كان فيلما (الرسالة) و(عمرالمختار) رسالة سينمائية واعية وناضجة فيما يمكن وصفه بإقامة حوار موضوعى ومتحضرمع الآخر ولعل التأسيس لمثل هذا الحوار سينمائيا يمثل خطابا حضاريا بلغة مشهدية ودرامية يفهمها ويتفاعل معها الغرب.
فالفيلمان يحملان رؤى عميقة ونافذة، ومعالجة راقية قدم العقاد من خلالها صورة مشرقة ومنصفة للحضارة الإسلامية وفوق هذا فإن ما قدمه مصطفى العقاد يكشف عن قصورعربى في تنمية واستثمار هذا الوسيط الفعال في الحوار مع الآخر فلا توجد إضافة معاصرة لهذه السينما رغم الحاجة إليها بعد تزايد وتيرة وصم الغرب للإسلام بالإرهاب لقصور في فكرة الغرب عن الحضارة الإسلامية كحضارة بناءة ومسالمة ووسطية.
أما الإرهاب الحقيقى فهو الذي أودى بحياة مصطفى العقاد وابنته «زي النهارده» في 11 نوفمبر 2005 مع ابنته في انفجار وقع في فندق جراند حياة في العاصمة الأردنية عمان حيث جاء العقاد لحضورحفل زفاف أحد الأصدقاء وقد حدث الانفجار لحظة وجود العقاد في بهو الفندق لاستقبال ابنته التي كانت قادمة لتوها من السفر.
وقد توفيت من فورها فيما لقى ربه هو بعد العملية بيومين متأثرا بجراحه والعقاد مولود في ١ يوليو ١٩٣٥ في حلب، بسوريا وقد نشأ فيها وأصبح مولعا بالسينما فيها أيضا حيث اعتاد مشاهدة الأفلام السينمائية عند أحد جيرانه، وعندما وصل سن الثامنة عشرة قرر أن يصبح مخرجا سينمائيا وفى هوليوود تحديدا.
واندهشت أسرته المتواضعة الحال لإصراره على هذا الحلم الذي يفوق إمكاناتهم وإمكانته لكنه أصر وتحدى وسافروألقى بنفسه في معترك التجربة بعدما حصل على موافقة للدراسة في إحدى الجامعات الأمريكية وظل يعمل لعام كامل ليوفر ثمن تذكرة سفره عندها سلمه والده مبلغ ٢٠٠ دولار أمريكى ومصحفا شريفا وودعه متفائلاوفى أمريكا وبعد أن درس السينما لم تغره السينما التجارية وصمم على أن يقدم سينما مختلفة تتوافق وقناعاته الفكرية والوطنية وعبرسنواته الـ٢٣ التي قضاها هناك تمكن من فك شفرة هذا المجتمع وبذلك أحسن مخاطبته عبرالقناة التي يفهمها.