«المصري للدراسات الاقتصادية» يصدر «رأي في أزمة» لتحليل تداعيات كورونا على مصر

كتب: إسراء محمد علي الأربعاء 22-07-2020 23:12

بينما يشترك العالم أجمع في الخطوط العريضة للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا 19-COVID غير المسبوقة في تاريخه الحديث، تبقى خصوصية تأثر كل دولة مرتبطة بطبيعة المنظومة الاقتصادية بها، ومدى قدرتها على تحمل هذه التداعيات وسرعة التعافي منها.

في ضوء هذه الخصوصية في التأثر وضرورة دراسته قطاعيا لمواجهته بشكل صحيح على مستوى الدول، يقوم المركز المصري للدراسات الاقتصادية ECES في مبادرة منه، بإصدار مجموعة تقارير «رأي في أزمة»، والتي تهدف إلى تحليل تداعيات الأزمة على مصر بالنسبة لعدد من القطاعات الإنتاجية والخدمية الحيوية وعلى أهم المتغيرات الاقتصادية الكلية.

وتأتي هذه المبادرة من منطلق الإيمان بأن المرحلة الحرجة الحالية تتطلب توجيه جهود الدولة لتحقيق هدفين رئيسيين وهما: توفير الحياة الكريمة للمواطن المصري خلال الأزمة وفي مرحلة التعافي، والحفاظ على الاستثمارات القائمة بالفعل خاصة المحلية ومساعدتها على تجاوز األزمة والاستعداد للانطلاق السريع مع التراجع التدريجي لحدة الأزمة وتعافي الاقتصاد العالمي تدريجيا.

وتقوم منهجية التقارير على تحليل صدمات العرض والطلب المرتبطة بدورة الأزمة «cycle crisis»في مراحلها المختلفة. ونظرا لعدم وجود بيانات تفصيلية عن درجة تأثر كل قطاع، يقوم التحليل القطاعي للمركز على افتراضات منطقية ترتبط بطبيعة القطاع ودرجة تأثره بأزمات عنيفة سابقة- أقل حدة من الأزمة الحالية بالتأكيد، ومختلفة في طبيعتها- ولكنها تمثل نقطة بداية لالجتهاد العلمي المطلوب في هذه المرحلة وعلى وجه السرعة.

وتجتهد التقارير للتوصل إلى تصور تفصيلي عن حجم وتوجه التأثر في كل قطاع حاليا وحتى انتهاء الأزمة، بحيث يتم بقدر الإمكان اقتراح حلول سريعة مطلوبة لتقليل اآلثار السلبية بشكل متوازن ومتكامل الأبعاد تستكمل الجهود الجادة التي تبذلها الدولة في هذا الشأن، فضال عن طرح حلول أخرى على المدى الأطول تخص أوجه الضعف المؤسسي الموجود بالفعل والذي كشفته الأزمة بوضوح وحان الوقت لإصلاحه جذريًا بما يحسن من الجهود التنموية في مرحلة ما بعد الأزمة.

وأردف التقرير أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة الأهمية الاقتصادية للقطاع الخدمي في توفير الطعام والشراب الجاهز، حيث ارتفعت معدلات تناول وجبات الطعام والشراب خارج المنزل، وكذلك معدل تناول الأطعمة المجهزة التي يتم جلبها من المطاعم، وهو ما انعكس على حجم مبيعات ذلك القطاع والتي قدرت بحوالي 8 مليار دولار خلال عام 2018.

ويمثل الإنفاق الأسري على الطعام خارج المنزل نسبة كبيرة من حجم الإنفاق على الأطعمة والمشروبات بجميع أنواعها، والذي يقدر بحوالي 200 مليار جنيه مصري سنويا بنسبة تصل إلى 46 %من حجم الإنفاق الكلي للأسر المصرية طبقا لبيانات مسح الدخل والإنفاق عن عام 2017-2018.

وتتنوع مرافق تقديم الطعام والمشروبات خارج المنزل، فمنها منافذ تقديم الوجبات السريعة، ومنها المطاعم الكلاسيكية والشعبية، وكذلك الكافيهات والمقاهي والعربات وغيرها.

وأضاف التقرير أن المصادر التقليدية لقطاع خدمات الطعام والشراب خارج المنزل تتمثل بالأساس في كل من المطاعم والفنادق المختلفة، ويضاف إليها الخدمات الغذائية المقدمة من المؤسسات والهيئات، والتي يكون جزء كبير من خدماتها مقدم بالأساس من خلال سلاسل للمطاعم والكافيهات.

- وتحتل المطاعم والكافيهات المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية النسبة الأكبر من حجم تلك الخدمات الغذائية المقدمة خارج المنزل نتيجة للتطورات الهيكلية داخل سوق العمل المصري خلال العقود الماضية، وهو ما انعكس على حجم الاستثمارات في ذلك القطاع،

وزيادة عدد المنافذ بشكل ملحوظ في كل أرجاء الجمهورية، حيث بلغ إجمالي إيراداتها4 حوالي 104 مليار جنيه في عام 2017

- أما بالنسبة للفنادق وأماكن اإلقامة، فتحتل الخدمات الغذائية المقدمة نسبة كبيرة من إيراداتها حيث تتراوح ما بين 37 إلى 40 %من إيرادات تلك الفنادق، بل وتصل في بعض الأحيان إلى نسب تفوق 75 %من الإيرادات خاصة في بعض فنادق الخمس نجوم والتي تقدم أطعمة ومشروبات ذات جودة عالية وتكون أغلبها مستوردة من الخارج، وقد بلغ حجم الأنفاق عليها من قبل الفنادق حوالي 28 ملايين دولار خلال عام 2015، وتحتل اللحوم والدواجن والأسماك نسبة تصل إلى 85 %من حجم ذلك الإنفاق.

ارتبطت تلك التطورات بتغيرات هيكلية على جانبي العرض والطلب، حيث تمثلت على جانب العرض في زيادة حجم القطاع غير الرسمي، وزيادة نسب البطالة، وعدم انتظام العمل، أما التغيرات على جانب الطلب فترجع إلى قضاء العديد من المواطنين معظم أوقاتهم خارج المنزل، وخروج العديد من النساء إلى سوق العمل.

أما فيما يخص المؤسسات والهيئات المختلفة فإن هناك العديد من المؤسسات التي يدخل من ضمن خدماتها تقديم خدمات غذائية كالمستشفيات الحكومية والخاصة من خلال تقديم الوجبات للمرضى، وكذلك الحال للقوات المسلحة وغيرها، وتتنوع تلك الخدمات الغذائية المقدمة ما بين مطابخ مركزية يتم توزيع الطعام من خلالها لجميع الوحدات، ويتولى إدارتها شركات خاصة أو سلاسل مطاعم مشهورة عن طريق المناقصات، أو مطابخ يقوم عليها العاملين بالمكان، وبالرغم من صعوبة الحصول على بيانات تفصيلية لتلك المؤسسات، إال أنه يقدر حجم الإنفاق على التغذية بوزارة الصحة بحوالي 28 مليون دولار خلال السنة المالية 2017-2018، كذلك يقدر حجم استثمارات كل من وزارة التربية والتعليم، ووزارة الزراعة، ووزارة التضامن الاجتماعي في برامج التغذية بالمدارس حوالي 5.56 ملايين دولار.

ونتناول فيما يلي بالتفصيل تحليلا لقطاع خدمات الطعام والشراب المقدم من قبل المطاعم والكافيهات داخل السوق المصري، حيث تحتل المطاعم والكافيهات بجميع أنواعها نسبة تصل إلى 5 %من حجم إجمالي المنشآت الاقتصادية في مصر، وتعد الثانية في الحجم بعد قطاع التجزئة والجملة، حيث ي قدر عددها بحوالي 180 ألف منشأة على مستوى الجمهورية، وينفرد القطاع الخاص بالسيطرة الكاملة على حجم القطاع.

وبقياس حجم تلك المنشآت بالنسبة للمساحة الكلية المأهولة للسكان في مصر والتي تبلغ حوالي 79 ألف كم، نجد انتشار كثيف للمطاعم والكافيهات في جميع أنحاء الجمهورية، حيث يتواجد مطعم أو كافيه في كل 400 متر تقريبا من مساحة الجمهورية.

وبلغت قيمة الأصول الثابتة للقطاع حوالي 21 مليار جنيه وتشمل المباني والأثاث والمعدات وغيرها، بينما قدرت القيمة المضافة الصافية له بحوالي 46 مليار جنيه، وذلك وفقا للتعداد الاقتصادي الأخير الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

أما بالنسبة المصروفات فقدرت بأكثر من 60 مليار جنيه، وتشكل المستلزمات السلعية من خامات رئيسية وبضاعة وكهرباء ومياه وغيرها نسبة تصل إلى 73 %من قيمة هذه المصروفات، وحوالي 4.3 %من قيمتها للمصروفات الخدمية كالدعاية والصيانة والتنقلات وغيرها، ونسبة 23 %مصروفات أخرى خاصة بالإيجارات وفوائد البنوك والضرائب وغيرها.

ويشير التقرير إلى أن طبيعة القطاع يغلب عليها المنشآت الصغيرة والتقليدية والتي وصلت نسبتها إلى 97 %من حجم المنشآت على مستوى الجمهورية، حيث يلاحظ أن هناك أكثر من75 %من المنشآت يعمل بها عمال يتراوح عددهم ما بين عامل إلى أربعة عمال، وحوالي21 %من المنشآت يتراوح أعداد العاملين بها من 5 إلى 10 أفراد، بينما هناك45 منشأة فقط يقدر عدد العاملين فيها بمائة عامل، ويوضح الشكل 2 النسب المؤوية لعدد المنشآت طبقا لفئات رأس المال المستثمر، ووفقا آلخر تعداد اقتصادي صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

أما بالنسبة للمشتغلين في المجال فأنه قطاع كثيف العمالة، ويقوم بالأساس على عدم توافر المهارات خاصة للعمالة الفنية وعمالة التشغيل والتي تصل نسبتها إلى 70 %من إجمالي المشتغلين بالقطاع، والذي تم تقديرهم بحوالي 700 ألف عامل بناء على التعداد الاقتصادي الأخير، بنسبة تتجاوز 5 %من إجمالي العاملين بالأنشطة الاقتصادية داخل الدولة.

- ولكن وفقا لمصادر غير رسمية فقد تم تقدير عدد العمال بحوالي 2 مليون عامل أي بنسبة تصل إلى 3 أضعاف الرقم الرسمي المعلن، ولعل ذلك التفاوت في التقديرات يرجع بشكل أساسي إلى طبيعة القطاع والذي يغلب عليه العمالة غير الرسمية أي الذين يعملون دون عقود أو تأمينات، وكذلك العمالة غير المنتظمة والمؤقتة من عمال للدليفري وغيرهم والذين يجدون في المطاعم والكافيهات فرصة عمل إضافية لزيادة الدخل اليومي لهم.

وتشمل تلك النسبة عمال التشغيل وعمال الخدمات الفنية، وعمال البيع، ومشتغلين آخرين، وتتعدد تلك المصادر ما بين تقارير صحفية، وتقديرات خاصة بخبراء داخل القطاع.

وتختلف طبيعة العاملين من حيث الحالة التعليمية، وتشكل المؤهلات المتوسطة والأقل من المتوسطة النسبة الأكبر من إجمالي الحالة التعليمية للعمال بنسبة تصل إلى 62%.

وبالنظر إلى سوق المطاعم والكافيهات، نجده ينقسم إلى منافذ مستقلة وهي تلك التي لها فرع أو أكثر، أو تلك المرتبطة بالسلاسل العالمية أو المحلية، والتي تمتلك الكثير من الفروع في جميع أنحاء الجمهورية، ويوضح الجدول 1 اختلاف نسب المبيعات ومعدلات النمو بهذه المنافذ، وكذلك أهم الخصائص لكل منها، حيث تشكل المطاعم والكافيهات المستقلة النسبة الأكبر من مبيعات القطاع، بينما تبقى معدلات نمو السلاسل أعلى من معدلات نمو تلك المطاعم المستقلة.

وكشف التقرير عن أن الإنفاق الأسري على الدخان والمشروبات الكحولية نسبة تصل إلى 7.4 %من إجمالي الإنفاق السنوي للأسرة طبقا لبيانات مسح الدخل والإنفاق. 15

وعن أثر الأزمات السابقة على قطاع المطاعم والكافيهات في مصر يتم هنا التركيز على مرحلتين هما ثورة 25 يناير في 2011، وبداية الإصلاح الاقتصادي وفي القلب منه تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، ويأتي اختيار كل منها نظرا لما أحدثته من تأثير على قطاع الأطعمة والمشروبات، وكذلك ارتباطهما بدخول الأفراد والقوة الشرائية للمستهلكين وارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، فضلا عن اللوجستيات المرتبطة بالحصول على الغذاء.

ومن المهم هنا الإشارة إلى طبيعة الاختلافات بين الأزمتين، حيث ارتبطت ثورة 2011 بمشاكل أمنية بالأساس وارتفاع معدلات التضخم والتي كان تأثيرها سريعا على قطاع المطاعم والكافيهات، بينما ارتبطت أزمة تحرير سعر الصرف بمشاكل متعددة كارتفاع سعر الدولار، وانخفاض القوة الشرائية، وتراجع مستويات دخول الأفراد، لذا كان تأثيرها أكثر عمقا، وأبطأ في التعافي مقارنة بأزمة 2011، والتي من المتوقع استمرارها حتى اليوم بالرغم من عدم توافر بيانات خاصة بالقطاع منذ 3 سنوات.

وبالرغم من تطور قطاع المأكولات والوجبات السريعة في مصر بشكل سريع نتيجة الظروف الاقتصادية، والاجتماعية المتنوعة، خصوصا في المدن الرئيسية ذات الكثافة السكانية العالية، إلا أنه يلحظ التباطؤ والتراجع الشديد لنمو القطاع خلال فترات الأزمات وهو ما يظهر جليا في الشكلين 4 و5 حيث يلاحظ تراجع عدد المنشآت الجديدة خلال عامي2011 و2017 بنسبة تقدر بحوالي 26 % خلال الأزمتين.

كما أدت هاتان الأزمتان إلى انخفاض درجة الاستقرار الوظيفي وذلك لغلبة القطاع غير الرسمي الذي يسيطر على مساحة كبيرة من القطاع وهو ما يعني انتقال العمالة غير الرسمية من أعمال منتظمة إلى أخرى غير منتظمة مما يثبت حرمانهم من دخل ثابت.

أزمة فيروس كورونا

المرحلة الأولى: ظهور الفيروس

شهدت بداية الأزمة وتفاقمها في الصين فقط، ولم يتأثر بقية العالم ومنه الدول العربية والأوروبية بالأزمة بعد.

المرحلة الثانية: بداية الانتشار

انتشار واسع للفيروس عالميا، بدأت الدول العربية في التأثر مع نهاية فبراير وبادرت باتخاذ تدابير احترازية منعا لانتشار الفيروس، تأثر كبير في الدول الأوروبية.

المرحلة الثالثة: تفاقم المشكلة

تفاقم الوضع في العالم وإجراءات مشددة في الدول العربية، وخاصة السعودية، والأوروبية، وتفاقم كبير للأزمة في إيطاليا وبدايات انحسار الفيروس في الصين، وبداية انتشاره في الولايات المتحدة الأمريكية.

المرحلة الرابعة: انحسار الأزمة

بداية التعافي من الفيروس عالميا بدءا من الصين ثم الدول الأوروبية يليها الدول العربية، بينما الولايات المتحدة مازال بها مشكلة.

المرحلة الخامسة: التعافي

التعافي الكامل بشكل تدريجي لجميع الدول وفي مؤخرتها الدول العربية بحكم قوة تأثرها بالاقتصاد العالمي وضعف تأثيرها فيه.

أما بالنسبة لصدمتي العرض والطلب فيتم تعريفهما كالتالي:

- صدمة الطلب: يقصد بها انخفاض الطلب على المنتجات الغذائية المباعة في المنافذ المختلفة نتيجة الأزمة.

- صدمة العرض: يقصد بها عدم قدرة منافذ البيع المختلفة على طرح المنتجات وتقديم الخدمات نتيجة الأزمة والإجراءات الاحترازية.

و تم الحصول على تلك النسب من خلال مسح أجراه المركز المصري للدراسات الاقتصادية لعدد محدود من المطاعم والكافيهات من مختلف المحافظات على مواقع 18

التواصل الاجتماعي «facebook، «وكذلك من خلال تسجيل مصور لمركز المشروعات الدولية الخاصة «CIPE«بتاريخ 30 إبريل 2020.