تعقد لجان الأصول والخصوم فى البنوك العاملة بالسوق المحلية، اجتماعات مكثفة خلال أيام، لبحث مصير أسعار العائد لديها على القروض والودائع، عقب قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى الخميس الماضى، خفض سعر العائد بواقع ٥٠ نقطة أساس، أى نصف فى المائة.
وتتجه أغلب البنوك إلى خفض سعر الفائدة بنفس السعر، بينما قرر البنك الأهلى المصرى- أكبر البنوك الحكومية- عدم التخفيض، فيما يدرس بنك مصر- ثانى أكبر بنك حكومى بالسوق- اتخاذ القرار المناسب فى ضوء تكلفة الأموال لديه وخطط إدارة السيولة.
وقال حسين رفاعى، رئيس بنك قناة السويس، العضو المنتدب، إن لجنة «الكو» لدى مصرفه ستعقد اجتماعا الثلاثاء المقبل، لبحث مستويات سعر الفائدة، مؤكدا الاتجاه للتخفيض.
وكشف محمد أوزالب، رئيس بنك بلوم -مصر، أن هناك بعض الأوعية لدى مصرفه المرتبطة بسعر الإقراض والخصم -الكوريدور- لدى البنك المركزى والذى تم خفضه، انخفض تلقائيًّا سعر العائد عليها عقب قرار لجنة السياسة النقدية بالخفض. وأضاف «أوزالب» أن لجنة الأصول والخصوم بالبنك ستنعقد خلال الأسبوع الجارى لبحث الأسعار وفقًا لإحصائيات ودراسات البنك فى هذا الشأن.
وقال إيهاب السويركى، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لبنك أبو ظبى التجارى- مصر، إن البنك سيخفض سعر الفائدة ولكن ليس على كل المنتجات المصرفية، وسيكون التخفيض بواقع نصف فى المائة، وسيتم دراسة خفض سعر الفائدة على حسابات التوفير والودائع، بينما يتجه البنك إلى الإبقاء على عائد شهادات الادخار ذات العائد الثابت كما هو دون تغيير.
وقال ولى الدين لطفى، نائب العضو المنتدب لبنك كريدى أجريكول -مصر، إن المصرف يدرس اتخاذ القرار المناسب بشأن أسعار الفائدة، ومراعاة مصالح العملاء، لا سيما أن البنك خفض سعر الفائدة مؤخرًا.
أكد عدد من الخبراء أن قرار لجنة السياسة النقدية خفض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض، بنسبة 0.5%، يساهم فى زيادة الاستثمارات، وفرص العمل، ورفع معدل النمو، وأن القرار جاء بالتوازى مع انخفاض معدل التضخم، وأنه سيساهم فى خفض عجز الموازنة، وفوائد الدين العام.
أكد الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى، أن هناك 3 أمور كانت أساسية عند اتخاذ لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، قرارها بخفض سعر الفائدة 0.5%، وهى التطورات العالمية الخاصة باقتصاد الأسواق الناشئة، وتطور الاقتصاد الداخلى، ومدى إقبال الاستثمارات الأجنبية المباشرة على السوق المصرية.
وأضاف «الفقى» لـ«المصرى اليوم» أن معظم دول الأسواق الناشئة، والتى تمثل 35 دولة، تتعرض للتدهور اقتصاديًا، مثل تركيا ونيجيريا، بعد انتشار فيروس كورونا المستجد، وهناك تراجع كبير فى عملتيهما، مقابل الدولار، مما أدى لارتفاع التضخم (الأسعار) فى البلدين، وكان ضروريًّا أن يرفعوا سعر الفائدة للتعامل مع التضخم لديهم.
وأشار «الفقى» إلى أنه من المتوقع أن تتحول صناديق الاستثمار الأجنبية من تلك الدول، إلى الأسواق القوية والمستقرة أمنيًا وسياسيًا مثل مصر، وأن لجنة السياسة النقدية أخذت فى الاعتبار ذلك الأمر.
وأوضح أنه خلال شهور فبراير ومارس وإبريل خرجت من مصر استثمارات بـ17 مليار دولار، قبل أن تعاود مرة أخرى، بسبب قوة التصنيف الائتمانى لمصر، واستقرارها الأمنى والسياسى، حيث تم دخول ما يقرب من 10.5 مليار دولار مرة أخرى خلال الشهور الماضية، بعد تعافى الجنيه المصرى.
وأكد «الفقى» أن مصر لا تزال من أكبر الأسواق الناشئة، وأن خفض الفائدة 0.5% لن يؤثر كثيرًا متوقعًا أن تكون هناك تدفقات للاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة.
