مع حلول شهر سبتمبر حتى نهاية نوفمبر من كل عام، تتحول بعض المحافظات إلى منصات لإطلاق الدخان والسموم، من خلال الأدخنة التي يتسبب فيها حرق بعض المزارعين قش الأرز، بهدف التخلص من القش دون تكلفة أو عناء، ما يؤدى إلى أضرار صحية وبيئية ويغلق الباب أمام الاستفادة من مخلفات الأرز، في عدد من الصناعات، التي توفر العملة الصعبة للدولة.
وقبل بداية الموسم أعلنت لدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، تكثيف حملات التوعية البيئية للمواطنين حول الأضرار الناتجة عن حرق المخلفات الزراعية وكيفية وطرق الإستفادة الإقتصادية منها ضمن اجراءات وزارة البيئة للاستعداد لمواجهة نوبات تلوث الهواء الحادة المعروفة باسم (السحابة السوداء)، وتم تنفيذ عدد ٤٩ حملة توعية بيئية و٥٣ لقاء مع المزارعين حتى الآن بمحافظات الشرقية والمنصورة والقاهرة الكبرى.
وأكدت الدكتورة ياسمين أن الحملات واللقاءات الاستباقية التي تنفذها فرق التوعية بوزارة البيئة، تستهدف نشر الوعي البيئي لدى المزارعين بأهمية الاستفادة الاقتصادية للمخلفات الزراعية قش الأرز وحطب الذرة وكيفية استثمارها واستغلالها بدلا من إحراقها، وتأثير ذلك على تغير المناخ وحدة ظاهرة الإحتباس الحرارى بما ينعكس على البيئة والكائنات الحية والموارد الطبيعية وصحة المواطنين.
فيما تلقى فرع الوزارة بالشرقية حتى الآن عدد106 طلب تأجير معدات وعدد 99 طلب فتح موقع، واستقبلت لجنة المواقع بفرع جهاز شؤون البيئة بوسط الدلتا عدد 109 طلب لفتح مواقع تجميع قش الأرز حتى الآن بإجمالى عدد 85 طلب بمحافظة كفرالشيخ، 24 طلب بمحافظة الغربية، كما استقبل أعضاء لجنة تأجير المعدات عدد 61 طلب بمحافظة كفر الشيخ وعدد 27 بمحافظة الغربية وذلك لتأجير معدات جمع وكبس قش الأرز بإجمالى 88 طلب حتى الان .
كما تم معاينة عدد ( ٦ ) مواقع لتجميع قش الأرز بمحافظة كفرالشيخ، وتبين من المعاينة وجود موقعين منهم مطابق للاشتراطات البيئية للمواقع .
كان الفرع قد تلقى عدد ٢٥٠ طلب لفتح مواقع تجميع قش الأرز بمحافظة الدقهلية وجارى دراسة الطلبات ومعاينة هذه المواقع وفقا للإشتراطات المنظمة لهذا الشأن، والتنسيق مع مديرية الزراعة بالدقهلية لاختيار أفضل مواقع مناسبة قريبة من المساحات المنزرعة بالأرز.
وبحسب دراسة بحثية منشورة على الموقع الرسمي لوزارة التجارة والصناعة، وأعدتها الغرفة التجاریة بالشرقیة، تحت عنوان «قش الأرز ثروة قومية مهدرة»، أن هناك العديد من الطرق التي تمكن من الاستفادة من قش الأرز بدلًا من حرقه، ومع هذا لا تزال المشكلة قائمة.
یمكن تحویله عن طریق خلطة بنسبة من المولاس المادة الخام للعسل الأسود، إلى علف مغذي واقتصادي للمواشي، وبذلك یكون ھناك مردود اقتصادي كبیر من خلال توفیر العملة الصعبة اللازمة لاستیراد مكونات الأعلاف وتوفیر آلاف الأفدنة التي تزرع بالذرة والبرسیم.
وأوضحت دراسة لوزارة البترول إمكانیة استخدام قش الأرز في إنتاج وقود الدیزل، ویتم تحویل قش الأرز لغاز حراري بتكنولوجیا صینیة وتم بالفعل إنشاء وحدة في محافظة الشرقیة، وتبلغ كمیة المخلفات من قش الأرز حوالي 3.5 طن قش أرز سنویًا بدون استفادة.
قال الدكتور أشرف مرسى، بمعهد الدراسات العليا والبحوث في الإسكندرية للبحث عن قيمة اقتصادية له، وفكر مع فريق عمله في كيفية استغلال القش في تحلية المياه المالحة، في ظل تحديات أزمة سد النهضة وتخفيض حصة مصر من مياه النيل، واحتياجنا إلى المياه ملحة بصورة كبيرة، ولابد من البحث عن طرق بديلة، ووجدنا أن معظم الدول العربية تلجأ لعملية تحلية المياه.
وأوضح مرسى أنه بعد تحليل قش الأرز وجدنا أن المكون الأساسى لقش الأرز مادة «السيليلوز» بنسبة 60%، ويستخدم في العديد من الصناعات أهمها صناعة الكبسولات الدوائية، لأنه سريع الذوبان ولا يوجد له أثر سلبى على صحة الإنسان، مصر تنتج حوالى 40 مليون طن من المخلفات الزراعية سنويا، قدر الاستفادة منها يتراوح ما بين من 10 و15%، والباقى لا يستفاد منه وليس له قيمة، وتتراوح نسبة «السيليلوز» من المخلفات الزراعية للأشجار 60%، وتصل في قش الأرز إلى 50%، بينما في القطن تصل إلى 95%.
وأشار مرسى إلى أنه في الوقت الذي تصل قيمة القش إلى لا شىء، فمن الممكن تحويل «السيليلوز» لمادة «سيليلوز اسيتيد»، وكيلو القش الواحد نحصل منه على 450 جرام سيليلوز، وهو ما يعنى أننا خلقنا قيمة اقتصادية للقش، ومن الممكن عمل معالجة للقش ونستخلص منه «السيليلوز»، ونحوله إلى «سيليلوز اسيتيد» وهو المسؤول عن حجز الملح عن المياه لأنه يستخدم كغشاء لذلك يستخدم في معالجة المياه المالحة، وبعدها تصبح مياها صالحة للشرب، بل تكون تعدت نسبة المياه العذبة وفقا لشروط الصحة العالمية.