ليفنى.. المرأة التى تعتز بـ«العار»

الأربعاء 16-12-2009 00:00

«أعتز بما فعلته فى الحرب على غزة»، بهذه الكلمات أكدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، رئيسة المعارضة فى البرلمان الإسرائيلى حالياً، تسيبى ليفنى، أن قرار إلغاء زيارتها التى كانت مقررة، أمس الأول، إلى العاصمة البريطانية، لندن، للمشاركة فى مؤتمر ينظمه الصندوق القومى اليهودى، لم يكن بسبب صدور قرار باعتقالها ومحاكمتها بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، قائلة إن قرار إلغاء الزيارة تم منذ أسبوعين وليست له علاقة بأى شىء آخر.

وتتهم جماعات لحقوق الإنسان، ومحققون للأمم المتحدة، إسرائيل بارتكاب جرائم حرب فى قطاع غزة خلال حملة استمرت 22 يومًا استشهد خلالها أكثر من 900 فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء.وكانت الجماعات المؤيدة لفلسطين فشلت فى سبتمبر الماضى فى إقناع محكمة فى لندن بإصدار أمر اعتقال بحق وزير الحرب الإسرائيلى، إيهود باراك، بتهمة ارتكاب جرائم حرب أيضا.

وقالت المحكمة إن باراك، الذى حضر المؤتمر السنوى لحزب العمال الحاكم والتقى برئيس الوزراء جوردون براون، يتمتع بحصانة دبلوماسية. وفى عام 2004، واجه سلفه آنذاك، شاؤول موفاز، قضية مماثلة فى بريطانيا، ولكن القضاء منحه الحصانة الدولية فى سابقة كانت الأولى من نوعها فى محاكم البلاد، بينما ليفنى لا تتمتع بمنصب ذى حصانة، ولذلك كان متوقعاً أن يصدر الأمر ويتم اعتقالها.

وليفنى، التى ولدت فى تل أبيب عام 1958، والتى تنحدر من أسرة لها تاريخ عريق فى الإجرام والإرهاب حيث إن والديها كانا من أعضاء حركة «أرجون» التى كانت لها اليد فى مجازر «دير ياسين» وغيرها من قتل وتفجير وترحيل للفلسطينيين عن أراضيهم، تسير على نفس الدرب حيث قالت: أنا أؤمن، كوالدى، بحق اليهود فى كل أرض إسرائيل.

وتشربت ليفنى منذ نعومة أظفارها التطرف السياسى من إيتان والدها، وهو كان عضو الكنيست الإسرائيلى (البرلمان) عن حزب الليكود بين السنوات 1973 و1984، وقائداً سابقاً لشعبة العمليات فى المنظمة الإرهابية «أتسل» التى كان يقودها مناحيم بيجن، رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، قبل عام 1948، والذى اشتهر بشكل خاص فى تخطيطه وإشرافه على تنفيذ عمليات تدمير البنى التحتية لـ«العدو»،

مثل تدمير شبكات الكهرباء والهاتف ومخازن الحبوب والمواد الغذائية، فضلا عن مسؤوليته المباشرة عن تنفيذ العديد من المجازر التى ارتكبت فى تلك الفترة ضد الفلسطينيين، وعلى رأسها مجزرة «دير ياسين»، التى خطط لها وحصل على موافقة بيجن لتنفيذها، والذى أصبح فيما بعد نائبا فى الكنيست عن حركة «حيروت» التى تعتبر نواة حزب «الليكود» اليمينى. واشتهر ايتان بين زملائه بـ«إيتان الرهيب» كناية عن عنفه وإرهابه، وعدم إبدائه أى قدر من الرحمة تجاه القرويين الفلسطينيين الذين كان يبطش بهم.

وانضمت ليفنى عندما كانت صبية إلى حركة «بيتار» اليمينية وشاركت فى المظاهرات ضد اتفاقية فك الاشتباك بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والتى سعى وزير الخارجية الأمريكى، هنرى كيسنجر، للوصول إليها بعد حرب 1973.

ونشطت الطالبة ليفنى وهى فى المرحلة الثانوية فى المظاهرات التى نظمها اليمين الإسرائيلى فى أوائل السبعينيات، وعندما كان بيجن على مقربة من التوقيع على اتفاقية «كامب ديفيد» كانت ليفنى ضمن شبيبة حزب الليكود الذين تحدوا بيجن وتظاهروا ضده، وكان إلى جانبها تساحى هنجبى، رئيس لجنة الخارجية والأمن الحالى.

والتحقت ليفنى بدورة ضباط فى الجيش الإسرائيلى، حيث أظهرت تميزا واضحا فى تنفيذ المهام التى أسندت إليها، لكن قبل إنهاء خدمتها العسكرية، تلقت رسالة موقعة من رئيس جهاز الموساد فى ذلك الوقت، شفطاى شفيت، تفيد برغبة الجهاز فى تجنيدها لصفوفه، حيث لفت نظر قادة الموساد إجادة ليفنى اللغتين الفرنسية والإنجليزية، فضلا عن مظهرها الأوروبى، فتقرر إرسالها للعمل ضمن وحدات الموساد العاملة.

وكما كانت جولدا مائير وزيرة للخارجية الإسرائيلية فى الستينيات، تسير على خطاها ليفنى، والفارق الوحيد بينهما أنهم كانوا يطلقون على جولدا مائير «الرجل الوحيد فى الحكومة»، بينما ليفنى تستخدم كل الأسلحة ومنها أنوثتها فى خدمة مصالح إسرائيل العليا ولديها مقدرة عالية على الإقناع والتأثير فى السياسيين الذين تلتقى بهم.