تسلم الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أمس، جائزة نوبل للسلام فى العاصمة النرويجية أوسلو وسط تعزيزات أمنية استثنائية لحمايته وزوجته ميشال، وذلك بعد إعلان اللجنة السويدية، فى أكتوبر الماضى، عن اختياره لنيل الجائزة «لجهوده الاستثنائية فى تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب»، رغم الانتقادات الواسعة التى نالها الرئيس كونه لم يفعل شيئاً يستحق عليه الجائزة العالمية بالتزامن مع مباشرته الحرب على الإرهاب فى العراق وأفغانستان، حيث دعت عدة منظمات إلى التظاهر بالقرب من الفندق الذى نزل فيه أوباما احتجاجاً على قراره بتعزيز قوات بلاده هناك بـ30 ألف جندى قبل 9 أيام من تسلمه الجائزة.
وقال أوباما، لدى تسلمه الجائزة، إنه لا يوجد أى التباس بشأن تحديد موعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان فى يوليو 2011، بينما أكد جون فافرو، الذى كتب خطاب أوباما، أن الرئيس يتسلم جائزة السلام بوصفه قائداً لأمة خاضت حربين، وأن الرئيس يعتبر أن هذه الجائزة «ليست إشادة بنجاحاته أكثر مما هى تأكيد على رؤية الولايات المتحدة تحتل الزعامة فى القرن الواحد والعشرين». وقال مسؤولون أمريكيون إن الرئيس مُدرك «لتزامن» قراره بتعزيزه القوات فى أفغانستان ونيل نوبل للسلام.
وبدأ حفل التكريم الساعة 2 ظهراً بتوقيت جرينتش وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار أمنى للقوات النرويجية لم تعرفه حتى الآن، واتخذت النرويج تدابير أمنية غير مسبوقة مع تعبئة نحو 2500 شرطى مع دوريات ومقاتلات وصواريخ مضادة للطائرات حول أوسلو، وحلقت مروحيتان عسكريتان فوق الفندق الذى ينزل فيه الرئيس الأمريكى فيما تحوم مروحيات أخرى فى سماء وسط المدينة فى إطار عملية أمنية ستكلف الحكومة نحو 92 مليون كورون (16 مليون دولار)، وهو ما يزيد على 10 أضعاف قيمة المكافأة النقدية التى ترافق جائزة نوبل للسلام.
وكان متظاهرون قرروا الاحتجاج لمدة 3 أيام خلال بقاء أوباما فى أوسلو غير أن الرئيس اختصر زيارته واعتذر عن عدم حضور حفل الغداء التقليدى مع الملك النرويجى والحفل الموسيقى الذى يقام مساء اليوم على شرفه، وفى هذه الأثناء، يتلقى الحائزون الآخرون جوائز نوبل للطب والفيزياء والكيمياء والاقتصاد والآداب جوائزهم خلال حفل فى ستوكهولم.
وأثار اختيار أوباما فائزاً بجائزة نوبل للسلام لعام 2009 جدلاً فور الإعلان عنه فى 9 أكتوبر الماضى بسبب خوض الولايات المتحدة حربين فى العراق وأفغانستان.
وقال جير لوندشتاد، سكرتير لجنة نوبل النرويجية، إن معظم الرؤساء الأمريكيين يواجهون نزاعات وحروباً، غير أن الذهنية الجديدة التى باتت تعكسها السياسة الخارجية الأمريكية تبرر اختيار أوباما، وأضاف: «ما حاول أوباما القيام به هو سلوك سبيل جديد على صعيد السياسة الخارجية، مع التشديد على التعاون الدولى وعلى الأمم المتحدة والحوار والتفاوض ومكافحة التغيرات المناخية ونزع السلاح، وهذا ما يقع فى قلب خيار لجنة نوبل».
بدوره، أكد روبرت جيتس، المتحدث باسم البيت الأبيض قبيل تسلم أوباما الجائزة أن «الرئيس يدرك ويعلم أنه ليس بالمستوى نفسه الذى يشغله الرئيس الجنوب أفريقى السابق نيلسون مانديلا والراهبة الألبانية الأم تريزا.
وفى استطلاع للرأى فى الولايات المتحدة، اعتبر أمريكيان من أصل ثلاثة أن أوباما لا يستحق جائزة نوبل، كما أظهر استطلاع آخر أجرته جامعات «كينيبياك» فى ولاية كونيكتيكت الأمريكية أن 26% من الأمريكيين يعتقدون أن أوباما يستحق الجائزة.
واهتمت صحيفة «التايمز» البريطانية بحفل توزيع جوائز نوبل وعلقت، ببعض التشكك، على منح أوباما جائزة نوبل للسلام، وقالت: «ثمة سخرية واضحة فى أن يتسلم رئيس جائزة سلام، بعد أسبوع واحد من إعلان إرسال 30 ألف جندى إضافى إلى أفغانستان»، موضحة أن لجنة نوبل رأت أن أوباما أرسل بـ«إشارات ودية إلى أناس لا يتسمون بالود، وهو ما قد يكون جعل العالم أكثر أمنا بعض الشىء ولكن لا يستحق أى منها جائزة نوبل»، وقالت إنه «يتعين على أوباما الربط بين الكلمات الدافئة والسياسة الواضحة فى المرحلة المقبلة، إذا كان يرغب فى استحقاق الجائزة».
وفى المقابل، أنشأ عنصريون أمريكيون قبرا أعلنوا عليه «انتحار» الولايات المتحدة بعد انتخابها أوباما أول رئيس أمريكى من أصول أفريقية، وبثت منظمة «آريان نيشينز» الأمم الآرية العنصرية المتطرفة، من دعاة سمو الجنس الآرى صورة للقبر محفور عليه اسم صاحبته: «الولايات المتحدة الأمريكية»، وأشاروا إلى أن سبب وفاة «الميت» هو «انتحار»، وأن تاريخ مولده كان 4 يوليو 1776، تاريخ إعلان الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وثيقة إعلان الاستقلال عن التاج البريطانى، أما تاريخ الوفاة الذى يحمله الشاهد، فهو 4 نوفمبر 2008، وهو تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، التى فاز فيها أوباما.
ومن جانبه، انتقد الرئيس الكوبى السابق فيدل كاسترو نظيره الأمريكى، لقبوله الجائزة وقال: «لماذا يقبل أوباما جائزة نوبل للسلام فى الوقت الذى قرر فيه خوض الحرب الأفغانية إلى النهاية؟ لم يكن مضطراً إلى هذا الرياء، رئيس الولايات المتحدة لم يقل كلمة واحدة عن مئات الآلاف من الناس، من بينهم أطفال ومسنون أبرياء ماتوا فى العراق وأفغانستان».
وفى الوقت نفسه، أزاحت السلطات الإندونيسية الستار عن تمثال للرئيس الأمريكى وهو فى سن العاشرة عندما قضى أيام طفولته هناك، وأقيم التمثال فى حديقة وسط جاكرتا، حيث يصور التمثال طفلاً فى العاشرة من عمره وهو يرتدى بنطالاً قصيراً ويمسك بفراشة بين أصبعين من أصابعه. وقالت عمدة جاكرتا جوليانا مورنا إن «الهدف من إقامة التمثال هو إلهام الأطفال».