يعتبر القضاء على الجوع وسوء التغذية أحد أكبر التحديات العالمية التي تواجها البشرية في الوقت الحالي، لسير عجلة التنمية، ويعد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي تأسس عام 1961، أحد اهم الأعمدة لتحقيق هدف القضاء على الجوع.
وتعزيزاً لدوره مُنح جائزة نوبل للسلام لعام 2020 لجهوده في مكافحة الجوع في العالم، ويسلط ذلك الفوز الضوء على أحد أكثر القضايا أهمية حول العالم، خاصة في بيئة دولية تزداد فيها النزاعات المسلحة، والأزمات الاقتصادية، والاوبئة مما يعيق مسيرة القضاء على الجوع.
ويخدم برنامج الأغذية العالمي، أكثر من 97 مليون فرد، في 88 دولة حول العالم، من بينهم ست حالات تعتبرهم البرنامج منطقة طوارئ وهم سوريا واليمن وجمهورية الكونغو الديموقراطية ونيجيريا، ومنظمة الساحل الأفريقي التي تحوي على ثلاث دول هم مالي والنيجر وبوركينافاسو.
ويركز البرنامج مجهوداته في المناطق التي يشتعل فيها النزاعات المسلحة، والتي تمثل ثلثي مناطق عمله، ليقدم المساعدة في حالات الطوارئ والإغاثة وإعادة التأهيل ، خاصة أن الناس في تلك المناطق تكون أكثر عرضة بثلاث مرات لسوء التغذية من أولئك الذين يعيشون في بلدان خالية من النزاعات.
ويقدم البرنامج 15 مليار حصة غذائية بمتوسط تكلفة تقديري لكل حصة 0.61 دولار أمريكي، ويستخدم برنامج الأغذية العالمية أكثر من 5600 شاحنة و30 سفينة، وما يقرب من 100 طائرة تقل مساعدات غذائية.
ويقدم البرنامج وجبات غذائية في المدارس لأكثر من 17.3 مليون طفل في 50 دولة، وبجانب الخدمات الإغاثية للأطفال يقدم البرنامج الخدمة لما يقرب من 10.3 مليون طفل دون سن الخامسة للوقاية من سوء التغذية وعلاجها، بجانب 6.3 مليون، مرآة من النساء الحوامل والمرضعات.
رغم ذلك فالدعم المالي، ليس بالمستوى المطلوب، فميزانية البرنامج بلغت 8 مليار دولار فقط، تأتي من التبرعات الطوعية، وفي هذا السياق تبلغ قيمة الجائزة 1.1 مليون دولار ستمنح في أوسلو في العاشر من ديسمبر المقبل.
ونظرا لضعف التمويل فالبرامج لا يخدم كل الجائعين حول العالم، ويوجد 690 مليون شخص ينامون على معدة خاوية كل يوم، وفق برنامج الاغذية العالمي، بجانب 149 مليون شخص يعانوا من الجوع على مستوى الأزمة.
مجهودات برنامج الغذاء العالمي لا تعكس الصورة كاملة، لكن نحتاج لأن نبحر في جولة حول التقارير الدولية وتقديرها لأعداد الجائعين ومن يعانوا من انعدام الامن الغذائي حول العالم.
فوفق منظمة الغذاء والزراعة «الفاو» التابعة للأمم المتحدة، فإن 821 مليون شخص- 10.8% من سكان العالم،- يعانوا مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في عام 2018، الذي يعني انخفاض كمية الغذاء المستهلكة إلى الحد الذي ربما يكون قد تعرضوا فيه للجوع، وهو ما يعادل واحدًا من كل تسعة أشخاص في العالم.
ذلك بجانب 17.2 % من سكان العالم، أي 1.3 مليار شخص يعانوا من مستويات متوسطة من انعدام الأمن الغذائي، مما يعنى انهم لم يحصلوا على المستوى الكاف من الغذاء، وبجمع المستويين فإن أكثر من ربع سكان الأرض، يعانوا من انعدام الأمن الغذائي بمستويات مختلفة،
تعيش غالبية الجياع في بلدان تشهد صراعًا وعنفًا مستمرين- 489 مليونًا من أصل 821 مليونًا. الأرقام أكثر إثارة للانتباه للأطفال. يعيش أكثر من 75 في المائة من الأطفال المصابين بسوء التغذية في العالم (122 مليونًا من أصل 155 مليونًا) في بلدان متأثرة بالصراعات.
ويعد القضاء على الجوع أحد أهم اهداف التنمية المستدامة التي اعلنت عنها الامم المتحدة عام 2015، والتي تستهدف القضاء على الجوع نهائياً حول العالم بحلول عام 2030.
فقد أحرزت الجهودات الدولية تقدمًا كبيرًا في الحد من الجوع: فقد انخفض عدد الجياع بمقدار 300 مليون مقارنة بالفترة 1990-1992، على الرغم من زيادة عدد سكان العالم بمقدار 1.9 مليار نسمة.
لكن في المقابل رغم كل المجهودات المبذولة فالعالم ليس على المسار الصحيح إذا استمرت معدلات الجوع بهذا الشكل، فإن عدد الأشخاص المتضررين من الجوع سيتجاوز 840 مليون بحلول عام 2030. وفق الموقع الرسمي لأهداف التنمية المستدامة.
وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي،. قد يتعرض 130 مليون شخص إضافي لخطر المعاناة من الجوع الحاد بحلول نهاية عام 2020، بسبب فيروس كورونا، ليصل 270 مليون، بارتفاع مقداره 82%.
ووفق لتقرير أصدرته منظمة اوكسفام المعنية بمكافحة الفقر، في يوليو الماضي، فإن فيروس كورونا والاثار الاقتصادية المترتبة عليه عمقت من ازمة الجوع في العالم.
وحذرت اوكسفام أنه قد يموت ما بين 6 ألاف- 12 ألف شخص يوميًا نهاية هذا العام بسبب فيروس كورونا.
ودعت منظمة أوكسفام أيضًا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء أزمة الجوع هذه وبناء أنظمة غذائية أكثر عدلاً وقوة واستدامة.
ووفق لمؤشر الجوع العالمي لعام 2019، فإن أكثر من 50 دولة حول العالم في مستوى يواجهوا خطر الجوع، أو في مستوى مقلق أو مقلق للغاية من الجوع.
مصر
محلياً، احرزت مصر مستوى معتدل من الجوع، حيث احتلت المرتبة 61 من بين 117 دولة، في مؤشر الجوع العالمي، في أخر إصدار له عام 2019، ولا تزال قدرة مصر على تحمل تكاليف الغذاء وجودته وسلامته تمثل تحديات مع استمرار مصر في الاعتماد على الأسواق العالمية.
إلا أن مصر تواجهها تحديات أخرى مرتبطة بالتغذية، مثل أن معدلات نقص الوزن للأطفال دون سن الخامسة تبلغ 5.5 في المائة، بجانب أن معدلات الزيادة في الوزن أو السمنة 16 % بين المواطنين، بجانب معدل التقزم الذي يمثل 21.4 % من المواطنين.