منح الأمريكيون ثقتهم للمرشح الديمقراطى جوزيف بايدن، وأصبح الرئيس المنتخب بعد حملة انتخابية شرسة شهدت أكبر انقسام بين الأمريكيين.
وجاءت اللحظة الحاسمة عندما أعلن المسؤولون في ولاية بنسلفانيا أن بطاقات التصويت التي لم تحص تبلغ 1٪، وبعملية حسابية بسيطة أدركت شبكات التليفزيون ووكالات الأنباء أنه حتى إذا فاز ترامب بكل هذه الأصوات فإنه لا يستطيع اللحاق بالمرشح الديمقراطى الذي تقدم بفارق 29000 صوت، فسارعت شبكات التليفزيون ووكالات الأنباء بإعلان فوز جوزيف بايدن بولاية بنسلفانيا، ومن ثم البيت الأبيض، لأن فوزه بهذه الولاية منحه 20 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابى، بالإضافة إلى رصيده آنذاك 264 ليصبح رصيده 284، وهو أعلى من النصاب القانونى 270 صوتًا للفوز بالبيت الأبيض.
هذا أو مازال الفرز مستمرًا في ولايات أريزونا وألسكا وجورجيا ونيفادا وشمال كارولينا وبنسلفانيا، وقد يستغرق الانتهاء من فرز كل الأصوات عدة أيام، ولكن السباق انتهى وفاز جوزيف بايدن لتخطيه نسبة 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابى.
هذا ولم يعترف ترامب بالهزيمة ولم يتصل بالرئيس المنتخب للتهنئة كما تقضى التقاليد، وأعلن محاميه رودى جوليانى، في مؤتمر صحفى، أن ترامب لم يقبل النتيجة ولن يعترف بالهزيمة، وسيتحدى هذه النتيجة في المحاكم. ويذكر أن حملة ترامب قد رفعت بالفعل عددا من القضايا ضد عدد من الولايات المتأرجحة التي كان يتقدم فيها ثم لحق به جوزيف بايدن وتخطاه ليفوز بهذه الولايات، وقدم العديد من الاتهامات عن التزوير في الانتخابات ومخالفات في إجراءات الفرز واتهامات بأن بعض الذين صوتوا للمرشح الديمقراطى في ولاية نيفادا لم يكونوا من المقيمين في هذه الولاية، ويجمع المراقبون على أن حملة ترامب لم تقدم أدلة تثبت هذه الاتهامات، ويتوقعون أن ترفضها المحاكم، هذا ما حدث بالفعل في ولايتى جورجيا وميشيجان.
ويٌعد الانتصار الذي حققه المرشح الديمقراطى جوزيف بايدن تاريخيًا على أكثر من صعيد.
1- لأنه استعاد الجدار الأزرق من ترامب، أي الولايات الصناعية الشمالية بنسلفانيا وويسكونسن وميشيجان، وهذه الولايات تقليديًا «وتاريخيًا» لأكثر من 30 عاما، تصوت للمرشحين الديمقراطيين، فجاء ترامب بدهاء وانتزع هذه الولايات الثلاث من الديمقراطيين، عن طريق مهاجمة المعاهدات التجارية التي عقدتها الإدارات الديمقراطية المتعاقبة منذ الرئيس الأسبق بل كلينتون، والتى ترتب عليها هجر أصحاب رؤوس الأموال بأموالهم إلى المكسيك والهند والصين والفلبين وغيرها، حيث تكلفة العمالة أقل بكثير عن نظيرتها الأمريكية، فحققوا أرباحا طائلة وبسبب المعاهدات التجارية صدروا منتجاتهم إلى السوق الأمريكية بدون دفع الضرائب، وترتب على ذلك خلال 3 عقود فقدان وخسارة 29 مليون وظيفة صناعية، فجاء ترامب ليعد هؤلاء العمال، الذين تضرروا من المعاهدات التجارية وفقدوا وظائفهم، بأنه سيعيد كل هذه الوظائف، فصوتوا له، ولكنه لم يف بوعده، ولم يتمكن من إرجاع كل هذه الوظائف ولا حتى ثلثها.
2- أن جوزيف بايدن استطاع كسر الجدار الجنوبى المحافظ بفوزه في ولايتى جورجيا وأريزونا وهما لا تصوتان للديمقراطيين، فهاتان الولايتان تصوتان للجمهوريين باستمرار، والرئيس الأسبق بل كلينتون هو المرشح الديمقراطى الوحيد الذي فاز في جورجيا في 1992 وفى أريزونا في 1996.
3- كما أن بايدن حصل على 74 مليون صوت، وهى أعلى نسبة يفوز بها أي مرشح رئاسى في التاريخ الأمريكى.
وكما توقعت في المقالة الأولى:
1- فإن ترامب رفض الاعتراف بالهزيمة، ورفض الاتصال بالرئيس المنتخب ليهنئه كما هو التقليد المتبع، وبدأ في رفع عدد من القضايا ضد الولايات المتأرجحة، ولكنه لم يقدم أي أدلة تثبت الاتهامات التي ذكرها في دعواه، ويتوقع المراقبون ألا تحقق هذه القضايا شيئا، وأنه سيضطر لمغادرة البيت الأبيض لأن القيادات الجمهورية، بعد أن تخلصت من ضغطه، بل إرهابه، سيقولون له إنه يجب أن يفكر في مستقبل الحزب وينسحب بهدوء، بدلًا من أن يفكر في كبريائه ويعاند ويجلب الضرر على الحزب لعقود قادمة.
2- وكما توقعت كانت المشاركة في هذه الانتخابات هي الأكبر في التاريخ الأمريكى.
3- وكما توقعت كانت ولاية بنسلفانيا هي الساحة الأهم في المعركة الانتخابية، وأن التصويت بالبريد هو السبب في فوز بايدن بهذه الولاية رغم تقدم ترامب مرحليًا في بداية الأمر، بسبب إعطاء الأولوية في الفرز للأصوات التي أدلى بها أصحابها شخصيًا، كما أن محاولة ترامب لوقف فرز الأصوات بعد يوم التصويت حتى يحتفظ بتقدمه فيها ويفوز بهذه الولاية المهمة باءت بالفشل، لأن المحكمة الدستورية العليا في الولاية حكمت بفرز الأصوات المسجل عليها ختم البريد بيوم التصويت أو قبله حتى ولو وصلت متأخرة 3 أيام، وبالفعل استمر الفرز اليوم الثالث بعد يوم التصويت، ففاز بايدن بهذه الولاية والبيت الأبيض.
* إعلامي ومحلل سياسي مصري يغطي الشأن الأمريكي والانتخابات الرئاسية منذ 30 سنة