قالت مجلة «فورين بوليسي»، الأمريكية، الجمعة، إن أكبر كذبة في تاريخ النزاع «الفلسطيني- الإسرائيلي»، هي «زعم إسرائيل الدائم بحرصها واهتمامها بتحقيق السلام العادل والشامل، وأن العائق الوحيد لذلك هو رغبة الفلسطينيين في تدمير الإسرائيليين».
وأضافت المجلة أن هذه الفكرة تم تسويقها وإعادة إنتاجها بشكل كبير في الولايات المتحدة ودول أخرى، وأن بعض المحللين المنصفين أيقنوا بأن الرواية الإسرائيلية حول سبب فشل عملية السلام «مزيفة»، ذلك أنهم يعرفون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، الذي وقع على اتفاقية «أوسلو» لم يفضل أبدا خيار إقامة دولة فلسطينية، وأن الفلسطينيين بالرغم من أخطائهم عرفوا أن ما قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك في كامب ديفيد عام 2000، يظل غير كاف للوصول إلى حل الدولتين بشكل حقيقي.
وذكرت المجلة أن الأسابيع الأخيرة شهدت انكشاف النقاب تمامًا عن هذه الحجة الإسرائيلية، وهو ما وضحه محلل إسرائيلي بصحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، حين قال، إن «القيادة الفلسطينية اتخذت قرارا استراتيجيا منذ زمن طويل بالقبول بحل الدولتين، وهو ما تقبلته الجامعة العربية بالإضافة لبعض الهيئات الدولية، إلا أن إسرائيل تتحرك في اتجاه آخر يجعل تنفيذ هذا الحل أمرا مستحيلا ومقوضا في ذات الوقت للديمقراطية الإسرائيلية».
وتابع المحلل السياسي أن النهج الإسرائيلي ظهر في تعميق سياسة «الفصل» لفرض قدر أكبر من التحكم على الأرض دون التخلي عن الهوية اليهودية، كما عملت تل أبيب على خلق نظم قضائية منفصلة إحداها للإسرائيليين والأخرى لسكان الأراضى المحتلة، وقامت أيضا بتقسيم هؤلاء الذين يعيشون في الأراضي المحتلة على أساس التمييز العرقي.
وقالت «فورين بوليسي» إن ما تقوم به إسرائيل الآن ببساطة هو «تطهير عرقي بطيء»، حيث تم استبدال طرد الفلسطينيين بقوة كما حدث عامي 1948 و1967 بتأزيم أوضاع الفلسطينيين، بحيث يكون بقاؤهم على الأرض مستحيلا، مع مرور الوقت ليغادروا بلادهم بإرادتهم.
وأضافت المجلة أن «فهم الوضع في إسرائيل يساعد على معرفة من هم أصدقاء إسرائيل ومن يهددون مستقبلها، وأن أصدقاءها قد لايكونون ملتزمين بها عاطفيًا، إلا أنهم يدركون أن الاستيطان يعتبر كارثة لإسرائيل، وهو ما سيحكم أفعال الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين يريدان تجنب هذه الكارثة الحتمية في المستقبل».
وأشارت المجلة إلى أن «أصدقاء إسرائيل يعلمون أن أفعالها في غزة ولبنان والضفة الغربية وسياساتها تجاه إيران ستسحب الشرعية والدعم اللذين كانت تتمتع بهما من قبل حتى يهود العالم».
واختتمت المجلة تقريرها بالقول إن «الوجود الأمريكي في المنطقة تم تلويثه بسبب العلاقة الخاصة مع إسرائيل، وفي ظل سياسات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وقد دفعت هذه العلاقة القادة الأمريكيين لاتخاذ مواقف أكثر التواءً ونفاقًا حول حقوق الإنسان، وسياسات عدم التسلح، ودعم الديمقراطية، وشرعية القوة العسكرية، ليصبح هؤلاء القادة عاجزين في كل مرة ينددون فيها بالأفعال الإسرائيلية».
وأوضحت أن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية تجعل الساسة في واشنطن يركزون تفكيرهم على دولة صغيرة مهملين بذلك الدول الأخرى، لتصبح بذلك الولايات المتحدة داعمة للمتطرفين من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وزيادة الكراهية بينهما على نحو يجعل سياسة دعم السلام بين الطرفين الأكثر فشلا في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية.