«نفذ أكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ الإمارات».. هكذا تحدثت وسائل الإعلام الإماراتية عن الملياردير الهندي الهارب من الإمارات بي آر شيتي.
صحيفة «ذا ناشيونال يونال» الإماراتية الناطقة بالإنجليزية، كشفت إصدار محكمة دبي أمراً بتجميد أموال شيتي، بناءً على دعوى قضائية رفعها بنك «كريديت يوروب» ضد شركة «إن إم سي»، و«شيتي»، أمام محاكم مركز دبي المالي العالمي.
وأوضح البنك أن الشركة المملوكة لشيتي متعثرة في دفع ديون مستحقة بقيمة 8.4 مليون دولار (29.4 مليون درهم)، متعلقة بتسهيلات تعود لعام 2013.
وأضاف في دعواه أن «شيتي هرب من الولاية القضائية للإمارات إلى الهند»، وأن «هناك خطراً من تبديد أصوله الكبيرة في الإمارات.»
لأصول المجمّدة تشمل عقارات في أبوظبي ودبي، بالإضافة إلى أسهم في «إن إم سي»، وشركات أخرى، فيما رفض بنك «كريديت يوروب»، التعليق، وقال إنه «لا يعلق على إجراءات التقاضي الجارية»، كما رفض ممثلو شيتي التعليق أيضاً.
وكانت محكمة لندن العليا وضعت «إن إم سي هيلث»، أكبر شركة للرعاية الصحية بالإمارات، قيد الوصاية الإدارية، بطلب من بنك أبوظبي التجاري، هو أكبر مقرضي الشركة، وذلك بعد أن أخفقت الشركة في التوصّل لاتفاق مع دائنيها.
وسبق أن طلب مصرف الإمارات المركزي، في 26 أبريل الماضي، البنوك العاملة في الإمارات بتجميد جميع الحسابات المصرفية لشيتي، وحسابات عائلته إلى جانب حسابات الشركات التي يمتلك فيها حصصاً.
وسبق لرجل الأعمال الهندي أن ألقى باللائمة على مجموعة صغيرة من المسؤولين التنفيذيين الحاليين والسابقين بشركاته، فيما يتعلق بأزمة إن.إم.سي، زاعماً أنهم استخدموا وثائق مزوّرة للاقتراض نيابة عنه.
فمن هو بي آر شيتي؟
وصل قبل أربعين عامًا إلى الإمارات وفي جيبه ثمانية دولارات فقط، وخلال سنوات قليلة بنى إمبراطورية مالية ضخمة جعلته من أغنى أغنياء العالم.
لكن تغريدة غامضة على موقع «تويتر» دمرت أمبراطوريته الوهمية، بدأت حكاية بي آر شيتي عندما وصل إلى أبوظبي ذات صيف من عام ١٩٧٣ وهو شبه معدم، ليعمل كبائع متجول للأدوية والمواد الطبية، وفي عام 1975 كانت بداية التغيير، فقد أسس شيتي عيادة إن.إم.سي هيلث بمشاركة زوجته التي كانت الطبيب الوحيد في العيادة في ذلك الوقت، لاحقاً تحولت العيادة إلى شركة أصبحت هي الأضخم في مجال الرعاية الصحية الخاصة في الإمارات، وكانت من أوائل الشركات في أبوظبي التي يتم إدراجها في الجزء المتميز من بورصة لندن.
وعلى مر السنين امتلك شيتي عددا كبيرا من الشركات عبر قطاعات الصرافة والضيافة والتعليم والأدوية، لتقدر مجلة فوربس ثروته في العام ٢٠١٨ بمبلغ 4.2 مليار دولار.
كان شيتي يتنقل على متن طائرته الخاصة، ويتباهى بعشقه للسيارات الفارهة والكلاسيكية ويأخذ الضيوف إلى جولة في طابقين يمتلكهما ببرج خليفة في دبي، أعلى برج في العالم، وكان موقعه الشخصي يعرض لقطات له وهو يتبادل المزاح مع مشاهير السياسة، وبيل غيتس ونجوم السينما الهندية.
ولكن في أغسطس 2019، تغير كل شئ، حيث جاء في تغريدة غامضة على «تويتر»: «مادي ووترز الآن في فترة تعتيم حتى الغد الـ8 صباحا بتوقيت لندن، حيث سنعلن عن تقرير قصير يتضمن فشلاً حسابياً محتملاً يمكن أن يؤدي لأزمة سيولة، المستثمرون متفائلون بشأن هذه الشركة، نحن لسنا كذلك».
وفي ذلك اليوم عندما نشرتمادي ووترز كابيتال تغريدتها الغامضة، انخفضت أسهم شركة شيتي إن.إم.سي هيلث.
وقالت مادي ووترز كابيتال: «غردنا بتعليق غير ضار حول نيتنا بدء حملة في اليوم التالي على شركة مدرجة في لندن دون أن نسميها. حدث انخفاض شركة إن.إم.سي هيلث بشكل ملحوظ بعد التغريدة، كان ذلك مؤشرا قويا جدا على أن السوق يعرف أن شيئا ما ليس على ما يرام في الشركة، لذلك ألقينا نظرة…“.
بعد 4 أشهر أصدرت «مادي ووترز» تقريرا دامغا في الـ17 من ديسمبر، فجر سلسلة من الأحداث الصادمة للدائنين في الإمارات وحول العالم، وباتت شركة إن.إم.سي هيلث متهمة بتزوير الحسابات، وتواجه تهم الاحتيال وجرى وقف تداول أسهمها، بعد انخفاض قيمتها بأكثر من النصف.
وكشف تحقيق خاص أنها كانت تخفي ديونا بمقدار 4.5 مليار دولار في عام 2019، واكتشفت شركة الخدمات المالية فينابلر (Finablr) التابعة لشيتي أيضا، وهي شركة مدرجة في بورصة لندن وتمتلك شركة «الإمارات للصرافة»، أنه قد تم إصدار شيكات بقيمة 100 مليون دولار دون علم مجلس الإدارة.
استقال كبار التنفيذيين في الشركتين أو تم فصلهم، واستقال شيتي من منصبه كمدير ورئيس غير تنفيذي لشركة إن إم سي هيلث، وهو الآن يواجه اتهامات جنائية في أبوظبي ولندن بالتزوير والاحتيال، وأصبحت «إن إم سي هيلث» تدين بالمال لأكثر من 80 مؤسسة مالية، بمجموع ديون يقدر بـ6.6 مليار دولار، ثلثها يعود لبنوك وشركات إماراتية.
ومع اندلاع الأزمة سافر شيتي إلى الهند في فبراير، في رحلة فسرها البعض على أنها هروب من الملاحقة القضائية، لكن شيتي ادعى أنه سيعود إلى الإمارات وأن رحلته كانت لرعاية أخيه الأكبر المريض، والذي توفي في وقت لاحق.