قبل نحو 35 عاما من الآن، كان عمرى لم يتعد الـ 7 سنوات، كنت أستمع إليه بصوت «برىء»، شعرت وكأنه صوتى الطفولى، فيه ملامح من «اللكنة الصعيدية» التى يتحدث بها والدى- أطال الله عمره- لكنى لم أفسر معنى الكلمات التى يغنيها، وتقوم أختى الكبرى «فاطمة» بالاستماع إليها فى «الكاسيت»، سنوات قليلة للغاية جاء لأشاهده «صوتا وصورة» فى القناة الأولى، التى كانت ضمن 3 قنوات لا رابع لها فى تليفزيوناتنا، نشاهد فيها ما تشتهى العقول والقلوب الصغيرة والكبيرة، فتى أسمر به من ملامحنا الكثير، ذو شعر «مفلفل حر»، له حركات تبدو عصبية لكنها تلقائية، «ابتسامة سمرا نيلى» تنير وجهه، تعجبت كيف تخلت أختى الكبرى عن سماعها للطرب القديم ممثلا فى محمد عبدالوهاب، لتحب ذلك الفتى، وكيف تشاركها أختى زينب- رحمة الله عليها- التى تليها فى العمر، وهى تحب ست الكل أم كلثوم، وتطرب لسماع فريد وعبدالحليم، بالتأكيد هذا الفتى به من الفن ما يجعلهما تستمعان إليه بهذا الشغف وهما طالبتان جامعيتان، كنت لا أفهم كثيرا كلمات أغانيه لكنى أرددها، أحببت «تعالى نلضم أسامينا»، و«الليلة يا سمرا» ولا أعلم أنها لانتصار مصرنا الحبيبة، بدأ عقلى يتكون رويدا رويدا، والفتى الأسمر ينطلق بغناء ما لا يتوقعه الكثيرون، «الطول واللون والحرية»، كنت فى المرحلة الثانوية، وأصبحت أرددها بلا توقف، ما هذه الكلمات وما هذا الصوت، أتمايل معه «وكأنى عصفور مدلع»، وأبكى وهو يشدو «جدو يا طيب يا أبو عصاية.. من فضلك احكى لى حكاية»، لأقرر العودة إلى الوراء والاستماع إلى كافة ألبوماته بتوجه جديد، فأصبح لدى من التمييز ما يجعلنى أفهم «مغزى كلماته»، استمعت إلى «شبابيك» و«الحقيقة والميلاد» و«باعتب عليكى» و«حدوتة مصرية»، و«اتكلمى»، لم تعد ابتسامة منير هى المسيطرة علىّ بمفردها، بل صوته وفنه، مدعوما بكلمات العباقرة الذين كانوا سببا فى ظهوره، عبدالرحيم منصور ومجدى نجيب بألحان هانى شنودة وأحمد منيب وبليغ حمدى، وتوزيع خارج الحدود ليحيى خليل، التحقت بكلية الإعلام وصاحبنى صوته بـ«من أول لمسة» وتخرجت فيها وهو يشدو «هون يا ليل يا غربتنا»، وبدأت مسيرتى العملية وهو يغنى « لما النسيم»، وسرت فى هذه الحياة وهو يملأ الدنيا غناء، ويصبح هو صوتى دائما لأردد معه «باحلم أعدى الزمن فى نطة مش ضامن»، ويظل منير من شكل وجدان أجيال كاملة، الذى يعشقه ملايين، ويقف فى حفلاته على مستوى العالم أعمار مختلفة، يستمتعون بأغنياته القديمة قبل الحديثة منها، وفى عيد ميلاده سيظل الكينج «منير» حياتنا، وسيظل صوته «الملاذ الآمن» ليؤكد لنا أن «مش كل شىء بيفوت فى عمرنا بيجرح.. قلب الحياة مليان حاجات وبتفرح».. بنحبك يا منير.