تسببت تصريحات الرئيس الفرنسى ماكرون في غضب عارم بين المسلمين في كل أنحاء العالم، فخلال حفل تأبين أقيم في جامعة السوربون، قال الرئيس الفرنسي: «لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض»، وهو ماعتبره المسلمون تشجيعا من ماكرون على المضى قدما في انتاج الرسومات المسيئة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
وفى هذا التقرير، نبرز أهم ماقاله المستشرقون الغربيون عن نبي الرحمه، ودفاعه عنه، والتى بالنظر إليها يتضح كم الإفتراءات والكذب والتدليس على رسول الله، خاصة في ظل الإساءات المتكررة .
قال الدكتور مايكل هارت صاحب كتاب «الخالدون مائة أعظمهم محمد»: إن محمدا كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الدينى والدنيوى.. إن هذا الاتحاد الفريد الذي لا نظير له للتأثير الدينى والدنيوى معا يخوله أن يعتبر أعظم شخصية أثرت في تاريخ البشرية .
وأضاف هارت: هناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم.
وأشار مونتجومري وات، في كتابه «محمد في مكة»، إلى ان استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه .
وفى كتابه «الشرقيون وعاداتهم»، قال برتلي سانت هيلر المستشرق ألماني الذي ولد في درسدن 1793 :كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبي بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية وهما العدالة والرحمة.
فيما قال الفيلسوف إدوار المستشرق الفرنسي في آخر كتابه (العرب): عرف محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق، وبالجملة كان محمد أزكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم
ويقول الباحث الأرجنتيني دون بايرون الذي ولد عام 1839 في كتابه: «أتح لنسفك فرصة»: اتفق المؤرخون على أن محمد بن عبدالله كان ممتازاً بين قومه بأخلاق حميدة، من صدق الحديث والأمانة والكرم وحسن الشمائل والتواضع حتى سماه أهل بلده الأمين، وكان من شدة ثقتهم به وبأمانته يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم، وكان لا يشرب الأشربة المسكرة، ولا يحضر للأوثان عيداً ولا احتفالاً، وكان يعيش مما يدره عليه عمله من خير.
وقال المستشرق الإيطالي ميخائيل إيمارى في كتابه (تاريخ المسلمين): وحسب محمد ثناءً عليه أنه لم يساوم ولم يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته على كثرة فنون المساومات واشتداد المحن وهو القائل “لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته “ ..عقيدة راسخة، وثبات لا يقاس بنظير، وهمة تركت العرب مدينين لمحمد بن عبدالله، إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشر .
بينما قال المستشرق الإسباني جان ليك، في «كتاب العرب»: لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[الأنبياء: 107]، وقد برهن بنفسه على أن لديه أعظم الرحمات لكل ضعيف، ولكل محتاج إلى المساعدة، كان محمد رحمة حقيقة لليتامى، والفقراء، وابن السبيل، والمنكوبين، والضعفاء، والعمال، وأصحاب الكد والعناء، وإني بلهفة وشوق.. أصلي عليه وعلى أتباعه .
ويقول الفيلسوف الفرنسى الشهير جان جاك روسو: لم ير العالم حتى اليوم رجلا استطاع أن يحول العقول، والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا “محمداً” ولو لم يكن قد بدأ حياته صادقاً أميناً ما صدقه أقرب الناس إليه، خاصة بعد أن جاءته السماء بالرسالة لنشرها على بني قومه الصلاب العقول والأفئدة، لكن السماء التي اختارته بعناية كي يحمل الرسالة كانت تؤهله صغيراً فشب متأملاً محباً للطبيعة ميالا للعزلة لينفرد بنفسه”.
وفى كتاب الدعوة إلى الإسلام للمستشرق الإنجليزي سبربت أرنولد: قبيل وفاة محمد نرى جميع أنحاء الجزيرة العربية تقريباً تدين له بالطاعة، وإذا ببلاد العرب التي لم تخضع إطلاقاً لأمير من قبل تظهر في وحدة سياسية وتخضع لإرادة حاكم مطلق، ومن تلك القبائل المتنوعة، صغيرها وكبيرها، ذات العناصر المختلفة التي قد تبلغ المائه والتي لم تنقطع عن التنازع والتناحر، خلقت رسالة محمد أمة واحدة، وقد جمعت فكرة الدين المشترك تحت زعامة واحدة شتى القبائل في نظام سياسي واحد، ذلك النظام الذي سرت مزاياه في سرعة تبعث على الدهشة والإعجاب. وأن فكرة واحدة كبرى هي التي حققت هذه النتيجة، تلك هي مبدأ الحياة القومية في جزيرة العرب الوثنية، وهكذا كان النظام القبلي لأول مرة، وإن لم يقض عليه نهائياً (إذ كان ذلك مستحيلا)، شيئاً ثانوياً بالنسبة للشعور بالوحدة الدينية.
