نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أمس السبت، تحليلا، لحسام إبراهيم، بشأن انتخابات الرئاسة الأمريكية، وطرح التحليل تساؤل أنه مع اقتراب موعد التصويت النهائي في انتخابات 2020، يوم الثلاثاء 3 نوفمبر، وبغض النظر عن نتيجة مجموع الأصوات العامة التي سيفوز بها «ترامب» أو «بايدن»، يظل السؤال الأهم هو: من سيحقق الرقم 270 في المجمع الانتخابي، «ترامب» أم «بايدن» ليحسم السباق الانتخابي؟ وهل يتكرر سيناريو 2016 مرة أخرى بشكل معاكس، بحيث يفوز «ترامب» بالأصوات العامة ويخسر المجمع الانتخابي؟ أو يتكرر بالشكل نفسه حيث يخسر «ترامب» الأصوات العامة ويفوز بالمجمع الانتخابي؟.
وطرح التحليل رؤية واضحة لكيفية حساب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مستعرضًا بالخرائط توزيع أصوات المجمع الإنتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفيما يلي التحليل، بحسب مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة:
فازت المرشحة الديمقراطية «هيلاري كلينتون» في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016 بإجمالي أصوات بلغت أكثر من 65.8 مليون صوت انتخابي مقابل 62.9 مليون صوت لمنافسها الجمهوري «ترامب». ورغم أن أعداد الأصوات التي فازت بها «كلينتون» أكبر من أصوات «ترامب»، لكن الأخير هو الذي أصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يطرح تساؤلًا: لماذا أصبح «ترامب» رئيسًا، في حين أنه لم يحصل على أعلى عدد من الأصوات؟.
الإجابة ببساطة تتعلق بطريقة حساب نتائج انتخابات الرئاسة في النظام السياسي الأمريكي، والذي يقوم على آلية أخرى بخلاف «مجموع الأصوات العامة»، وهي آلية «المجمع الانتخابي»، والتي فاز فيها «ترامب» في انتخابات 2016 بعدد أصوات بلغ 306 أصوات، والتي تجاوزت 270 صوتًا المطلوبة للفوز بالمجمع الانتخابي مقابل 232 صوتًا لـ«هيلاري كلينتون».
ومع اقتراب موعد التصويت النهائي في انتخابات 2020، يوم الثلاثاء 3 نوفمبر، وبغض النظر عن نتيجة مجموع الأصوات العامة التي سيفوز بها «ترامب» أو «بايدن»، يظل السؤال الأهم هو: من سيحقق الرقم 270 في المجمع الانتخابي، «ترامب» أم «بايدن» ليحسم السباق الانتخابي؟ وهل يتكرر سيناريو 2016 مرة أخرى بشكل معاكس، بحيث يفوز «ترامب» بالأصوات العامة ويخسر المجمع الانتخابي؟ أو يتكرر بالشكل نفسه حيث يخسر «ترامب» الأصوات العامة ويفوز بالمجمع الانتخابي؟.
حساب نتائج الانتخابات:
بعد أكثر من شهرين ونصف من المنافسة الحادة بين «ترامب» و«بايدن» في المرحلة النهائية من سباق انتخابات الرئاسة الذي يقترب من محطته قبل النهائية يوم الثلاثاء القادم، 3 نوفمبر يوم التصويت العام، ستتركز الأنظار على متابعة النتائج التي ستحدد من منهما سيكون الرئيس. وفي هذا الإطار، من الضروري التفرقة بين آليتين لحساب نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية، وذلك على النحو التالي:
1- الأصوات العامة Popular Vote: هي مجموع أصوات الناخبين الأمريكيين الذين يقومون بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات في جميع الولايات الأمريكية الخمسين، بمعنى الرقم الإجمالي لمن أدلوا بأصواتهم في الانتخابات. وتُشير تقديرات «مشروع الانتخابات» بجامعة فلوريدا إلى أن إجمالي من سيكون لهم حق التصويت في انتخابات 2020 يبلغ 239،247,182 ناخبًا. وفي هذا الإطار فإن الأصوات العامة ستكون الرقم النهائي من هؤلاء الذين سيقومون بالتصويت فعليًّا في الانتخابات. وتشير التقديرات الأولية إلى أن عدد من سيقومون بالتصويت في هذه الانتخابات سيتجاوز 150 مليون صوت.