ونوه «الفقى» إلى أن المعيار الثانى هو التطورات الاقتصادية الداخلية، وأنه بالرغم من زيادة التضخم، فى مصر خلال شهر أكتوبر الماضى، إلا أنه لا يزال فى الحدود الآمنة، لا يستدعى أن يضطر البنك المركزى لأن يتخذ قرارا برفع الفائدة لتحجيم التضخم كما يحدث فى دول الأسواق الناشئة أو المنهارة اقتصاديًا.
وأشار إلى أن معدل النمو فى مصر بالرغم من ظروف العالم الاقتصادية بسبب وباء فيروس كورونا المستجد بلغ 3.5% فى حين جاء معدل نمو بالسالب فى بعض الدول، وفقًا للمؤسسات الدولية، وهو جيد، بالنسبة لظروف كورونا العالمية، والإغلاق الذى تم عالميًا، وتأثر أكبر اقتصادات العالم، وفقد الملايين وظائفهم عالميًا.
وتابع أن ذلك القرار يعمل على تحفيز الاستثمار، وأنه يساعد فى خفض تكاليف الإنتاج، التى يتم استيرادها بالدولار، مما سيساهم فى خفض الأسعار.
وأشار إلى أن الأمر الثالث يتعلق بعجز فوائد الدين بالموازنة، حيث إن خفض الفائدة على مدار الـ11 شهرا الماضية، بمقدار 4% يعمل على خفض عجز الموازنة، ويقلل الفوائد على الدين العام للدولة. من جانبها، قالت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، إن القرار يعمل على زيادة الاستثمارات، والحركة الاقتصادية، ويزيد من فرص العمل فى مصر، كما أنه يخفض من تكلفة الاقتراض بالنسبة للمستثمرين، وهو حافز على زيادة الاستثمارات وعدم العزوف عن الدخول فى استثمارات جديدة.
وأضافت لـ«المصرى اليوم» أن لجنة السياسة النقدية تنظر إلى موقف التضخم عند اتخاذ قرار خفض أو زيادة الفائدة، وأنه من المتوقع أن يصل إلى 6%، وهو معدل جيد جدًا، وأن الدولة تسعى لزيادة الناتج القومى، من خلال توفير تكاليف الإنتاج، وتسهيل الحصول على قروض، وبالتالى سيكون هناك خفض للبطالة، وزيادة فى الإنتاج، وزيادة معدل النمو فى الناتج القومى.
وأشارت «الدماطى» إلى أنه بالنسبة للشهادات ما زالت مرتفعة لمن يريد الادخار، وأنه بالرغم من خفض الفائدة ما زال سعر الفائدة فى مصر من أعلى الأسعار فى العالم.
وقال على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن توجه البنوك المركزية فى العالم نحو خفض أسعار الفائدة حتى مع انتشار وباء فيروس كورونا- هو ما أدى بالبنك المركزى لاتخاذ ذلك القرار.
وأضاف أن قرار خفض الفائدة جاء بالتوازى مع انخفاض معدلات التضخم، وأنه لن يؤثر على شهادات الاستثمار، وأن العائد عليها ما زال كما هو، وفقًا لقيمتها التعاقدية.
من جانبه، قال محمد العرجاوى، نائب شعبة المستخلصين الجمركيين فى الغرف التجارية، إن القرار بخفض سعر الفائدة على الودائع يشجع الناس على سحب مدخراتهم والاستثمار فى الأسواق. وأضاف «العرجاوى» أن خفض سعر الفائدة بالتزامن مع قانون الجمارك الجديد، سيحفز المواطنين على الاستثمار والعمل، لكن انعكاساته الإيجابية فى الأجل القريب لن تكون واضحة، وإنما ستظهر فى مصر فى فترة بين 6 شهور وسنة، وسوف تنصب تلك الانعكاسات على تسارع وتيرة المشاريع الجديدة وإنشاء الشركات وما يترتب عليه من خفض حجم البطالة ودوران رأس المال. وأكد الدكتور فيليب مجلى، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الفرنسية، أن خفض سعر الفائدة له تأثير إيجابى يشير إلى تعافى الاقتصاد المصرى، كما أن له تأثيرا إيجابيا على رجال الأعمال، لأنه يسمح بالاقتراض ويقلل فوائد الاقتراض ومن ثم يقلل عبء خدمة الدين.
وأضاف مجلى: بالنسبة للمودعين، فله تأثير سلبى عليهم، خاصة لو كانوا ممن يرتبون حياتهم على فوائد الودائع، ولذلك نقترح أن يكون هناك منتج جديد للبنوك يتمثل فى شهادات استثمار بسعر فائدة ثابت بشرطين أولهما ألا تقل السن عن ٥٠ أو ٦٠ سنة، بحيث تقتصر على كبار السن غير القادرين على العمل، وأن تكون بحد أقصى مليون جنيه.