هيئة الاستعلامات: فرمانات تميم تحرم الاجتماعات والمسيرات في قطر

كتب: وكالات السبت 17-10-2020 14:37

أكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن النظام القطري رسخ صورة في أذهان المجتمع الدولي بأن قطر هي سلطة حاكمة بدون شعب، أو في أحسن الأحوال فإن شعبها جثة هامدة بلا حراك، فلم يشاهد العالم مطلقاً تحركاً شعبياً واحداً لشعب قطر في أي اتجاه أو في أية مناسبة مطالباً بأي حق، أو منتقداً لما تقترفه العصبة الحاكمة في حقه من جرائم، وفي ثرواته من تبديد، وما تمارسه من مؤامرات في حق الشعوب الأخرى الشقيقة والصديقة للشعب القطري.

وذكرت الهيئة أنه في الوقت نفسه، لا تمل الأبواق الإعلامية التابعة لنظام قطر، من تكرار معزوفة حقوق الشعوب في التجمع السلمي والتظاهر والمسيرات والاحتجاجات، والتحريض على ذلك في حملات إعلامية لا تتوقف من أجل نشر الفوضى وعدم الاستقرار في الدول الأخرى، بينما قام الأمير وعصابته بعزل وتكبيل و«إخفاء» الشعب القطري المنفي داخل بلاده بلا حراك، فكيف فعل ذلك بشعبه؟.

وتجيب دراسة متخصصة أعدتها الهيئة العامة للاستعلامات عن هذا السؤال بأن القانون القطري رقم (18) لسنة (2004) الذي صدر لكي يكبل إلى حد المنع والقهر أي محاولة من الشعب لاستخدام حق الاجتماعات العامة والمسيرات والاحتجاج السلمي، والذي تعتبره الأبواق الإعلامية للنظام القطري حقاً مشروعاً لسائر الشعوب وتحرم شعبها من ممارسته.

«لا اجتماع إلا بترخيصين»

وفقاً لدراسة هيئة الاستعلامات، اشترط القانون القطري رقم 18 لسنة 2004 ضرورة الحصول على ترخيص لعقد اجتماع عام أو للدعوة إليه أو تنظيمه أو عقده أو الإعلان عنه، وامتد الحظر أيضاً إلى إذاعة أنباء بشأنه، حيث تنص المادة (3) من قانون الاجتماعات العامة والمسيرات على أن «لا يجوز عقد الاجتماع العام أو تنظيمه أو الدعوة إليه أو الإعلان عنه أو إذاعة أنباء بشأنه إلا بعد الحصول على ترخيص به»، ولم يكتف تعسف القانون بهذا الترخيص، بل اشترط القانون في المادة (4) من هذا القانون على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة من حائز المكان لتنظيم الاجتماع.

«20 في بيتك.. ممنوع»

ولو قرر أي شخص الالتقاء بأقاربه أو جيرانه أو أصدقائه أو زملائه، سواء كان ذلك في مقر عمله أو دار ضيافة أو مقهى حتى لو كان يملكه، أو حتى في منزله أو حديقته، فعليه أن يحذر، فربما قاده هذا اللقاء إلى الحبس بعد فضه بالقوة طبعاً، إذا وصل عدد الحاضرين إلى 20 شخصاً، أو كان من المتوقع أن يصل إلى 20 شخصاً، وهذا التوقع هو من حق الجهات الأمنية بالطبع، فربما تنضم إليهم أسرة قابلوها بالصدفة أو جاءت لزيارتهم.

وهذه ليست قصة من المبالغات التي نسبت إلى ملفات جهاز «الشيتازي» (البوليس السياسي) في النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية سابقاً، بل هي حقيقة واقعة بنص القانون المطبق في دولة قطر، القانون رقم 18 الصادر عام 2004، فاستناداً لهذا القانون، فإن مثل هذا اللقاء العائلي في مكان خاص مملوك لأصحابه ملكية خاصة، يعتبر في نظر القانون بمثابة «اجتماع عام» يحظر عقده إلا بترخيص مسبق وضوابط مشددة، تحسباً لأن يتطرق الحاضرون للحديث في موضوعات ذات طبيعة عامة، أي تهم عموم المواطنين أو فئة منهم.

وتنص المادة (1) من هذا القانون على أنه يعتبر اجتماعاً عاماً، في تطبيق أحكام هذا القانون، كل اجتماع يشارك أو يتوقع أن يشارك فيه أكثر من عشرين شخصاً أو تكون المشاركة فيه دون دعوة خاصة، ويعقد في مكان خاص أو عام، وذلك لمناقشة موضوع أو موضوعات عامة«.

«عيد الميلاد قد يقود إلى الحبس!»

ولم تسلم الاجتماعات التي تدعو إليها الهيئات الحكومية، والاجتماعات التي تعقدها الأشخاص الاعتبارية لمناقشة المسائل التي تدخل في اختصاصها، واجتماعات الشركات والمؤسسات، واجتماعات الأندية والاتحادات الرياضية وحتى الاحتفالات والأعراس وأعياد الميلاد والمناسبات الاجتماعية وغيرها، من سطوة اليد الغليظة للنظام القطري التي حاصرتها بالتقييد والتهديد حتى لاتسول لأي مواطن نفسه بالحديث في هذه الاجتماعات عن أي شأن أو موضوع خارج التخصص العلمي أو المهني أو الاجتماعي الذي يعقد من أجله الاجتماع تحديداً، وإذا تصادف وتطرق حديث الحاضرين لأي موضوع خارج الغرض من الاجتماع، يعتبر هذا اللقاء «اجتماعاً عاماً» يؤدي انعقاده دون مشاركة من الأمن ودون ترخيص مسبق إلى عقوبات أبرزها الحبس لمن عقده ولمن شارك فيه.

«عدم الرد يعني الرفض»

نص المشرع القطري في هذا القانون الاستبدادي على ضرورة تقديم طلب الترخيص قبل الاجتماع بسبعة أيام على الأقل، وجعل من عدم الرد عليه رفضاً للاجتماع، أي أن الأمن إذا لم يريد عقد الاجتماع، لا يفعل أكثر من تغافل الطلب، وعدم الرد عليه دون إبداء أي اسباب، فيحقق ما يريد من عدم عقد أي اجتماعات في الاماكن العامة أو الخاصة، حيث تنص المادة (5) من هذا القانون على أن «يقدم طلب الترخيص قبل الموعد المحدد لعقد الاجتماع العام بسبعة أيام على الأقل. وإذا لم يخطر مقدمو الطلب بالموافقة على عقد الاجتماع قبل الموعد المحدد له بثلاثة أيام، اعتبر ذلك رفضاً للطلب».

«التظلم يقدم للوزير الظالم نفسه.. واللجوء للقضاء ممنوع»

ومن النصوص المثيرة للسخرية، أن القانون يشترط على صاحب الدعوة إلى الاجتماع إذا أراد التظلم من رفض طلبه، أن يقدم تظلمه إلى وزير الداخلية، أي إلى الجهة نفسها التي رفضت طلبه، ولأن من البديهي أن الوزير لن ينظر في التظلم، وربما لن يعرض عليه أصلاً، فقد اعتبر القانون عدم رد الوزير بمثابة رفض، مما يريح الوزير من عناء النظر في هذه التظلمات من الأساس، لعدم وجود نية لدى النظام من الموافقة على أي تظاهر، مع تحصين هذا القرار من الطعن عليه أمام القضاء، حيث تنص الفقرة الأخيرة من المادة (5) من هذا القانون على أنه «يجوز لمن رفض طلبهم التظلم إلى وزير الداخلية من قرار الرفض خلال أربع وعشرين ساعة، ويجب على الوزير البت في التظلم خلال الأربع والعشرين ساعة التالية وإلا اعتبر التظلم مرفوضاً، ويكون قرار الوزير بالبت في التظلم نهائياً».

«للأمن رفض تنظيم أي اجتماع انتخابي.. فأين هي الانتخابات أصلاً؟»

وأفادت الدراسة التي أعدتها هيئة الاستعلامات بأنه على الرغم من عدم تنظيم أي انتخابات لمجلس الشورى القطري منذ دستور 2004، إلا أن القانون أعطى إدارة الأمن العام حق الاعتراض على تنظيم اجتماع انتخابي، ويجوز للمرشح أن يتظلم إلى وزير الداخلية بذات الأحكام التعسفية التي نص عليها في المادة (5) من هذا القانون، والمشار إليه في الفقرة السابقة.

