فى عام 1981، تم بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 36/67 تحديد الاحتفال باليوم العالمى للسلام ليكون متزامنًا مع موعد الجلسة الافتتاحية لدورة الجمعية العامة التى تُعقد كل عام فى فى ثالث يوم ثلاثاء من شهر سبتمبر.
وقد احتُفل بأوّل يوم للسلام فى سبتمبر 1982، وفى عام 2001، صوَّتت الجمعية العامة بالإجماع على القرار 55/8282، والذى يعيِّن تاريخ 21 سبتمبر يومًا للامتناع عن العنف ووقف إطلاق النار.
وفى هذه المناسبة، تدعو الأمم المتحدة الأمم والشعوب كافة إلى الالتزام بوقف للأعمال العدائية خلال هذا اليوم، وإلى إحيائه بالتثقيف ونشر الوعى لدى الجمهور بالمسائل المتصلة بالسلام.
وتجلى فى هذا العام تجليًا واضحًا أننا لسنا أعداء لبعضنا بعضا، بل إن عدونا المشترك هو فيروس لا يكل فى تهديده صحتنا وأمننا ومعايشنا. لقد أوقعت جائحة كوفيد - 19 عالمنا فى حالة من الاضطراب وذكّرتنا بأن ما يحدث فى جزء واحد من الأرض يمكن أن يؤثر فى الناس فى كل مكان.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش جميع الأطراف المتحاربة إلى إلقاء أسلحتها والتركيز على المعركة ضد هذا الوباء العالمى الذى لم يسبق له مثيل. وفى حين أن الرسالة كانت موجهة للأطراف المسلحة، فإن هناك حاجة كذلك إلى التضامن والتعاون عبر الحدود والقطاعات ومشاركة كل الأجيال لكسب هذه المعركة الجديدة ضد أسوأ أزمة للصحة العامة فى عصرنا. فلا بد من حوار عالمى بعيد المدى بشأن بناء مستقبل سلمى ومزدهر نصبو إليه.
وبينما نكافح لهزيمة جائحة كوفيد - 19، أصبحت هناك دعوة إلى العالم لتوحيد الأفكار وتبادلها بشأن كيفية تجاوز هذه العاصفة، وبما يمكن من تعافى عالمنا وتغييره إلى الأفضل. وعلى الرغم من احتمال عجزنا عن معاضدة بعضنا بعضا، فإن الحلم لم يزل ممكنًا.
وتقرر أن يكون موضوع وشعار عام 2020 لليوم الدولى للسلام هو «تشكيل السلام معا».
والسلام كلمة ما أحلاها! والسلام صناعة ما أسماها! وبغير السلام يكون عالمنا جحيمًا، والإنسان فى حاجة دائمة إلى السلام، فالسلام هو حُلم الإنسانية المتعبة، وهو أمل النفس الخائفة المضطربة، وهو الرجاء الباسم الذى يتطلع إليه عالم اليوم.
إنه حاجة الأغنياء والفقراء.. حاجة العظماء والأدنياء.. إنه حاجة البشرية جمعاء بغير استثناء، ولا جدال فى أن السلام هو أسمى الأحاسيس فى هذا الوجود، ولكن من المؤسف أن نرى أن كلمات مثل العنف والإرهاب والتدمير فرضت نفسها بقوة فى الآونة الأخيرة، وأصبحت صناعة الحروب هى الصناعة الأولى الرائجة فى العالم.
ومن المؤسف أنه رغم التمدين والحضارة، ورغم تغلب الإنسان على كثير من المشكلات، والأمراض الفتاكة، ورغم اختراع الإنسان كثيرًا من الاختراعات الباهرة، وصعوده إلى الفضاء فى رحلات ناجحة.. من المؤسف أن نقول إن قتلى الحروب فى هذه الأيام يفوق كثيرًا الذين قُتلوا فى الحروب الماضية فى كل تاريخ البشرية السابق.. أين السلام؟
لقد أصبحت كلمة السلام اليوم فى عالم الخيال، وأصبح الناس ينظرون إلى السلام كما ينظرون إلى حُلم جميل عذب صعب المنال يتراءى فى أعماق الغيب، وصار كل شخص لا يذكر هذه الكلمة، إلا وقلبه يتقطع من الحزن والأسى، فما أغزر الدموع التى تسيل مدرارًا! وما أكثر الدماء التى تُسفك أنهارًا! فالدول من حولنا تحارب بعضها بعضًا، والإنسان يقتل أخاه فى الإنسانية، والقوى يريد أن يفتك بالضعيف، والغنى يصُم أذنيه عن سماع تأوهات الفقير.. لقد فقد عالمنا هدوءه وسلامه، وأصبحنا نعيش فى شبه غابة موحشة يتصارع فيها المخلب والناب، غابة صار فيها البقاء للأقوى، وأضحت الاستمرارية للعنيف.
إن عالمنا فى مسيس الحاجة للسلام، فبغير السلام يصبح البيت عذابًا، وبغير السلام يصير القلب أتونًا، فطوبى لصانعى السلام! هل لك يا أخى أن تجاهد لتصنع السلام؟!.. إن الجهاد الحقيقى الذى تُباركه السماء هو الجهاد الذى يكون لأجل صنع السلام، وليس زرع الخصام. إن السعادة الحقيقية هى للذين يصنعون السلام مهما كلفهم الأمر، والغبطة هى لمن يشترون السلام، ولو كلفهم تضحيات كثيرة، والفرحة هى لمن يُوجِدون السلام حيث توجَد الكراهية، ولمن يَزرعون الحب حيث يوجَد العنف، ولمن يُوجِدون الصُلح حيث يوجَد الخصام.
refaatfikry@gmail. Com