وتكللت المهمة الضخمة بالنجاح، فعندما انتقل محمد إلى جوار ربه كانت السكينة وترفرف على أكبر مساحة من شبه الجزيرة العربية، بصورة لم تكن القبائل العربية تعرفها من قبل، مع شدة تعلقها بالتدمير وأخذ الثأر. وكان الدين الإسلامي هو الذي مهد السبيل إلى هذا الائتلاف .
وقال المفكر الفرنسي لامارتين: إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم، لكن هذا الرجل محمدا صلى الله عليه وسلم لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
وأشاد الكاتب المسرحى البريطانى الشهير جورج برنارد شو، قائلا: لما قرأت دين محمد أحسست أنه دين عظيم، وأعتقد أن هذا الدين العظيم سيسود العالم ذات يوم قريب مقبل إذا ما وجد الفرصة لانتصاره، ليتعرف العالم عليه بلا تعصب.
وأوضح راما كريشنا راو في كتابه «محمد النبي»، قائلا: لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها، ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا .
وقال ليف تولستوي «1828 ـ 1910» الأديب العالمي الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني: يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.. أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه، وليكون هو أيضا آخر الأنبياء .
وفى كتاب «تاريخ محمد» للسير الانجليزى السير موير: إن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم.
اما برتراند راسل وهو أحد فلاسفة بريطانيا الكبار والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1950، قال: لقد قرأت عن الإسلام ونبي الإسلام فوجدت أنه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية، فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفل بها كتابه مازلنا نبحث ونتعلق بذرات منها وننال أعلى الجوائز من أجلها .
وأشار الباحث الفرنسي «إدوار بروي» في كتاب «تاريخ الحضارات في العالم :جاء محمد بن عبدالله، النبي العربي وخاتم النبيين، يبشر العرب والناس أجمعين بدين جديد، ويدعو للقول بالله الواحد الأحد، وكانت الشريعة [في دعوته] لا تختلف عن العقيدة أو الإيمان، وتتمتع مثلها بسلطة إلهية ملزمة، تضبط ليس الأمور الدينية فحسب، بل أيضًا الأمور الدنيوية، فتفرض على المسلم الزكاة، والجهاد ضد المشركين، ونشر الدين الحنيف، وعندما قبض النبي العربي، عام 632م، كان قد انتهى من دعوته، كما انتهى من وضع نظام اجتماعي يسمو كثيرًا فوق النظام القبلي الذي كان عليه العرب قبل الإسلام، وصهرهم في وحدة قوية، وهكذا تم للجزيرة العربية وحدة دينية متماسكة، لم تعرف مثلها من قبل.
ويقول المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون (1841 – 1921 م): وإذا ما قِيسَتْ قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد [صلي الله عليه وسلم] من أعظم مَنْ عَرَفهم التاريخ، وأخذ بعض علماء الغرب يُنصفون محمداً [صلي الله عليه وسلم]، مع أن التعصب الديني أعمى بصائر مؤرخين كثيرين عن الاعتراف بفضله .
وقال العالم الفيزيائى الشهير ألبرت آينشتاين: أعتقد أن محمداً استطاع بعقلية واعية مدركة لما يقوم به اليهود أن يحقق هدفه في إبعادهم عن النَّيْل المباشر من الإسلام الذي مازال حتى الآن هو القوة التي خلقت ليحل بها السلام .
وقال آن بيزيت في كتابه حياة وتعاليم محمد: من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المعلم العربي العظيم. هل تقصد أن تخبرني أن رجلاً في عنفوان شبابه لم يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفياً لها طيلة 26 عاماً ثم عندما بلغ الخمسين من عمره- السن التي تخبو فيها شهوات الجسد- تزوج لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص.فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن كل زيجة من هذه الزيجات كانت سبباً إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية.
وقال المستشرق الأمريكي واشنجتون إيرفنج في كتابه حياة محمد: كان محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وأعظمَ الرسل الذين بعثهم الله تعالى؛ ليدعو الناس إلى عبادة الله.. كانت تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم في أعقاب فتح مكة تدل على أنه نبي مرسل لا على أنه قائد مظفر؛ فقد أبدى رحمة وشفقة على مواطنيه برغم أنه أصبح في مركز قوي، ولكنه توّج نجاحه وانتصاره بالرحمة والعفو.
وقال أيضًا: برغم انتصارات الرسول صلى الله عليه وسلم العسكرية لم تثر هذه الانتصارات كبرياءه أو غروره، فقد كان يحارب من أجل الإسلام لا من أجل مصلحة، وحتى في أوج مجده حافظ الرسول صلى الله عليه وسلم على بساطته وتواضعه، فكان يكره إذا دخل حجرة على جماعة أن يقوموا له أو يبالغوا في الترحيب به وإن كان قد هدف إلى تكوين دولة عظيمة، فإنها كانت دولة الإسلام، وقد حكم فيها بالعدل، ولم يفكر أن يجعل الحكم فيها وراثيًا لأسرته.
