المتابع عن كثب لإضرابات عمال غزل المحلة منذ ديسمبر 2006 وحتى الإضراب فى نسخته الحالية، يستطيع بسهولة تمييز حالة تشيع بين جنبات الشركة المترامية الأطراف، الحالة يمكن تسميتها مجازا «فوبيا الزعامة».
تامر المتولى، أحدث الوجوه الشابة التى انضمت لكتيبة الصف الأول من عمال غزل المحلة، أحد الوجوه التى تخشى وصف «قيادة عمالية» ويصر فى حديثه على وصف «عامل» وفقط، عمره 35 عاما انضم للعمل بالمصنع منذ 13 عاما، يتذكر هو التاريخ جيدا «15 مايو 1999» متزوج منذ العام 2004، ويعمل فى قسم صيانة الملابس.
أصر «المتولى» أن يبدأ حديثه بما أسماه أسطورة صرف الحوافز لعمال غزل المحلة، يوضح قائلاً: «القرار الذى تلاعبت به الإدارة هو إقرار 45 يوماً حوافز للعمال، الرقم قد يوحى لكثيرين أننا نتقاضى من خلاله مبلغاً كبيراً، لكن الحقيقة أن الـ45 يوما على أساسى راتبى الشهرى الذى يصل إلى 347 جنيهات يعنى نحو 500 جنيه نستحقها بقرار انتزعناه فى إضراب سابق ونعتبرها مكافأة شهر رمضان والاستعداد للمدارس».
بعد أن انتهى من توضيح أسطورة الـ45 يوماً، يعود «المتولى» للبدايات التى شكلت منه فيما بعد عاملا واعيا بحقوقه ليس «قياديا ولا يحزنون»، حسبما يقول: «منذ تعيينى فى الشركة عام 1999 لم أحضر إضرابا واحدا، وكانت القضايا التى يتداولها العمال فى نقاشاتهم الجانبية تتركز على إهدار المال العام والتعرف على الفساد المالى والإدارى بالشركة، وكان الراتب رغم محدوديته إلا أنه يفى بمعظم التزاماتنا الشهرية لأن الأسعار آنذاك لم تكن مرتفعة، كما هو الحال الآن، رغم زيادة الرواتب، لكن زواجى عام 2004 تصادف مع الشعور العام بالتضخم الاقتصادى، الجنيه لم يعد يشترى «شقتين الفول» بتوع سنتين قبل هذا التاريخ».
يضيف: «وجاء إضراب 2006 الكبير الذى كان بمثابة بداية الوعى، بالنسبة لى كأحد عمال مصر. فى هذا الإضراب كنا نتعرف على بعضنا، ونتعرف أيضاً على أسرار قوتنا، كان المبيت فى المصنع وسط العمال هو المحدد الرئيسى فى إفراز القيادات التفاوضية المؤمنة بالقضية العمالية، الاختلاط بالصف الأول من العمال ساهم فى رفع وعى كثير من العمال العاديين أمثالى، وبعد نجاح الإضراب تأكدت أن الحقوق تنتزع ولا تمنح من إدارة أو حكومة».
ويستطرد: «فى إضراب سبتمبر 2007 ومع إفراز قيادات جديدة ساهمت بصورة أو بأخرى فى رفع وعى مزيد من العمال، تعلمت منهم «من بعيد لبعيد»، ماكنتش موجود معاهم على ترابيزة واحدة لكن فى الصف الثانى أو الثالث، أساهم فى توزيع بيانات يصدرها هؤلاء، وفى 30 أكتوبر 2008، بدأت المشكلات مع الأمن والإدارة». قد تكون هذه ضربة البداية لتامر المتولى التى دفعت به ليحتل اليوم موقعا متقدما بين العمال، يشرح قائلاً: «عقب انقسام قيادات العمال على الموقف من إضراب 6 إبريل 2008، أو انتفاضة المحلة، وانعقاد الجمعية العمومية للشركة والتى أظهرت تكبد الشركة خسائر وصلت إلى 144 مليون جنيه، نظم مئات العمال، وكنت أحدهم، وقفة احتجاجية تدعو الإدارة للإفصاح عن أسباب الخسائر ومحاسبة المسؤول، وهو مالم يحدث، وتدخل الأمن بطريقته وتسبب فى (نفى) 5 قيادات عمالية من الصف الأول إلى فروع الشركة بالقاهرة والإسكندرية وتوقيع جزاءات وحرمان من العلاوة على 60 آخرين، وكنت واحداً من هؤلاء».