في أكتوبر عام 1891م فوجئ رئيس نيابة طنطا (قاسم أمين) رائد تحرير المرأة فيما بعد بالثائر عبدالله النديم قد جىء به إليه للتحقيق معه بعد اختفاء دام نحو تسع سنوات كان هاربا فيها من السلطات فطلب منه أن يقول في التحقيق ما يمليه عليه ضميره الوطنى دون خوف وقدم له القهوة والدخان بل والمساعدة المالية أيضا وشمله بتوصية لدى مأمور قسم طنطا بأن يعامله معاملة لائقة بمثقف وطنى
وكان كثيرون قد ظنوا أن النديم قد مات بسبب اختفائه لهذه الفترة الطويلة وبعد الثورة العرابية بعام واحد أي في عام 1883م نشرت الأهرام خبر اختفاء النديم ووجهت النقد اللاذع لرجال الضبط والربط على إهمالهم الشديد في البحث عن النديم، ولم يكن قاسم أمين هو الوحيد صاحب هذا الموقف الوطنى من النديم فقد ذكر أنه أثناء غياب النديم وملاحقته كان يتعقبه مأمور أحد الأقسام في أحد أقاليم مصر ومعه قوة من الجند وأمر المأمور جنده أن يسبقوه حين لمح رجلا متخفيا تأكد له أنه النديم وما إن سبقه الجند حتى لوى عنان فرسه عائدا للنديم واستوقفه قائلا له: لا داعى للتنكر فقد عرفتك،
فرد النديم قائلا: نعم أنا النديم، فقال له المأمور لا بأس عليك اذهب في حفظ الله لتعرف أن في الوجود بقية للكرام بل ووصف المأمور للنديم طريقا آمنا للهرب وأعطاه ثلاثة جنيهات كانت هي كل ما في حوزته إلى أن ألقى القبض عليه في بلدة الجميزة متنكرا باسم الشيخ إبراهيم الشهاوى بعدما دل عليه رجل اسمه حسن الفرارجى الذي كان يعمل في البوليس السرى قبل إحالته إلى المعاش وأمكن لحكمدار الغربية القبض عليه وكان النديم منذ قاد عرابى ثورته قد وضع نفسه خطيبا للثورة وكرس قلمه لها وأصدر (التنكيت والتبكيت) في 6 يونيو 1881م وتوقفت أو صودرت في 23 أكتوبر من نفس العام ثم وأصدر اللطائف لسانا لحال الثورة إلى أن ألقى القبض عليه ونفى مرة أخرى لثلاث سنوات من 1893 إلى 1896م،
أما عن مولده فهناك روايتان الأولى أنه ولد في 1843 والثانية في عام 1845م وقد ولد لأسرة فقيرة من قرية الطيبة بمحافظة الشرقية واستقر والده في سوق المنشية وافتتح مخبزا وأرسل ابنه عبدالله إلى كتاب الحى.
أنشأ النديم متجرا في المنصورة لكنه لم ينجح فذهب إلى الإسكندرية عام 1879 واشتغل في التحرير السياسى بجريدة المحروسة والعصر الجديد وانضم للحزب الوطنى الأول وتعرف على البارودى وتوثقت الصلة بينهما في الثورة العرابية إلى أن أجهز السل على حياته وتوفى في مثل هذا اليوم 10 أكتوبر عام 1896م.