ■

على كل حال أترككم مع الرسالة الغاضبة الكاشفة:

«أنا غاضبة جدا من رفقك بهذا المتحرش واهتمامك بمصيره. ما تدمر حياته ولا ينتحر ولا يغور فى ستين داهية! ما الذى يهمنا من ذلك؟ ثق أن ربنا لا يفضح أحدا من المرة الأولى أبدا. ولتعلم أن البنات جميعا تعرضن لهذه المواقف، ولا يمكن أن تتصور وقعها علينا، ولا كيف تؤذينا وتؤثر بنا وتجعلنا نكره أنفسنا ونكره وجودنا. التحرش فى وضح النهار وسط الزحام دون أن يبالى المتحرش بوجود الناس حوله. أنت تقول: «كانت تحذره»! واضح أنه ليست لديك أى فكرة عن الذى نتعرض له فى الشوارع. أنا حزينة منك فوق ما تتصوره. مجرد التعاطف معه أو تمنيك له أى سيناريو غير السجن يعنى أنك لا تدرى ماذا يحدث لنا! نحن نكتم ما نتعرض له ولا نبوح به لأهالينا رحمة بهم! حتى لا نحرق دماءهم على ما تتعرض له بناتهم! مدّ أيدٍ علينا منذ أن بلغنا الحادية عشرة، وكلام من أقذر ما يكون قبل أن نفهم حتى ما معنى هذا الكلام ونحن فى غفلة براءتنا. ولحظات الرعب التى تعيشها البنت وهى بعد طفلة. بل حتى الحامل لا يحترمونها! عندما كنت حاملا فوجئت أن وغداً (كفانى) على وجهى لأنه ضربنى من الخلف! وكنت وقتها فى الشهر السابع! ومتى؟ فى عز النهار ودون أن يبالى بأحد! والتحرش جهارا نهارا من رجال فى الثلاثين والأربعين، بل ومن عجائز فى السبعين!

أكرر: لو حكيت لكم ستُصدمون! ذات مرة حكيت لزوجى فلم يستطع التحمل، ورجانى ألا أحكى له ثانية! نحن لا نتحدث رحمة بأهلنا. لأننا سنقهرهم ولن يفعلوا شيئا، طالما لا نعرفهم ولا نستطيع الوصول إليهم.

ما تعرضنا له أفقدنا الثقة كمعنى عام! أنا لا أثق بالناس الذين أسير جوارهم فى الشارع. نبتعد عن أى تجمعات شباب لأننا لا نريد أن نغامر بأنفسنا.

■ ■ ■ ■

المسألة ليست فى سيناريو أرحم! المسألة الحقيقية هل فعلها أم لا؟ لو كان قد فعلها فليذهب فى ستين داهيةّ! ليدخل السجن أو ينتحر أو تسحب النقابة ترخيصه أو يُفصل من الجامعة! هل هذا من الأصل طبيب يؤتمن؟