ووفقًا للتقديرات، هناك عدد من الولايات الرئيسية في الانتخابات والتي بها أكبر كتل تصويتية، مثل كاليفورنيا 25.9 مليون صوت انتخابي، وتكساس 18.78 مليون صوت، وفلوريدا 15.55 مليون صوت، ونيويورك 13.67 مليون صوت، وبنسلفانيا 9.78 ملايين صوت. ومن الجدير بالذكر أن الانتخابات قد بدأت فعليًّا بشكل مبكر في أواخر شهر سبتمبر، وأن عدد الذين قاموا بالتصويت فعليًّا في التصويت المبكر، حتى يوم الخميس 29 أكتوبر، أي قبل 4 أيام من موعد يوم التصويت 3 نوفمبر، بلغ أكثر من 75 مليون صوت، وهي نسبة تزيد على 50% من عدد الناخبين الذين صوتوا في انتخابات الرئاسة 2016.
2- المجمع الانتخابي Electoral College: يُعتبر نظام المجمع الانتخابي هو محور وآلية الحسم الرئيسية في الانتخابات الأمريكية، وهذه الآلية تتلخص في إعطاء كل ولاية وزنًا نسبيًّا في المجمع يساوي عددًا من الأصوات التي تمثل عدد سكان هذه الولاية من إجمالي سكان الولايات المتحدة الأمريكية. ويبلغ إجمالي عدد أصوات المجمع 538 صوتًا، تتوزع على الولايات وفقًا لعدد سكان كل ولاية، فالولايات الأقل كثافة سكانية تتمثل بعدد أقل، بينما الولايات الأكثر كثافة تتمثل بعدد أصوات أكبر، وذلك التوزيع يعتمد على قاعدة حسابية تنص على أن أعداد أعضاء المجمع الانتخابي للولاية يتم حسابها وفقًا لعدد مقاعد الولاية في مجلس النواب، والتي تتحدد وفقًا لعدد سكان الولاية، بالإضافة إلى عدد مقاعد الولاية في مجلس الشيوخ، حيث إن لكل ولاية مقعدين في مجلس الشيوخ.
فكاليفورنيا التي تُعتبر أكبر الولايات من حيث عدد السكان أكثر من 39.5 مليون نسمة في تعداد يوليو 2019 و25.9 مليون صوت انتخابي، لديها 55 صوتًا في المجمع الانتخابي، تليها تكساس بـ38 صوتًا في المجمع الانتخابي، وفلوريدا 29 صوتًا، ونيويورك 29 صوتًا، وإيلينوي 20، وبنسلفانيا 29 صوتًا.
شكل (1): خريطة توضح توزيع أصوات المجمع الانتخابي على الولايات الأمريكية
ووفقًا لقواعد عمل آلية المجمع الانتخابي في كل ولاية، فإنّ الفائز بأعلى نسبة من الأصوات العامة في الولاية يحصل على أصوات كل المجمع الانتخابي ما عدا ولايتي نبراسكا وماين اللتين تعتمدان طريقة مختلفة لحساب الأصوات. فلو افترضنا -على سبيل المثال- في ولاية كاليفورنيا التي يبلغ عدد الأصوات الانتخابية فيها 25.9 مليون صوت، ولها 55 صوتًا في المجمع الانتخابي، أن «ترامب» فاز فيها بـ10 ملايين صوت، و«بايدن» بـ9.99 ملايين صوت، تسعة ملايين وتسعمائة وتسعين ألف صوت، أي 10 أصوات انتخابية، يحصل «ترامب» على الـ55 صوتًا للمجمع الانتخابي.
ولكي يفوز المرشح بالمنصب الرئاسي يجب أن يحصل على 270 صوتًا من إجمالي 538 مجموع أصوات المجمع الانتخابي. ولذا يُمكن تفسير أسباب عدم فوز مرشح رئاسي بالمنصب رغم فوزه بأعلى الأصوات في التصويت العام. فأحيانًا رغم حصول مرشح على أكبر عدد من الأصوات بنتائج الأصوات العامة؛ إلا أن هذه الأصوات حين يتم ترجمتها وفقًا لوزنها النسبي في المجمع الانتخابي، يكون المرشح أقل من منافسه في أصوات المجمع الانتخابي، مثل تجربة انتخابات 2016، حين فازت «هيلاري كلينتون» في الأصوات العامة بأكثر من 65 مليونًا، لكنها وفقًا لوزن هذه الأصوات حصدت 232 صوتًا في المجمع الانتخابي، في حين كانت الأصوات العامة لترامب أقل، أكثر من 62 مليون صوت، لكنها وفقًا لوزنها في المجمع الانتخابي جعلته يحصد 306 أصوات ويحسم الانتخابات لصالحه.
