محمود عزت.. الكاهن الأكبر لمعبد الإخوان

كتب: أسامة المهدي الجمعة 28-08-2020 15:29

«الرجل الحديدي.. المرشد الخفي.. حامي التنظيم».. كلها ألقاب صاحبت الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، الذي تم القبض عليه صباح الجمعة، بحسب بيان صادر من وزارة الداخلية.

يعد محمود عزت، الرجل الأقوى الذي سيطر على مفاصل الجماعة دون منافس في الـ10 أعوام الأخيرة، بما جعل المنشقين والتائبين عن الإخوان يحملونه مسؤولية انهيار التنظيم وسقوطه شعبياً، وأيضا خروج العديد من الكوادر الشبابية الهامة في عام 2011.

بدأ ظهور اسم محمود عزت، عام 1962 داخل السجن حينما تم القبض عليه وكان وقتها طالباً بكلية الطب، وساق حظه أن تجمعه الزنزانة، بالقيادي الإخواني سيد قطب، فشرب منه فتاويه في «جاهلية المجتمع وتكفير الأنظمة السياسية، ومحاربتهم بالسلاح لتطبيق نموذج الدولة الذي وضعه مؤسس الجماعة حسن البنا«.

ومع عام 1974 خرج محمود عزت من السجن، ليضع خطة تجمع المنتمين فكريا لسيد قطب في تيار داخل الإخوان، عرفوا إعلاميًا بالتيار القطبي أو القطبيين، نسبة إلى سيد قطب.

وقام عزت بتدعيم هذا التيار القطبي في مفاصل الجماعة، بينما قاموا هم بدعمه ومساندته ليكون عضوا في مكتب الإرشاد عام 1981، ليتمكن من زرع واستقطاب العديد من الكوادر الذين نجحوا في السيطرة على مجلس شورى الجماعة، الذي يعد أشبه بالجمعية العمومية التي من خلالها يتم انتخاب مكتب الإرشاد، أعلى سلطة إدارية وروحية داخل الجماعة.

محمد بديع ، المرشد العام للإخوان المسلمين يتحدث أثناء عقد مؤتمرا صحفيا بمقر مكتب الإرشاد ، 30 مايو 2010 ، القاهرة ، للحديث عن وضع الجماعة في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري 2010. - صورة أرشيفية

ومنذ عام 1981 تمكن عزت من استغلال تكليفه من مصطفى مشهور، المرشد العام للإخوان وقتها، بتأسيس التنظيم الدولي للإخوان والذي وضع نواته مؤسس الجماعة حسن البنا.

وتوج نجاح محمود عزت ومجموعته عام 2009، في الحادثة التي عرفت داخل وخارج الجماعة باسم «الانقلاب على نائب الأول للمرشد» وهو الدكتور محمد حبيب، حيث قام عزت، والذي كان يتولى منصب الأمين العام، ومجموعته في إسقاط حبيب انتخابياً ورحيله من جماعة الإخوان، بل وتشويه صورته داخل الأوساط الإخوانية.

ويعد عزت هو مهندس بناء الهيكل الإداري للجماعة، فهو من وضع محمد بديع، مرشدا عام للإخوان، وأيضا من حافظ على منصب خيرت الشاطر، نائبا للإخوان، رغم وجوده في السجن، كذلك من وضع محمد مرسي، رئيساً للكتلة البرلمانية للإخوان في مجلس الشعب 2005.

ومع أحداث يناير 2011، أطلق محمود عزت مصطلحاً جعل كل قوى يناير تخشي الإخوان وهو «امتلاك الأرض»، وهو مصطلح يعني السيطرة على كافة مفاصل الدولة وجعلها تحت يد مكتب الإرشاد.

كما أنه كان وراء ترشيح خيرت الشاطر ومحمد مرسي لانتخابات رئاسة الجمهورية، وخداع القوي السياسية في الترشح في كافة الدوائر الانتخابية لمجلس الشعب بمخالفة لتعهداتهم ووعودهم بمصطلح «مشاركة لا مغالبة».

وأيضاً يتحمل عزت إطلاق خطة لزرع الفتن والانقسامات والانشقاقات في جماعات الإسلام السياسي والتي أشرف عليها خيرت الشاطر من منزله في مدينة نصر، فهناك تم استقطاب العديد من قيادات التيارات السياسية بهدف زرع الفتن داخل أحزابهم وجماعاتهم بهدف تفريقهم وجعل الإخوان هي تيار الإسلام السياسي الأقوى والأكثر تنظيما.

«عزت» الرجل الذي حمي تنظيم الإخوان من التحديث والتطوير، وشكل مع مجموعته الحفاظ على الشكل التقليدي للجماعة، وطرد كل من يخالف أفكار التيار القطبي الأمر الذي تسبب في طرد العديد من الشباب وانخراطهم في أحزاب أسسها منشقي الإخوان.

وهو ما يشير إلى تمتع محمود عزت بالحس الأمني في شخصيته فهو قليل الظهور إعلاميا، وفي الاجتماعات الكبيرة، ودائما ما كان يدفع بأحد رجاله القياديين في الجماعة للتحدث بلسانه وعلى رأسهم محمود حسين الأمين العام للجماعة وخليفته ومحمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد.

حاول عزت في فترة محمد مرسي، السيطرة على مفاصل الدولة واختراق الأجهزة السياسية، وهو ما عرف إعلاميا بـ«أخونة الدولة» والتي أنكرها مرسي والمتحدثين باسم الإخوان وحزبهم السياسي الحرية والعدالة وقتها في بيانات رسمية، معلنين شعارهم المعتاد «مشاركة لا مغالبة».

[image:4:center]

ومع أحداث ثورة 30 يونيو وخروج المظاهرات وتأييد القوات المسلحة للشعب المصري، كان عزت وراء رفض الجماعة لدعوات التهدئة والخروج للشارع المصري لإحداث فوضي والانتقام من المصريين لثورتهم على مرسي وحكم الجماعة.

وخلال الأعوام الماضية، كان عزت حديث الجبهات المتصارعة داخل الإخوان والتي تريد القفز لحكم الجماعة وأموالها بالخارج، وهنا تحدث باسمه جبهتين الأولي ادعت أنها جماعة الإخوان وانها تتلقى الأوامر والتكليفات من عزت نفسه من مقره السري، وطالبت الجميع بالانصياع لها باعتبار عزت، نائب المرشد العام، والذي يحل محله في ظهر مانع يمنعه من ممارسة مهامه، أما الجبهة الثانية فكانت جبهة محمد كمال ممثل الصعيد بالتنظيم والذي تحدث باسم عزت وقيادة تنظيمات مسلحة لإحداث فوضي ودموية داخل الشارع المصري، وإصدار فتاوي تبيح القتل تحت مبدأ «الجهاد».

وهنا بدأ السؤال عن مقر اختباء عزت، وهنا ظهرت عدة روايات، البعض أكد وجوده في مصر وفشله في الهروب، والبعض أكد وجودة في قطاع غزة، والبعض أكد وجود في خارج البلاد مع القيادات الهاربة يقود مخطط تدمير مصر من الخارج وأنه يمارس عادته في عدم الظهور.

واليوم، ومع القبض على محمود عزت شكلّ ذلك صدمة لدي جماعة الإخوان، فبعد دقائق من إعلان القبض عليه أصدر الإخوان بيانا طالبت فيه الإفراج عنه.