قرر موقع التواصل الاجتماعي تويتر تعليق أكثر من 7 آلاف من الحسابات المرتبطة بمجموعة «كيو آنون» الأمريكية التي تنشر نظريات المؤامرة، والمدعومة من الرلائيس الأمريكي، دونالد ترامب.
ووفق قناة «فرنسا 24» فإن لبعقوبة تأتي بعد أن نجحت هذه الحركة في اختراق المشهد السياسي الأمريكي، والتحق بها عشرات المرشحين الجمهوريين في انتخابات الكونجرس المقررة في شهر نوفمبر المقبل والذين يتبعون نظريات الشخصية الغامضة «كيو» (Q).
ونظرية حركة «كيو آنون» تعد في الواقع واحدة من أكثر النظريات الجنونية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، حيث بدأت منشورات الحركة في الظهور في عام 2017 على موقع 4Chan الطائفي، الأرض الخصبة للتعبير عن جميع الآراء حول كل المواضيع، وتمحورت حول رسائل شخصية «كيو» (Q) الغامضة، التي يعتبرها متابعوه مسؤولا رفيعا في الإدارة الأمريكية عازما على كشف الحقيقة حول مؤامرة واسعة وراء الكواليس.
لذلك يجد الجمهوريون أنفسهم واقعين في حرج كبير، وفق صحيفة «نيرويورك تايمز» الأمريكية، فإدانة مرشحي «كيو آنون» سيتعارض بصورة صارخة مع إرادة سيد البيت الأبيض، الذي سيكون هو أيضا مرشحهم وبطلهم في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
وأضافت أن الجمهوريين سيخاطرون عند اعتمادهم لسياسة النعام ودفن الرؤوس في الرمال، بالسماح لذئب، تعتبره المباحث الفيدرالية خطرا داهما، بالدخول إلى حظيرة الحزب الجمهوري.
وربما يظهر قرار تويتر، الصادر أمس، تعليق 7000 حساب ذات صلة بحركة «كيو آنون» المؤيدة لترامب والتي تنشر العديد من نظريات المؤامرة، وكأنه محاولة جديدة من قبل عملاق المدونات القصيرة للحد من انتشار التضليل على شبكات التواصل الاجتماعي.
لكن منذ ظهورها في الأرجاء التي تجمع أصحاب نظريات المؤامرة على الويب في 2017، استطاعت هذه الحركة، التي تصور دونالد ترامب على أنه الحصن الوحيد ضد مؤامرة نخبة شيطانية عقدت العزم على السيطرة على جميع السلطات في الولايات المتحدة، وأن تجد لها جمهورا أكبر من أي وقت مضى ساعدها على الظهور في المشهد السياسي الأمريكي.
وأضافت القناة الفرنسية، أن «مايك كارجيل في كاليفورنيا ولوران بويبرت في كولورادو ومارجوري تايلور جرين في جورجيا» هم من بين هؤلاء المرشحين، ومعظمهم من الجمهوريين، لانتخابات الكونجرس المقررة في شهر نوفمبر المقبل الذين لا يخفون تعاطفهم مع حركة «كيو آنون».
وأوضحت أنه من الصعب معرفة عدد الداعمين للنظرية العبثية لهذه الحركة الذين يسعون لدخول الكونجرس. موقع «وسائل الإعلام تهم» قدر في يناير الماضي، بأن أكثر من 60 مرشحا يمكن اعتبارهم أتباعا لهذه الحركة، لكن لم يتبق منهم سوى 11 شخصا لا يزالون في السباق الانتخابي من بين 435 مقعدا، وفقا لموقع أكسيوس، الذي اكد ان هذا العدد هو عدد كبير بالفعل.
وكما تفسر «رابطة ضد التشهير»، وهي منظمة تكافح العنصرية، آراء ومعتقدات هذه الحركة، فإنه وفقا لهذه النظرية، يرجع الفضل «لجنود» «كيو» في انتخاب دونالد ترامب، المرشح الوحيد في انتخابات عام 2016 الرئاسية الذي يمتلك ما يكفي من الفضائل الأخلاقية للقضاء على عصابة أتباع الشيطان الذين يقومون بالتضحية بالأطفال على مذبح السلطة.
ومنذ ذلك الحين، وهم يعملون بجدية من وراء الشاشات ولوحات المفاتيح لحماية ومساعدة «بطلهم» ضد شرور العدو، هذا العدو العظيم الذي يجمع بين الديمقراطيين ووسائل الإعلام وشركات الأدوية... وبالطبع الملياردير الأمريكي جورج سوروس المستهدف الأبدي لمعظم نظريات المؤامرة التي يروج لها أنصار اليمين المتطرف.
وأشارت «فرنسا 24» إلى أن الحركة تعتقد أن الديمقراطيين على وجه الخصوص- بدءا من هيلاري كلينتون- يستغلون السلطة وحصاناتهم لإدارة شبكة واسعة من الإتجار بالأطفال.
ولأتباع الحركة إشارات تعريفية خاصة بهم وتتمثل بصورة رئيسية في وسوم مشفرة منتشرة على تويتر أو يوتيوب، ومن أشهر تلك الوسوم وأكثرها شيوعا وسم ( #WWG1WGA ) الذي يعني «أينما يذهب واحد منا نذهب جميعا».
وقد ظهر هذا الوسم على الملف التعريفي لموقع تويتر بالمرشح الجمهوري مايك كارجيل. وسم آخر هو
( #Trusttheplan ) الذي يشير إلى تصميم السيد «كيو» على إنهاء المؤامرة، يظهر بانتظام في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بأنجيلا ستانتون كينج المرشحة في جورجيا.
حتى إن هذه الأخيرة قد حصلت على دعم رسمي من الحزب الجمهوري، الذي دفع 2200دولار لمساعدتها في حملتها الانتخابية، على الرغم مما تثيره من ضجة وجدل على شبكة الإنترنت، إضافة إلى حقيقة أنها أدينت في قضية سرقة سيارة.
سياسة غض النظر التي يتبعها الجمهوريون تجاه هؤلاء المرشحين تبدو مثيرة للإزعاج وبخاصة منذ أن أكد مكتب التحقيقات الفدرالي رسميا في مايو أن حركة «كيو آنون» تشكل «خطرا محتملا لنشر الإرهاب المحلي»، بعض أنصار هذه الحركة انتقلوا بالفعل إلى مرحلة الفعل، ففي مارس 2019، أطلق رجل النار على زعيم عائلة جامبينو المافيوية وقتله، لأنه كان يعتقد أن الأخير عمل مع المتآمرين في «النظام» لإيذاء دونالد ترامب، وامرأة أخرى في مونتانا اختطفت طفلها الذي فقدت حضانته، لأنها كانت تعتقد أن سلطات شؤون الأسرة تتاجر بالأطفال لصالح تلك النخبة الشيطانية المتخفية.
لكن في الحقيقة لا يفعل الجمهوريون شيئا سوى السير على خطى دونالد ترامب، فالرئيس الأمريكي أعاد مرارا وتكرارا تغريد الرسائل التي تشير إلى نظرية المؤامرة هذه، حتى إنه هنأ مارجوري تايلور جرين، واحدة من أنصار «كيو آنون»، لبلوغها مركزا متقدما في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بمقاطعة جورجيا، وهي التي أعلنت بصورة خاصة خلال الحملة الانتخابية أن «كيو آنون» كانت «فرصة فريدة للتخلص من الزمرة الشيطانية لمستغلي الأطفال» التي تسيطر، على حد قولها، على دهاليز السلطة.
ويبدو أن التعاطف الذي عبر عنه دونالد ترامب لهذه الحركة ليس أمرا مفاجئا، ففوق كل شيء هو غالبا ما يوصف «بالرئيس المتآمر». لذا فهو يشعر مع «كيو آنون» بأنه وسط عائلته.
وكانت إعادة ترتيب البيت وتنظيف الإدارة في واشنطن أحد الوعود الانتخابية التي قطعها على نفسه حال فوزه بانتخابات عام 2016.
وهو ما سمح له بجمع ائتلاف كبير من الناخبين المناهضين للنظام و«كيو آنون» تمثل الجناح الأكثر تطرفا بينهم كما يقول الباحث في جامعة ميامي جوزيف أوسينسكي المتخصص في الجماعات السياسية الهامشية، لصحيفة «نيويورك تايمز».