ترامب ينافس «كورونا»

محمد كمال الإثنين 26-10-2020 01:52

بالرغم أنه يتبقى أسبوع فقط على موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية (الثلاثاء ٣ نوفمبر) إلا أن كثيرين ليس لديهم جرأة التنبؤ بنتيجتها. الأسباب كثيرة، وأحدها تجربة الانتخابات السابقة التى تنبأ فيها كبار الخبراء والمحللين بفوز هيلارى كلينتون وهزيمة دونالد ترامب، وجاءت النتيجة عكس ذلك.

استطلاعات الرأى الحالية على المستوى القومى تعطى تقدما لبايدن على ترامب، ولكن نتائجها يجب أن تؤخذ بقدر من الحذر، ليس فقط استنادا لخبرة الانتخابات السابقة التى جاءت فيها الاستطلاعات بنتائج خاطئة اعتمدت على عينات غير ممثلة بدقة للناخبين، ولكن أيضا لأن العبرة فى الانتخابات الأمريكية ليست بالنتائج على المستوى القومى، ولكن بتلك على مستوى الولايات، وخاصة تلك التى تسمى بالولايات «المتأرجحة» أى التى ليس لناخبيها نمط مستقر فى التصويت، بل تصوت أغلبيتها مرة للمرشح الديمقراطى (كما فعلت لمصلحة أوباما) وأخرى للمرشح الجمهورى (كما صوتت لترامب)، ولايات مثل فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا وغيرها. نتائج الاستطلاعات فى هذه الولايات ما تزال متأرجحة ومتقاربة، والفرق بين المرشحين فى العديد منها يدخل فيما يسمى بهامش الخطأ. العبرة أيضا ليست بالأداء فى المناظرات، فقد فازت هيلارى كلينتون فى المناظرات الثلاث التى جرت قبل الانتخابات السابقة، ولكنها لم تنجح فى الوصول للبيت الأبيض.

المسألة الفاصلة فى الانتخابات الرئاسية الحالية هى أنه بالرغم من وجود منافس للرئيس ترامب، وهو المرشح الديمقراطى بايدن، إلا أن الكثيرين ينظرون للانتخابات على أنها استفتاء على الرئيس ترامب، وبالتالى فإن ما يطرحه بايدن من أفكار وسياسات قد لا يهم بعض الناخبين، فالأمر فى النهاية سيرتبط بحكمهم على ترامب نفسه. والقضية الرئيسية هنا هى تعامل إدارة ترامب مع جائحة كورونا، أى يمكن القول إن كورونا هى المنافس الحقيقى لترامب.

.. قبل كورونا كانت معظم المؤشرات تدل على أن فرص ترامب لإعادة انتخابه كبيرة، وبالرغم من بعض الانتقادات لسلوكياته وتصريحاته غير التقليدية، والتى يرى البعض أنها لا تتماشى مع مقام الرئاسة الأمريكية، إلا أن الاقتصاد الأمريكى كان فى أحسن حالاته من حيث القدرة على خلق فرص عمل جديدة أو زيادة الدخول وانخفاض الضرائب. أى كانت هناك حالة رضا عن الأداء الاقتصادى، وهو ما أكسب ترامب ناخبين جددا بالإضافة لقاعدته الانتخابية الصلبة التى صوتت له فى الانتخابات السابقة.

ثم جاءت كورونا، وتغيرت الأحوال، وحدث إغلاق لقطاع كبير من الاقتصاد، وارتفعت نسب البطالة، واتضح عدم قدرة البنية الصحية على التعامل مع الجائحة، وتوفى أكثر من مائتى ألف أمريكى نتيجة لها.

المرشح الديمقراطى بايدن يتهم ترامب بسوء إدارة أزمة كورونا، وأنه أساء تقدير خطورة الفيروس، أو علم بخطورته ولم يتحرك مبكرا، وبالتالى يتحمل مسؤولية ضحايا الجائحة، وذكر فى المناظرة الأخيرة أن أى شخص مسؤول عن هذا العدد الكبير من الوفيات يجب ألا يظل رئيسا للولايات المتحدة.

ترامب من ناحيته يرى أن الوباء ليس مسؤوليته بل يلقى باللوم على الصين، وأنه قام ببناء اقتصاد عظيم قبل كورونا وقادر على إعادة بنائه بعد الوباء، وأن اللقاح المضاد للوباء سيظهر خلال أسابيع قليلة، أى أن الحياة الطبيعية ستعود قريبا ومعها الاقتصاد.

المسألة إذن تتعلق بـ: أى من التفسيرين سوف يقبله الناخب الأمريكى بخصوص كورونا؟، أى أن كورونا هى المنافس الحقيقى لترامب وليس بايدن.

mkamal@feps.edu.eg