«الأمن حاضر في كل اجتماع»

وأوضحت «الاستعلامات» أنه بذريعة عقد أي اجتماع عن أي موضوع وبأي عدد، حتي لو كان حاصلاً على كل التراخيص ومستوفياً كل الشروط، فإن المادة (10) من قانون «ساكسونيا» القطري، منح الأمن سلطة اقتحام الأماكن العامة أو الخاصة، التي يعقد فيها أي اجتماع أو لقاء، مما يعد تعدياً سافراً من جانب الأمن على حق المواطنين في ممارسة هذا الحق، بالإضافة إلى تقييد المنظمين والمشاركين من التحدث بحرية في هذا الاجتماع، خوفا من بطش الأمن، فضلاً عن سماح هذا القانون للأمن بدخول الأماكن الخاصة تحت ذريعة حضور الاجتماعات العامة التي تعقد في أماكن خاصة، ما يعد انتهاكاً صارخاً لحرمة الحياة الخاصة للمواطنين.

«الأمن جاهز بذرائعه لفض الأجتماع بالقوة»

استخدم المشرع في المادة (9) من هذا القانون مصطلحات فضفاضة، وهي «عدم مخالفة تعاليم الدين» و«النظام العام» و«الآداب العامة»، واستخدام هذه المصطلحات الفضفاضة دون وضع تعريف محدد لها يزيد من التعسف في تطبيق الأحكام التعسفية في هذا القانون، خاصة أن المشرع في المادة (10) سمح للأمن فض الاجتماع حتي لو كان مرخصا، إذا حدث أمر من هذه الأمور مما يتيح لهم فرصة فض أي اجتماع تحت ذريعة مخالفته النظام العام أو الآداب العامة أو تعاليم الدين، أي الفض قد يكون بدون اسباب، حيث تنص المادة (10) من هذا القانون على أن «للشرطة حضور الاجتماع العام للمحافظة على الأمن والنظام العام، ولهم أن يختاروا المكان الملائم لهم شريطة أن يكون بعيداً عن مكان المتكلم، ولهم فض الاجتماع إذا طلب ذلك منظموه أو إذا حدث أمر من الأمور المنصوص عليها في المادة السابقة أو كان من شأن استمرار الاجتماع حدوث ذلك».

«الحبس لترهيب الجميع»

نص القانون على عقوبات قاسية تصل إلى الحبس، وهي عقوبات قاسية لردع كل من تسول له نفسه عقد اجتماعات أومسيرات أو تناول الأمور العامة، فقد وصل استبداد الحاكم به إلى منع الاجتماع حتى لو في مكان خاص إلا بعد الحصول على موافقة وترخيص من السلطة، ومن يخالف ذلك يتعرض لعقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات، حيث تنص المادة 15 من ذات القانون على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال، كل من عقد أو نظم اجتماعاً عاماً أو مسيرة بدون ترخيص».

ولم يقف حد القمع عند منع الاجتماع في مكان خاص، ولا عند ضرورة الحصول على ترخيص لعقد أي اجتماع سواء كان عام أو خاص، بل منع القانون حتى الإعلان عن أي اجتماع أو مسيرة قبل الحصول على ترخيص رسمي، حيث تنص المادة 17 من ذات القانون على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال ولا تزيد على عشرين ألف ريال، كل من أعلن أو نشر بأي وسيلة من وسائل النشر عن اجتماع عام أو مسيرة غير مرخص بهما، أو شارك في اجتماع عام أو مسيرة غير مرخص بهما وهو يعلم بذلك».

وعلى الرغم من ندرة النصوص الجنائية التي تعاقب الشخص الاعتباري، إلا أن المشرع القطري لم يتورع عن ملاحقة وترهيب ممثل الشخص الاعتباري، ومواجهته بعقوبة الحبس في هذا القانون، حيث تنص المادة 19 على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد على خمسة آلاف ريال، ممثل الشخص الاعتباري الخاص، إذا سمح بعقد اجتماع غير مرخص به في مقر الشخص الاعتباري، أو لم يتخذ الإجراءات المناسبة لفضه بمجرد علمه بانعقاده».

وأشارت هيئة الاستعلامات إلى أن جميع الأحكام السابقة في هذه الدراسة تنطبق على أي موكب يسير أو تجمع يقام في الطرق والميادين العامة سواء كان صامتاً أو مصحوباً بهتاف، حيث تنص المادة 12 من هذا القانون على أن «يسري على المسيرات أحكام المواد (3)، (4)، (5)، (7)، (9)، (10) من هذا القانون، ويجب أن يذكر في طلب الترخيص، إضافة إلى البيانات المنصوص عليها في المادة (4)، خط سير الموكب أو مكان التجمع.