أما المستشرقة الإيطالية لورا فيشيا فاغليري في كتاب «الدفاع عن الإسلام»، قالت: كان محمد المتمسك دائمًا بالمبادئ الإلهية شديد التسامح، وبخاصة نحو أتباع الأديان الموحدة، لقد عرف كيف يتذرع بالصبر مع الوثنيين.
وقال العالم الألماني رودي بارت ،وهو عالم ألماني معاصر، اضطلع بالدراسات الشرقية في جامعة هايدلبرج، وكرس حياته لدراسة علوم العربية والإسلام: كان من بين ممثلي حركة التنوير من رأوا في النبي العربي أدلة الله، ومشرعًا حكيمًا، ورسولًا للفضيلة، وناطقًا بكلمة الدين الطبيعي الفطري، ومبشرًا به .
وقال المستشرق اليهودي «جولد تسيهر» ،وهو مستشرق يهودي مجري ،وهو من بين مؤسسي الدراسات الإسلامية الحديثة في أوروبا: الحق أن محمدًا كان بلا شك أول مصلح حقيقي في الشعب العربي من الوجهة التاريخية .
اما الأستاذ الجامعي «مارسيل بوازار» ،وهو أستاذ جامعة سويسري عاش لمدة أكثر من 12 عامًا في بلاد عربية وإسلامية خاصة كممثل للجنة الدولية للصليب الأحمر، قال: «سبق أن كُتِب كل شيء عن نبي الإسلام، فأنوار التاريخ تسطع على حياته التي نعرفها في أدق تفاصيلها ،والصورة التي خلفها محمد عن نفسه، تبدو -حتى وإن عُمِدَ إلى تشويهها- علميةً في الحدود التي تكشف فيها -وهي تندمج في ظاهرة الإسلام- عن مظهر من مظاهر المفهوم الديني، وتتيح إدراك عظمته الحقيقية».
وأضاف: «لم يكن محمد على الصعيد التاريخي مبشرًا بدين وحسب، بل كان كذلك مؤسس سياسة غيّرت مجرى التاريخ، وأثرت في تطور انتشار الإسلام فيما بعد على أوسع نطاق..لقد كان محمد نبيًّا لا مصلحًا اجتماعيًّا، وأحدثت رسالته في المجتمع العربي القائم آنذاك تغييرات أساسية ما تزال آثارها ماثلة في المجتمع الإسلامي المعاصر».
وتحدث مهاتما غاندي في حديث لجريدة «ينج إنديا» عن صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قائلا: «أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر، لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته... هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف».
وفى كتاب محمد والمحمدية، قال بوسورث سميث: لقد كان محمد قائدا سياسيا وزعيما دينيا في آن واحد، لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة ،ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد ثابت. إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها ودون أن يسانده أهلها.
وقال جيبون أوكلي، من كتاب «تاريخ إمبراطورية الشرق»، لندن 1870: ليس انتشار الدعوة الإسلامية هو ما يستحق الانبهار وإنما استمراريتها وثباتها على مر العصور، فما زال الانطباع الرائع الذي حفره محمد في مكة والمدينة له نفس الروعة والقوة في نفوس الهنود والأفارقة والأتراك حديثي العهد بالقرآن، رغم مرور اثني عشر قرنا من الزمان.. لقد استطاع المسلمون الصمود يدا واحدة في مواجهة فتنة الإيمان بالله رغم أنهم لم يعرفوه إلا من خلال العقل والمشاعر الإنسانية. فقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله«هي ببساطة شهادة الإسلام. ولم يتأثر إحساسهم بألوهية الله (عز وجل) بوجود أي من الأشياء المنظورة التي كانت تتخذ آلهة من دون الله، ولم يتجاوز شرف النبي وفضائله حدود الفضيلة المعروفة لدى البشر، كما أن منهجه في الحياة جعل مظاهر امتنان الصحابة له (لهدايته إياهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور) منحصرة في نطاق العقل والدين.
وقال سنرستن الآسوجي، وهو مستشرق آسوجي ولد عام 1866، أستاذ اللغات الساميّة، ساهم في دائرة المعارف، جمع المخطوطات الشرقية، له عدة مؤلفات منها: (القرآن الإنجيل المحمدي) ومنها: (تاريخ حياة محمد).: إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ.
اما المستر سنكس، مستشرق أميركي ولد في بلدته بالاي عام 1831، توفي 1883 في كتابه: (ديانة العرب)، قال: ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.
وأضاف: إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقياً كبيراً جداً في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان. ولقد توصل محمد ـ بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق ـ إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة.