«لسنا فى حاجة لتفسير قانونى، فالتمرد على الظلم لا يحتاج رأيا قانونياً، وقضيتنا الأساسية هى إسقاط محمد مرسى.. وسنسقطه» بتلك العبارة وبنبرة حادة أجاب أعضاء حملة «تمرد»، عن أسئلة تتردد فى الشارع يمكن تلخيصها فى «وماذا بعد التوقيع؟».
قال أعضاء الحملة فى ندوة الحوار، التى نظمتها «المصرى اليوم» إن «تمرد» لا ولن تقبل تبرعات مادية، وإن التبرع الوحيد هو طباعة الاستمارة وتوزيعها، وأشاروا إلى أن الدكتور عبد الجليل مصطفى، القيادي بجبهة الإنقاذ طبع 100 ألف استمارة.
ولفت أعضاء المكتب السياسى للحملة، إلى أنه حال نجاحها فى إسقاط شرعية مرسى، ستطلب أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا مسؤولية إدارة شؤون البلاد فى مرحلة انتقالية تشهد تشكيل حكومة ائتلافية لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وقال محمود بدر، المتحدث الإعلامى للحركة: «التحدى الحقيقى قبل إطلاق (تمرد) كان حالة الثورة واللا ثورة، الأمور تشتعل فى المنصورة وتهدأ فى القاهرة وتشتعل مرة أخرى فى المنصورة والإسكندرية وتهدأ فى أماكن أخرى، بالإضافة إلى موت الحياة السياسية فى مصر ما بين جبهة الإنقاذ والسلطة».
وأضاف: «فى هذا السياق اندلعت حالات عنف فى الشارع ردا على عنف السلطة، وبدأت الجماهير، الأغلبية البعيدة عن السلطة وجبهة الإنقاذ، فى التعبير عن نفاد صبرها، ومن هنا جاء التفكير حول ضرورة إعادة الثورة إلى طريقها الصحيح وأن نثبت للرئيس محمد مرسى أن ما يقوم به الآن غير شرعى، وأن الشعب المصرى «مش عايزه» وأنه أعطى له الثقه والآن يسحبها منه».
وسرد بدر، بدايات الحركة، قائلا: «اسم تمرد يعود لفكرة قديمة فكر فيها اثنان من الأصدقاء ولم ينجحا، وعند البحث عن أسلوب لمعارضة الرئيس محمد مرسى ورفض حكمه استدعينا هذا الاسم. وفى تلك الأثناء جلسنا 5 أفراد فى منزلى واتفقنا على إطلاق الحركة واتفقنا على صياغة الاستمارة التى انطلقت فى شوارع مصر فيما بعد، وصيغتها (لا تقطع طريق ولا تحاصر مؤسسة ولا تقوم باعتصام أو بإضراب) وهى آليات الاحتجاج المتبعة فى الفترة الأخيرة».
البدايات لم تكن سهلة كما يقول بدر: «لخلق شبكة اتصال قوية اعتمدنا على مجموعة من أصدقائنا وأقاربنا نثق بيهم جيدا ووجهنا دعوة لهم من خلال صفحاتنا الشخصية على فيس بوك، وفوجئنا بأصدقاء يحضرون الاجتماع من محافظات الشرقية والمنوفية والغربية والبحيرة، وتقريبا حضر الاجتماع الأول نحو 50 شخصا من 7 محافظات، وفى هذا الاجتماع أضاف الحضور بعض التعديلات على الاستمارة».
وتابع: «فى البداية كانت الاستمارة مكتوبة بلغة (رصينة) يصعب على محدودى التعليم وبعض الطبقات التفاعل معها، ولما كانت تلك الطبقات هى المستهدفة فى المقام الأول تم تعديل صياغة الاستمارة بحيث تصل بشكل أكثر بساطة. والحاضرون فى هذا الاجتماع على سبيل المثال أسقطوا سهوا أهمية كتابة رقم التليفون للتواصل بين الموقعين والحملة».
