ترامب ملوش نهاية

محمد كمال الإثنين 16-11-2020 01:06

من أشهر الإفيهات للفنان الراحل فؤاد المهندس فى المشهد الأخير لفيلم عودة أخطر رجل فى العالم، هو عبارة «مستر إكس ملوش نهاية» والتى قالها أيضا بالإنجليزية Has no end. هذه العبارة تنطبق بشكل كبير على مستر ترامب، أو الرئيس الأمريكى الحالى، والتى تشير معظم الدلائل إلى خسارته للسباق الانتخابى ضد منافسه الديمقراطى جو بايدن، وبالرغم من ذلك لا يريد أن يسدل الستار على نتائج الانتخابات ويعترف بالهزيمة.

فى الغالب سيترك ترامب البيت الأبيض فى ظهر يوم ٢٠ يناير القادم، وهو موعد التنصيب الرسمى للرئيس الجديد، ولكن ترامب لن يترك الساحة السياسية بشكل نهائى، فالبعض لا يستبعد سعى ترامب للترشح مرة أخرى فى انتخابات الرئاسة عام ٢٠٢٤، أو نزول أحد أفراد أسرته السباق الانتخابى، ويرجح البعض قيام ابنته «إيفانكا» بهذا الدور.

وحتى لو لم يترشح هو أو أحد أفراد أسرته للانتخابات القادمة، فهناك أنباء عن سعيه لإنشاء قناة تليفزيونية جديدة يستمر من خلالها فى المشهد السياسى ويؤثر عليه.

إلا أن الأهم من كل ما سبق هو أنه حتى لو قرر ترامب أن يبتعد عن السياسة، فإن إرثه السياسى وأسلوبه وأفكاره، أو ما أصبح يعرف بالترامبية سوف يستمر لسنوات طويلة قادمة. فقد استطاع ترامب أن يستحوذ على الحزب الجمهورى خلال السنوات الأربع الماضية، وتخلى الحزب عن فكره، وأصبح فكر ترامب هو فكر الحزب، ومنها بعض المبادئ التى تتعارض مع تراث الحزب، وخاصة أفكار ترامب المتعلقة بمعاداة التجارة الحرة وتبنى الحروب التجارية، ومعاداة المهاجرين، وتشجيع دور وإنفاق أكبر للدولة. وبلغت سطوة ترامب على الحزب الجمهورى أن الحزب تخلى فى مؤتمره العام الأخير، والذى يعقد كل أربع سنوات، عن طرح برنامج جديد للحزب، وفى ظل هذا الفراغ، أصبحت توجهات ترامب بمثابة برنامج الحزب من حيث الواقع.

.. يضاف لذلك أن ترامب أصبح النموذج لأى مرشح للحزب الجمهورى على المستويات المختلفة، واعتمد الكثير منهم فى انتخابات الكونجرس الأخيرة على شعبية ترامب والتأكيد على ولائهم له للفوز بمقاعدهم فى الدوائر المختلفة، وكثير من الجمهوريين التقليديين الذين حاولوا أن يحافظوا على مسافة بينهم وبين أفكار ترامب، قرروا التقاعد وعدم الترشح للانتخابات.

تأثير ترامب سوف يمتد كذلك إلى انتخابات الرئاسة القادمة فى ٢٠٢٤، فالقاعدة الانتخابية للحزب أصبحت ترامبية، واتسعت فى انتخابات ٢٠٢٠ عما كانت عليه فى ٢٠١٦، ولم تعد تقتصر فقط على البيض بل امتدت فى الانتخابات الأخيرة إلى بعض الأقليات العرقية، كما ظهر فى تصويت الأمريكيين من أصول لاتينية له رغم بنائه لسور للحد من الهجرة من أمريكا اللاتينية.

وإذا لم يترشح ترامب فى انتخابات الرئاسة القادمة، فسوف يكون له دور كبير فى اختيار المرشح، وسيسير مرشحو الحزب فى طريق ترامب، ويعتمدون على القاعدة الشعبية التى كونها، والتى وصلت فى الانتخابات الأخيرة إلى أكثر من ٧٠ مليون ناخب.

تأثير ترامب سوف يستمر أيضا من خلال ثلاثة قضاة فى المحكمة الدستورية تم تعيينهم فى عهده، والذى سيضمن أغلبية وسيطرة محافظة فى أعلى محكمة بالبلاد لعقود قادمة. باختصار ترامب لن ينتهى، والترامبية مستمرة لأنها لم تعد ترتبط فقط بشخصه، بل أصبحت ظاهرة سياسية تعبر عن واقع جديد، وتستند إلى قاعدة شعبية واسعة فى المجتمع الأمريكى.

mkamal@feps.edu.eg