نتيجة غير حاسمة:
في حال عدم حصول أي مرشح للرئاسة على أغلبية الأصوات في المجمع الانتخابي، يتم اختيار الرئيس ونائبه وفقًا لآلية مختلفة، وذلك بالتصويت في مجلسي النواب والشيوخ، حيث يصوت مجلس النواب على اختيار الرئيس من بين المرشحين الحاصلين على أعلى عدد من الأصوات العامة، ويقوم مجلس الشيوخ بالتصويت على اختيار نائب الرئيس.
شكل (2): خريطة توزيع أصوات المجمع الانتخابي وفقًا لتوجهات التصويت المحتملة في الولايات حتى يوم الخميس 29 أكتوبر
المصدر: موقع 270TOWIN.
تُشير معظم التقديرات الأولية، حتى يوم الخميس 29 أكتوبر 2020، أي قبل 4 أيام من التصويت العام، إلى أن فرص «بايدن» في الفوز بالمجمع الانتخابي أعلى من «ترامب». ومعظم التقديرات التي تركز على تقدير المجمع الانتخابي، خاصة تقديرات موقع 270towin،The Cook Political Report، CNN، نيويورك تايمز، واشنطن بوست، وحتى تقديرات النموذج الإحصائي للإيكونوميست الذي تم تصميمه للتنبؤ بنتائج الانتخابات استنادًا إلى مؤشرات إحصائية وبيانات الانتخابات في سنوات سابقة. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى ما يلي:
1- موقف «بايدن»:
تشير التقديرات إلى أن «بايدن» ضمن نسبيًّا حتى الآن 290 صوتًا في المجمع الانتخابي، وهو عدد أصوات يتجاوز 270 صوتًا المؤهلة للفوز في الانتخابات، وذلك على النحو التالي:
أ- أصوات الولايات المضمونة: أصوات 14 ولاية تصوت عادة لصالح الديمقراطيين، والتي يبلغ عدد أصواتها 188 صوتًا انتخابيًّا، وأبرز هذه الولايات كاليفورنيا التي لديها 55 صوتًا في المجمع الانتخابي، ونيويورك 29 صوتًا، وإلينوي 20 صوتًا، وولاية واشنطن 12 صوتًا، وماساتشوستس 11 صوتًا.
ب- أصوات الولايات المحتملة: أصوات 3 ولايات يُحتمل أن تصوت للديمقراطيين، وهذه الولايات لديها 24 صوتًا في المجمع الانتخابي، وهي ولايات: فيرجينيا 13 صوتًا، وكولورادو 9 أصوات، وولاية مين 2 صوت.
ج- أصوات الولايات التي تميل نحو الديمقراطيين: أصوات 7 ولايات تميل للتصويت نحو الديمقراطيين، ولديها 78 صوتًا في المجمع الانتخابي، وأبرزها: بنسلفانيا 20 صوتًا، ميشيغان 16 صوتًا، أريزونا 11 صوتًا، ويسكنسون 10 أصوات.
وتشير التوقعات إلى أنه في حال صوتت هذه الولايات كما هو متوقع، ونجح «بايدن» فعليًّا في كسب أصوات تلك الولايات؛ فإن المعركة محسومة لصالحه، أما إذا نجح «ترامب» في اقتناص أصوات عدد كبير من هذه الولايات فسيكون موقف «بايدن» الانتخابي في موضع تهديد.
2- موقف «ترامب»:
تُشير التقديرات إلى أن الرئيس «ترامب» ضمن نسبيًّا حتى الآن 163 صوتًا في المجمع الانتخابي، وهو عدد أقل بكثير من عتبة 270 صوتًا المؤهلة للفوز بأصوات المجمع الانتخابي، وبذلك يحتاج للفوز في الانتخابات لأن يقتنص أكثر من 107 أصوات ليفوز. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى ما يلي:
أ- أصوات الولايات المضمونة: أصوات 13 ولاية تصوت عادة للجمهوريين، والتي يبلغ عدد أصواتها 77 صوتًا في المجمع الانتخابي، وأبرزها ولايات: تينيسي 11 صوتًا، وألاباما 9 أصوات، وكنتاكي 8 أصوات، ولويزيانا 8 أصوات.