وأضاف بدر: «اكتشفنا أن عدم وضع رقم التليفون تسبب فى مشكلة كبيرة تتعلق بعدم القدرة على جمع الاستمارات التى تم توقيعها من قبل المواطنين، وللأسف تجاوزت الاستمارة مرحلة وضع أرقام التليفونات عليها».
وعن التمويل، قال المتحدث الإعلامى للحملة: «الدعم الذى نطلبه من الجماهير هو طباعة الاستمارة وتوزيعها على المواطنين ومن ثم تسليمها إلينا، وأول مبلغ تبرع به أعضاء الحركة هو 410 جنيهات، دفعت 50 جنيها وحسن شاهين 60 جنيها ومحمد عبدالعزيز 50 جنيها ومنى سليم 50 جنيها والدكتور يحيى القزاز دفع 200 جنيه. وأول نزول للحملة كان فى ميدان التحرير، وعند توقيع 6 آلاف استمارة جمعنا من بعض 110 جنيهات لطباعة نسخ أخرى وعندما شاهد المتظاهرون فى التحرير تصوير الاستمارات من خلال التبرعات، طبعوها من تلقاء أنفسهم ووزعوها».
وشدد على أن التبرعات التى تقبلها الحملة ورقية فقط وليست مادية، وقال: «أول تبرع جاء من المهندس حمدى الفخرانى بتصوير 50 ألف نسخة، وطبع الدكتور عبدالجليل مصطفى 100 ألف نسخة، وأثناء ظهور أعضاء الحملة فى أحد البرامج أعلن متصل طباعة 2 مليون نسخة على نفقته، وتبرع ثان بـ3 ملايين نسخة».
وأضاف: «الرسالة الأهم جاءت للحملة من إحدى السيدات المسنات فى منطقة فيصل بمحافظة الجيزة التى بحثت عنا لساعات وسلمتنا 213 استمارة طبعتها على نفقتها وجمعت عليها التوقيعات، وطالب فى المرحلة الثانوية سلمنا 800 استمارة فى الأيام الأولى للحملة، وطالب آخر اسمه إسلام اقتطع من مصروفه 5 جنيهات ليطبع استمارات ويجمع عليها التوقيعات، وهذا هو التجلى الأهم للحملة».
وعن تأثير الصياغة البسيطة على الشارع شرح بدر: «هذه الورقة تحشد الشعب المصرى كله ضد نظام نرى أنه استبد بالبلد وأصبحنا أمام مشروع احتلال وطنى كبير، وهى طريقة لحشد الشعب المصرى فى اتجاه العصيان المدنى، والتوقيعات محاولة للتأكد من رغبة الشعب فى أن يقول.. (حان الآن رحيل جماعة الإخوان عن المشهد السياسى لأنها فشلت فى كل شىء)، وكان ذلك تحدياً يواجهنا وعندما نزلنا للشارع لم نكن نتوقع نهائيا ما حدث من تجاوب، ولم نتصور أن تمرد سيصل معها المواطن العادى للاقتطاع من قوته وطباعة نسخ وجمع توقيعات عليها».
وردا على سؤال العقبات التى تواجه تمرد، يوضح المتحدث الرسمى باسم الحملة أن الإشكالية الآن هى طريقة جمع الاستمارات الموقعة من المواطنين، خاصة أن هناك شريحة كبيرة منهم لا علاقة لهم بوسائل الاتصال الاجتماعى ولا يعرفون صفحة الحملة الرسمية على الإنترنت».
الانتشار الذى حققته الحملة فى فترة قصيرة دفع عدداً من القوى السياسية للالتحاق بها، يشرح «بدر»: «المواطنون هم الذين خلقوا حالة تمرد وهم سبب نجاحها فى وقت قصير قياسا بحملات أخرى، وبالتالى نرحب بكل القوى السياسية فى الانضمام إليها لأن الحملة جامعة للشعب المصرى».
