أصبح من المتوقع أن تشهد الدورة 28 لمهرجان الإسكندرية السينمائى التى تقام خلال الفترة من 12 إلى 19 سبتمبر المقبل برئاسة الدكتور وليد سيف منافسة قوية بين عدد كبير من أقوى الأفلام فى المسابقة الرسمية، وسوف يصل عددها لأول مرة إلى 16 فيلما تمثل غالبية دول البحر المتوسط المنتجة للسينما، بل و تمثل أفضل وأرقى مستويات السينما فى بلادها التى حرصت أن تقدم لإدارة المهرجان مختارات من أفضل إنتاجها، وهو ما وضع اللجنة العليا فى موقف صعب للحسم بين الجيد و الأجود.
وتشارك تركيا وحدها بفيلمين من إنتاجها: أولهما يحمل عنوان «لا تنسينى يا إسطنبول» وهو أشبه بمقاطع من قصيدة عشق فى حب المدينة الجميلة، أما الثانى فيحمل اسم «الثعبان» وهو تجربة شديدة الندرة و الأهمية فى مجال الصورة و الشخصية، وهو فيلم تدور أحداثه فى بيئة مميزة و أجواء مختلفة و عبر دراما شديدة الإحكام و عميقة التأثير.
ومن فرنسا يأتى فيلم «على الشاطىء» وهو سايكودراما تدور فى إطار تشويقى حول شرطى كبير يمر بحالة من عدم التوازن و الإحباط يسعى للحصول على أجازة مرضية ويهجر إمرأته و يهيم على وجهه، وتبدأ الأحداث حين يتأكد من موت إمرأة فى شرفتها بملابس السباحة، ويقوم بالإبلاغ عنها بزعم أنه يعرفها، فهل يريد أن يكشف عن أسرار مقتلها أم أنه يعرفها بالفعل وهى سبب مأساته؟، لن تتأكد إلا فى المشهد الأخير الرائع الذى يقفز فيه فى البحر خلف رماد جسدها ليشعر بملمسها و إحساسه بذراتها وهى تتغلغل فى كيانه وكأنه يراقصها، فهل كان هو بالفعل من يذوب فى أحضانها على الشاطىء.
وتنافس المغرب بقوة أيضا وعبر فيلمها «أندرومان من دم و فحم» من إخراج عز العرب العلوى، وهو عن فتاة تعيش فى ملابس الرجال بأمر والدها الذى تعانى من قسوته حين يلمح منها أى مظهر أنثوى، قبل أن تتكشف الحقيقة على مهل و تتضح المأساة بأسلوب درامى بليغ.
لدى الجار الجزائرى أيضا فيلم شديد الرهافة و الإنسانية بعنوان «قداش تحبنى؟» للمخرجة فاطمة الزهراء زموم، والفيلم عن ذكريات صبى خلال فترة إنفصال الأم عن الأب و إقامته مع جده وجدته حيث لقاء بين عالمين يفصلهما الزمن و لكن يجمعهما التعاطف و الحب.
أما فيلم «العدو» فهو من روائع الإنتاج المشترك بين كرواتيا و البوسنة و صربيا، ويدور فى أجواء ما بعد الهدنة وآثار الحرب من قلب المواقع العسكرية و فرق الكشف عن الألغام و تقسيم الحدود، وتتجلى من خلاله صور مدهشة للحياة و المشاعر الإنسانية رغم الأجواء العسكرية، وهو يتميز بصورة سينمائية رائعة و لغة فيلمية متقدمة و أداء تمثيلى حى و متمكن.
أيضا ينتمى فيلم «الصمت المتجمد» الأسبانى للأعمال الكبيرة بكل ما تعنيه الكلمة إنتاجيا و فكريا، وهو يرجع بنا إلى عام 1943 حيث الجنرال فرانكو يبعث بفرقة عسكرية الى روسيا مهمتها مساعدة هتلر فى القضاء على الشيوعية و لكن الجيش الاحمر يتصدى فى عناد و مقاومة مستمرة، ليضيع الاسبان فى أرض غريبة ويواجهوا الموت و الصقيع و تجمد القلوب و الخوف من الخيانة ومن انفسهم.