ب- أصوات الولايات المحتملة: أصوات 7 ولايات من المحتمل أن تصوت للجمهوريين، ويبلغ عدد أصواتها في المجمع الانتخابي 48 صوتًا، وأبرزها ولايات: إنديانا 11 صوتًا، ميزوري 10 أصوات، ساوث كارولينا 9 أصوات.
ج- أصوات الولايات التي تميل للجمهوريين: وفقًا للتقديرات تشهد انتخابات 2020 لأول مرة عدم وجود ولايات قد تميل للتصويت إلى الجمهوريين.
3- ولايات المنافسة:
وفقًا للتقديرات هناك 6 ولايات فيها منافسة شديدة بين «ترامب» و«بايدن»، وهذه الولايات تمثل 123 صوتًا في المجمع الانتخابي، وتضم تكساس (38 صوتًا) التي كانت ولاية جمهورية دائمًا، إلا أن بعض التقديرات تشير إلى أن الديمقراطيين لديهم فرصة في هذه الولاية في انتخابات 2020 وأن كانت محدودة، هذا بالإضافة إلى ولايات أخرى مثل فلوريدا 29 صوتًا، وأوهايو 18 صوتًا، وجورجيا 16 صوتًا، ونورث كارولينا 15 صوتًا، وصوت واحد في المقاطعة الانتخابية الثانية بولاية مين.
شكل (3): رسم توضيحي لتوجهات تصويت الولايات المتوقعة في انتخابات 2020 وفقًا للانتماء الحزبي -مضمونة، محتملة، تميل- للديمقراطيين أو الجمهوريين، وولايات المنافسة الشديدة
رغم كافة التوقعات التي تشير إلى أن هناك تحديًا كبيرًا جدًّا أمام الرئيس «ترامب» للفوز بانتخابات الرئاسة 2020، وذلك بسبب صعوبة موقفه في المجمع الانتخابي؛ إلا أن الفرصة ما زالت قائمة، وإمكانية أن يحقق تقدمًا في السباق أو أن يقترب جدًّا من «بايدن» ما زالت قائمة ومحتملة.
فوفقًا للتقديرات فإن الرئيس «ترامب» لكي ينجح عليه أن يقتنص أصوات الولايات الست، وأن يحصل أيضًا على 22 صوتًا من الولايات الديمقراطية. وبعض التقديرات تشير إلى صعوبة تحقيق ذلك، وبعضها يرى أن هناك فرصة لترامب في تحقيق ذلك.
فـ«ترامب» بالإضافة إلى الولايات الجمهورية المضمونة وتلك التي تصوت للجمهوريين، يحتاج إلى ضمان الفوز في تكساس، التي كانت معقل الجمهوريين، وربما تكون التوقعات بأنها قد تذهب للديمقراطيين غير دقيقة، وأيضًا يحتاج «ترامب» إلى الفوز في ولاية فلوريدا، والتي تعد أيضًا أهم محطة للجمهوريين في هذه الانتخابات، رغم أداء «بايدن» الجيد بها حتى الآن، هذا بالإضافة إلى أوهايو، وجورجيا، ونورث كارولينا.
وبعض التقديرات تشير إلى أنه في حال نجاح «ترامب» في الفوز بفلوريدا، والحفاظ على الولايات التي نجح فيها في عام 2016 في الجنوب من البلاد، فإن فرصة «بايدن» للفوز ستتضاءل، رغم صعوبة ذلك، وإذا احتفظ «ترامب» بأيوا وأوهايو، ونجح في اقتناص ميشيغان أو بنسلفانيا ربما يحقق تقدمًا.
ختامًا: مثل كل انتخابات الرئاسة الأمريكية، فإن انتخابات 2020 سيتم حسمها من خلال أصوات المجمع الانتخابي، وليس الأصوات العامة، والمرشح الذي سيفوز، سواء «بايدن» أو «ترامب»، عليه أن يقتنص 270 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي التي يتم حسابها وفقًا للوزن النسبي لعدد السكان في كل ولاية. ورغم أن كافة التقديرات تشير إلى أن فرص «بايدن» في الفوز بالمجمع الانتخابي أكبر بكثير من فرص «ترامب»، حيث تشير التقديرات إلى أن لديه 290 صوتًا؛ إلا أن فرص «ترامب» أيضًا ما زالت قائمة إذا استطاع أن يقتنص أصوات عدد من الولايات الرئيسية التي تدور حولها المنافسة الشديدة حاليًّا.