الحملة المضادة التى أطلقتها الجماعة الإسلامية تحت اسم «تجرد» أثارت رد فعل ساخراً عند «بدر»، على حد قوله، واضاف: «أتوجه بالشكر للقيادى بالجماعة الإسلامية عاصم عبدالماجد فى اختيار اسم حملة (تجرد) لتأييد محمد مرسى، إذ اختار اسما يليق بمؤيدى مرسى وهم متجردون، وأعلنوا تأييدهم للرئيس ونظامه الذى قتل فى فترة توليه حتى الآن أكثر من 100 مصرى، ونحن بشكل واضح ومباشر تمردنا على وضع يحاول هؤلاء المتجردون فرضه علينا».
وحول الموقف القانونى للحركة، استعار بدر كلمة الكاتب أحمد رجب «هو فى تمرد قانونى يا أولاد التيت»، ويضيف: «لا نريد الحديث عن القانون فى دولة لم يعد فيها قانون ورئيسها يصدر إعلانا دستوريا لتحصين قراراته، وأنصاره يحاصرون المحكمة الدستورية، والآن يبحثون عن قانونية التوقيعات».
محمد عبدالعزيز، أحد مؤسسى الحملة، قال إن ملكية «تمرد» للشعب المصرى، رغم أن عددا كبيرا من مؤسسيها هم فى الأساس أعضاء فى حركة كفاية، وأضاف: «عند تأسيس الحملة قررنا أن تكون ملكا للشعب المصرى، وليست ملكاً لأشخاص أو هيئات وهذا سبب انتشارها السريع بين جميع المصريين».
وأشار عبدالعزيز، أحد أعضاء حركة كفاية، إلى أن الحملة ليست محسوبة على أى مرشح رئاسى فى مواجهة مرشح آخر، وأن حملة تمرد على مسافة واحدة من كل قوى الثورة، وأنهم سعداء بإعلان جبهة الإنقاذ تأييدهم بقدر سعادتهم بانضمام أبسط واحد من الشعب المصرى للحملة، حسبما يقول عبدالعزيز.
وعن توقعاته للمستقبل يقول: «من الصعب أن يستكمل مرسى الفترة المتبقية من مدته الرئاسية، والحملة إذا لم تكن بمثابة الضربة القاضية لنظام مرسى وجماعته، فإنها ستكسر آخر حجر صلب فى جدار الجماعة، وستصبح الأمور بعد ذلك أكثر هشاشة، ولدىّ يقين بأن التفاف الشعب المصرى حول تمرد سيغير المشهد السياسى بعد 30 يونيو المقبل».
وتابع: «السيناريو الذى تطرحه تمرد يفهمه الشعب المصرى جيدا وهو انتخابات رئاسية مبكرة تحت إشراف المحكمة الدستورية العليا».
وعن السيناريوهات التى طرحتها بعض القوى السياسية، مثل مرحلة انتقالية، تأتى على رأسها القوات المسلحة، أو تشكيل مجلس رئاسى مدنى، قال عبدالعزيز: «فيما يخص السيناريو الأول فإن رؤيتنا للمؤسسة العسكرية تنطلق من أن الجيش المصرى بيت الوطنية المصرية، وأن الأخطاء التى وقع مجلس فيها طنطاوى وعنان تحسب عليهما، وليس على المؤسسة العسكرية، وبالتالى لا نريد لهذه المؤسسة أن تدخل طرفا فى الصراع على السلطة، ولا نريد أن ينقلب الجيش المصرى ضد أحد، ولكن نريد أن ينقلب الشعب ضد حكم محمد مرسى، ودوره الوحيد فى هذه اللحظة هو الحفاظ على الأمن القومى المصرى، أو حدوث تعد كبير على متظاهرين سلميين والاستجابة لرأى الشعب».
تناول النقاش التيار السياسى الذى قد يمثل بديلا منظما يصل للسلطة فى حال إجراء انتخابات مبكرة وجاء ذكر السلفيين، فقال عنه عبدالعزيز: «التيار السلفى يقدم نفسه للأمريكان الآن باعتباره البديل المستقر فى مواجهة الإخوان، والإخوان حققوا بالفعل أمن إسرائيل، وحافظوا على النظام الاقتصادى الذى سنه مبارك، ولكنهم فشلو فى ضمان استقرار الشارع، وقيادة حزب النور الآن تقدم نفسها باعتبارها تستطيع خلق حالة من الاستقرار والتوافق، ولكن جماهير حزب النور، والسلفيين عموما، يعتقدون أن محمد مرسى يعبر عن الإسلام، ومن الصعب أن يقتنعوا بالتوقيع على استمارة تمرد».
الجانب النسائى فى المكتب السياسى للحملة تمثله منة شرف الدين، تقول: «لا فرق بين المتطوعين فى الحملة بين شاب وفتاة لأن شعارنا الأساسى منذ اللحظة الأولى (كلنا حاجة واحدة)، وهناك أمور متعلقة بالعمل الجماهيرى فى الشارع وأخرى متعلقة بأمور إدارية يشترك فيها أولاد وبنات مثل متابعة الصفحة الخاصة بتمرد على الإنترنت أو المقالات والتقارير الخاصة بالحملة التى يتم نشرها بالصحف ومتابعة المتطوعين وتقسيم المناطق التى نستهدفها».
وقالت منة شرف الدين: «فؤجئنا عند النزول للشارع بعبارة (إنتو فين إحنا مستنينكم) بعكس ما كنت أتوقعه بأن تكون هناك حالة من الشد والجذب مع الجمهور الرافض للحملة، لكننا نقابل مواطنين يؤكدون توقيعهم على الاستمارات وآخرين يبلغون المتطوعين بأنهم طبعوا العديد من الاستمارات، وجمعوا التوقيعات عليها ويريدون توصيلها».
حسن شاهين، المدير الإعلامى للحركة، شرح أن المجموعة الأولى اقترحت أن تكون الاستمارة لسحب الثقة، وأضاف على الاقتراح محمود بدر الدعوة لتنظيم مليونية أمام قصر الاتحادية فى 30 يونيو المقبل بالتزامن مع مرور عام على تولى مرسى منصبه».
وقال: «بدأنا على الموقع الرسمى للحركة تنظيم قاعدة بيانات، وعند حلول يوم 30 يونيو سيكون أمامنا عدد من الطرق القانونية والاحتجاجية. فعدد من القانونيين يؤكدون أن التوقيع على الاستمارة بالرقم القومى يمكننا من رفع دعوى قضائية تطالب بطرده من القصر الجمهورى بناء على مادة الدستور التى تعطى السيادة للشعب، وبالتالى الدعوة لانتخابات مبكرة يتولى رئيس المحكمة الدستورية مسؤولية البلاد، ويتم تشكيل حكومة ائتلافية لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية بمشاركة من التيارات الإسلامية».
وتابع شاهين، صاحب الفيديو الشهير الذى يظهر فيه مدافعا عن إحدى المتظاهرات أثناء أحداث مجلس الوزراء عام 2011: «إذا لم تتم الاستجابة لتلك المطالب فى 30 يونيو، فسيتم التصعيد ولكن فى تلك المرة وفقا لرأى الشارع الذى وقع على استمارة تمرد».
وعن مستقبل الحركة قال شاهين: «(تمرد) أصبحت حالة فى الشارع المصرى هدفها محاربة النظام الظالم، ومن الممكن أنه بعد إزاحة مرسى يأتى رئيس آخر لا يسير على خط الثورة وحينها سيتمرد الشعب عليه أيضا، وبالتالى فإن الحملة بمثابة حرس ثورى سلمى للثورة حتى تحقيق أهدافها ومطالبها، وغير وارد أن تتحول تمرد إلى حركة أو حزب وفى النهاية ذلك متروك لمؤسسى الحملة». وتدلل مى وهبة، إحدى مؤسسات الحملة، على نجاح تمرد، بالقول: «تصريحات الإخوان المسلمين والمطاردات الأمنية دليل واضح على نجاحنا، ودليل على حالة الرعب التى تنتابهم، وبالنسبة لمليونية 30 يونيو فإن استجابة الجماهير لها ستكون بقدر استجابتهم لحملة تمرد ورهاننا الأول والأخير على الشعب وعلى غيرة كل مصرى وقع على استمارة إسقاط مرسى».